الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > -22-

-22-

صديقي:

طابت حياتك.

لا تستكثر على الجن نزهاتهم فهم هنا يعنون بها كما يعنون بغذائهم من شربة الفحم و ((طير السراج)) المشوي، ويجعلون للهو ما يجعلون للجد من قيمة في حياتهم.

وهم في لهوهم يرسلون نفوسهم على سجاياهم، ويمارسون ألعاباً خاصة بهم أو يتفرقوا أشتاتاً بين ليات التلاع ليتسابقوا في أشواط تثير الضحك. وينطوي بعضهم بانطواء المغاور في سفوح الجبال فيسترخي ثم يترك أحاسيسه تنام في هدوء الغافي، وسكينة المستغرق. ويظل في استرخائه هادئاً مدة تطول أو تقصر بنسبة حاجته إلى الاستغراق. إنهم هنا يعلقون كثيراً على هذا الاستحمام، ويرون أن الفضل في نشاطهم وتوثب حيويتهم يعود في جل نواحيه إلى استغلالهم الفرص الخاصة بألعابهم ورقصهم.. استغلالاً مفيداً طيباً.

ستقول إنك لم تنقل إليّ جديداً بالنسبة إلى مواضيع كهذه أصبحت نتائجها شيئاً ملموساً.. وليتك تدري أنني جابهت بهذه القوة زميلاً لي من عفاريت الملاوي ⁽¹⁾ على أثر مناقشة كانت بيننا في فوائد الاستحمام والنزهة، وأنني قلت له: ((أتراني من الغباء والبساطة بحيث يعوزني فهم الفوائد الملموسة في هذا؟)) فما زاد على أن قال: ((أنا لا أعني بفهمك بقدر ما أعني بتطبيقك.. فهذا مسرح بني قومك على مرمى بصري هامداً بهمود الأموات، لا تترتب فيه حركة ولا ينبض فيه عرق)).

ثم قال: ((إننا هنا يا صاحبي نتوسع في تهيئة المواسم الحافلة باللعب فنجعل لكل مناسبة عيداً، ولكل عيد احتفالاً، ونترك الأعياد تتقارب مواسمها، ولا تتباعد مناسباتها، فراراً من سأم الحياة الرتيبة، وتنويعاً لأشكالها، ففي التنويع تجديد للحرية، وفي الحركة نشاط، وفي الاستحمام شحذ للعزائم وتوثُّب)).

والواقع أنني وإياك نعرف أنها حقائق ليس فيها جديد بالنسبة لما نعلم.. ولكني كنت أشعر أني أستحق الكسوف، وأن في إعراضنا عن مثل هذه الحقائق ما يدعو إلى الأسف؛ ويحمل على شديد الخجل.

طباعة

تعليق

القراءات :368

التعليقات :0

صفحة 105 من 114

من ألبوم الصور

المزيد >>

من أمسيات هذا الموسم

بتاريخ: 27/04/1436ھ الموافق: 02/16/2015م

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.

المزيد >>