شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
إلى المريخ.. فركة كعب!!
نشرت في عام 1373هـ في جريدة الندوة
أذكر أني قرأتُ من نحو عشرين سنة قصة معرّبة من اللغة الصينية، جعل المؤلِّف بطلها بروفيسوراً صينياً تعمّق في دراسة الفلك اللاسلكي، واستطاع أن يتصيد بعد مراقبة طويلة بعض الموجات اللاسلكية التي استغرب إشارتها، فواظب على تتبعها في أوقاتها، وجاهد كثيراً في تطبيق الإشارات حتى استطاع أن يعين حروفها وما تعنيه، فأخذ يتجاوب مع مصدرها حتى عرف أنه في كوكب المريخ.
لقد ضحكتُ يومها أشد الضحك.. لا للفكرة الغريبة التي تخيّل المؤلف فيها وجود عوالم تسكن المريخ، وترسل إلى الأرض موجات لاسلكية تؤمل أن يتجاوب معها أحد من سكان الأرض.. لم أضحك لهذا فقط، بل ضحكت وأغرقت في الضحك لأن البروفيسور الصيني اكتشف -كما تقول القصة- جميع الأحداث في كوكب المريخ تستأنف وقائعها في الأرض بعد أسبوع واحد من وقوعها في كوكب المريخ، فلو قامت الحرب بين اليابان والصين لكان معناه أن مثل هذه الحرب قامت بين نفس الدولتين في المريخ قبل وقوعها بأسبوع واحد.
وتتوسع القصة حتى تجعل البروفيسور يثري ثراءً فاحشاً بسبب اكتشافه، فهو يتلقى أخباراً عن ارتفاع أسعار النقد في البورصة أو أسعار أسهم مصنع كبير للصلب في المريخ، فيسارع إلى بذل الملايين في سبيل الشراء ثم ينتظر أسبوعاً ليعرض ما اشتراه للبيع فيحقق أرباحاً لا تقدر.
لذّت لي القصة يومها لا لإغرابها في الخيال، بل لأن الإغراب كان محبوكاً بشكل نادر ينسيك نصيبه الواسع من الخيال.
تذكرت كل هذا من أيام وأنا أقرأ في جريدة الندوة نبأ اكتشاف حضارة تقدمية في الكواكب، وصراع علماء الأرض على صحة النبأ بين النفي والإثبات.
يقول النبأ: إن العالِم الروسي جنادي شولوميتسكي لاحظ انطلاق موجات من مصدر مجهول وأن دكتوراً روسياً آخر هو نيكولاي كارداشيف قال: إذا كانت موجات (ستا-102) هي مصدر اصطناعي لموجات لاسلكية، فإنها ولا شك ستأتي في أعقاب إشعاعات منتظمة، وقد بات يجزم بهذا ويقول: إنه تم اكتشاف حضارة متقدمة للغاية.. وإن علماء روسيين آخرين دققوا في نتائج مراقبة العالم شولوميتسكي وقالوا إننا نواجه ما قد يكون أهم اكتشاف في تاريخ علم الفلك اللاسلكي، كما أن عالماً أمريكياً يقول: إن موجات (ستا-102) لا يمكن أن تكون من صنع إنسان.
إلى أن يقول النبأ: ومع هذا فقد أبدى علماء أمريكيون آخرون تحفّظهم وقال بعضهم إنه ليست هناك بيّنة كافية، وإن قول الروس عن وجود حياة في الفضاء الخارجي بعيد الاحتمال.
قرأتُ هذا فتذكرت الخيال الخصب الذي أضحكني من عشرين سنة ووجدتني أتساءل هل يعيد التاريخ حكاية الذين تخيّلوا الطيران على بساط الريح قبل حدوثه بعدة قرون، وتخيلوا إلى جانبه مئات الأجهزة التي نتمتع اليوم باستعمالها!
ترى هل تعتبر قصة البروفيسور الصيني الخيالية إرهاصاً لاكتشافات لا يعلم إلاّ الله مداها.. وهل يُكتب غداً لأحد أحفادي أن (يفرك كعبه) في مشوار قصير إلى أحد الكواكب كما نفرك اليوم كعوبنا إلى أمريكا وكانت قبلنا وراء حدود المجهول؟! اللَّهم لا علم لنا إلاّ ما علمتنا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :409  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 35 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الثاني: أديباً شاعراً وناثراً: 1997]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج