شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
-23-
صديقي:
أتمنى لقياك.
ها أنا اليوم ألقاها.. ألقى ((هبوب)) الجميلة في وجهها الوسيم. وقوامها اللدن، وأطرافها الدقيقة تتخطر على كثيب من الرمل الناعم تخطر الحمام في حصباء الحرم، بين قائتباي وباب بني العباس.. وصافحتني بسمة شارفة تشيع على شفتيها الرقيقتين، وترسم ظلالها على ما اتسع في جبينها الناصع الوضيء، فشعرت بهزة اضطرب لها كياني، وخفقة يلتاع لها ما بين جوانحي؛ وأحسست أن فؤادي يغور في آماد عميقة لا أعرف مستقرها ومستودعها.
وكأنها أحست بكل ما ينتابني، وطالعتها آثار واضحة من الصفحة الشائعة في صفحة وجهي فاتَّأدت في خطاها ثم وقفت تتشاغل بتضفير خصيلة كانت تتهدل على جانب من كتفها كأنها تريد أن تترك لي فرصة أسترد فيها ثباتي، وما اطَّرد من أنفاسي، ثم استأنفت خطراتها في أناة ورقة، ثم عادت للوقوف في رشاقة النفري؛ ثم بادرتني بالتحية في صوت يكاد لفرط حنانه يذوب في كلماتها.
واستجمعت ما تبدد من جأشي، واستعدت ثباتي في صرامة القوي، وقدمت يدي أصافحها، وأضغط في ترفق على أناملها الرخوة الناعمة.
قالت أحموضة الليمون.. ترسل إشارتها إلى مراكز المخ فترسله هذه بدورها إلى حساسية الذوق من فمك فتؤدي وظيفتها في إفراز اللعاب الذي أرى (1) .
هو ذاك ولكنها في هذه المرة حموضية (اليوسفي) في لذاذته، وروائه، ولونه البهيج.
قالت وقد استأنفت مصافحتي وهي تغمز يدي بمثل الضغط الرقيق الذي ضغطت به أناملها: كنت أتمنى لو تمتعت بحديثك العذب ساعة ولكنني على موعد مع إحدى السيدات في هذا القاع المنفرد فاعذرني.. وإلى الملتقى على هذا الكثيب في الهدأة الأخيرة من الليلة الآتية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :342  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 106 من 114
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.