شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
لِمَ لا نصدِّر صحفنا؟!
فكرة تصدير الإنتاج، أي إنتاج إلى خارج الحدود، موضوع له قيمته بين المهام التي ترتكز عليها سمعة الدولة كما أن له في موازنتها بنداً سخياً لتعويض الفرق بين تكاليف السلعة وسعرها في السوق التي تصدَّر إليه.
أنت تشتري الكبريت مثلاً في أي بلد يصدِّر الكبريت بسعر خاص فإذا انتقلت إلى بلد آخر يستورد الكبريت نفسه من البلد نفسه استطعت أن تشتريه بنصف قيمته تقريباً فتتساءل أهي بلاهة المستوردين؟ أم جنون أصيبت به دور التصدير؟
الواقع.. إنه ليس ثمة بلاهة ولا جنون ولكنها السياسة الاقتصادية اقتضاها التخطيط الحاذق، وأحال إلى ميزانية الدولة عبء الفرق بين تكاليف السلعة وسعر البيع عند التصدير.
ليس الأمر أمر الكبريت وحده، فإن جل السلع التي تواجهنا في جل المتاجر والمعارض تباع في أسواقنا كموردين بأقل ممّا تُباع في أسواق من صدرها إلاّ في بعض أنواع تكاد أن تكون محدودة.
ونحن كبلد جديد بدأ يستيقظ لفن التصنيع لا يجب أن يغرب عن بالنا أننا إذا كنا نحاول اليوم خطوتنا فيه نحو الاكتفاء الذاتي فسيحل عاجلاً أو آجلاً يوم نجد فيه أننا مغمورون ببعض الفائض الذي يتعين تصديره وعند ذلك لا يصح أن ننسى دور الميزانية العامة في إعانة التصدير.
ولقد شعرنا ابتداءً من اليوم أننا أمام إنتاج فائض يتعيّن علينا تصديره.. هو إنتاج فكري يتلخص في هذه الصحف والمجلات والمؤلفات التي باتت تغمر الأسواق بفيض واسع.. دون أن نفكر في عمل إيجابي لتصديرها.
قد يقال إن بعض الوزارات ذات الاختصاص تساهم مساهمة فعّالة باشتراكها في مئات الصحف لتتولى من جانبها تصديرها وتكليف بعض المختصين من موظفيها بتوزيعها مجاناً لمن يطلبها في أكثر البلاد العربية وبعض البلاد الأجنبية.
ولكن هذا لا يعد تصديراً في رأيي. ذلك لأن مفهوم التصدير يعني أن صحفنا يجب أن تغمر سائر الأسواق في سائر البلاد العربية.. يعني أن ينادي بها الباعة في يوم صدورها وتعرضها جميع المكتبات الكبيرة في واجهاتها إلى جانب جميع الصحف التي تتخطى الحدود إلى كبريات المدن في العالم العربي وبعض الخارجي.
أيقال إن صحفنا لا تستطيع أن تزاحم في تلك المجالات؟ أبداً فصحفنا إذا قيست بكثير من زميلاتها في البلاد العربية تستطيع أن تثبت جدارتها.. على أن الأمر ليس كله جدارة.. فإن الصحف الرائجة لا تروج لجدارتها بقدر ما تروج بحركة المد التي تتولاها.
إن بند الموازنة العامة لا يغفل حقوقها في التصدير فهو يتولى ترحيلها بالمجان في الطائرات السريعة لتقرأ في الساعات الأولى من صباح تصديرها، وهو يبيح لأصحاب الصحف أن يسخوا فيما يبذلونه كعمولة لأصحاب المكتبات والباعة (السرِّيحة) كما يبيح لهم أن يبيعوها بأرخص ممّا تباع في بلادها ثم يتولى تعويض الفرق بين التكاليف وما يقتضيه البيع.
إن المسألة هنا ليست مسألة تصدير كبريت تهتم به الموازنة العامة على غرار ما تهتم به موازنات الحكومات في العالم.. بل هو أكثر من هذا وأبعد أثراً.
إن صوتنا يجب أن يبلغ أسماع العالم، وإن موقفنا من السياسة العامة والأحداث الخطيرة يجب أن يكون مبذولاً للقرّاء بين سائر طبقات الشعوب والأمم التي يعنينا أمرها.
ولا يتهيأ هذا ما لم تتحمل الموازنة العامة عبئه وتعمل على توفير جميع الإمكانيات التي تساعد عليه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :457  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.