شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الرجولة بين خيَام العرب
عاش العربي في خيمته أول ما عاش قبل أن ينطلق تحت راية محمد صلى الله عليه وسلم لا يُضام، فيجلس وكان يرى العار أن يحني رأسه للشدائد، بل عليه أن يقتحم غمراتها.
عاش العربي فتوة في خيمته، رياضياً يباهي بقوته، يباهي بمضائه وعزه، وقد يتخطى دور الشباب ولكنه مع هذا تأبى أفعاله إلاّ أن تدرجه مدارج الشباب الرياضي. يقول شاعرهم:
يا عز هل لك في شيخ فتى أبدا
وقد يكون شباب غير فتيان
عاش العربي فتوة في خيمته بين متاهات الصحراء، فتركت الصحراء أثرها في جبلته، عاش لا يمتد بصره إلاّ إلى جبال جرداء، ورمال تموج بشواظ تتلظى، ورياح تعصف فلا تبقي ولا تذر، فانطبع بهذه القسوة وألِف خشونتها. عاش لا تضعضعه الكوارث مهما بلغت شدتها ولا تخيفه الأهوال مهما اشتدت رهبتها وهذه أخلاق الرياضي والكشاف.
يقول سويد اليشكري:
كم قطعنا دون سلمى مهمهاً
نازح الغور إذا الآل لمع
في حرور ينضج اللحم بها
يأخذ السائر فيها كالصقع
عاش العربي في خيمته حسبه من الطعام كسرة.. عاش لا يعرف الإسراف، ولا يعرف البشم الذي نعرفه اليوم. عاش يطحن ما تهيأ له من حبوب الذرة والشعير والقمح، ويعتمد إلى جانبه اللبن أو مشتقات اللبن أو تميرات تقمن صلبه، فلا يفرط ولا يتفنن، ولا يطمع في تلوين كما يفعل المتخمون أمثالنا ممّن ترهلت أجسامهم، وتعددت أمراضهم يقول شاعرهم:
فتى قُدَّقدَّ السيف لا متضائل
ولا رهل لباته وأباجله
إذا جدّ عند الجد أرضاك جده
وذو باطل إن شئت أرضاك باطله
يسرك مظلوماً ويرضاك ظالماً
وكل الذي حملته فهو فاعله
عاش العربي في خيمته لا يرضى أن يضمه قصر يحد من رحابة صدره، فهو معتز بكفاءته، جد في الذود عن حياضه وما يملك من إبل وماشية.
عاش بشرف في خيمته على سهول مترامية أو صحراء شاسعة يرهف سمعه لكل نأمة ويرسل بصره لكل حركة، فتعلم يقظة الحس وتمرّس على مراقبة الخطر وليس كنماء الحس ما يعد الرجل لأهوال الحياة يقول شاعرهم:
لا مترفاً إن رخى العيش ساعده
ولا إذا حل مكروه به خشعا
لا يطعم النوم إلاّ ريث يبعثه
هم يكاد حشاه يقطع الضلعا
عاش العربي في خيمته يهدده الجوع فلا يبالي الطوى، ويشتد به العطش فلا يبالي ألم العطش، وتصهره السموم فلا يبالي لظى السموم، وتحدق به الأخطار فلا يبالي ما تحدق الأخطار ومع هذا:
فإذا نظرت إلى أسرة وجهه
برقت كبرق العارض المتهلل
صعب الكريهة لا تنال جنابه
ماضي العزيمة كالحسام الفيصل
يحمي الصعاب إذا تكون كريهة
وإذا همو نزلوا فمأوى القيل
كان العربي إلى جانب ثقته بنفسه وصبره في الملاقاة يهمه أن يعني بعدته ليملك ناصية الظفر، ومن أهم عدته إذا جد الجد فرسه الأصيل. ففي رأيه:
الخير ما طلعت شمس ولا غربت
معلق بنواصي الخيل معقود
بلغ من عنايتهم بالفرس الأصيل أن يحتاطوا لنتاجه لئلا يتدنى نتاجه، وأن يحفظوا نسبه كما يحفظ الرجل المذكور سلالته التي ينحدر منها وهنا نسمع العامري يهيب بقومه:
بني عامر ماذا أرى؟ الخيل أصبحت
بطاناً وبعض الضر للخيل أمثل
بني عامر إن الخيول وقاية
لأنفسكم والموت وقت مؤجل
متى تكرموها يكرم المرء نفسه
وكل امرئ من قومه حيث ينزل
 
طباعة

تعليق

 القراءات :404  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 65 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج