شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أنت يا صديقي المتبرِّم!!
سمعتك أمس تشكو وتتأفف.. وليس هذا جديداً عليك!!
لقد عشت حياتك في هذا البرم.. عشت تشكو سوء الحظ.. وتندب قلة التقدير.. وتنعى كفاءاتك الضائعة.. وتطلق آهاتك حسرات على دنيا سخيفة تمالئ من لا يستحق فتعبّد أمامه الطريق، وتعاند الأكفاء من أمثالك فتضع العثرات في سبيلهم.
لا يا صاحبي.. ليست هناك ممالأة وليس هناك عناد.
أتسمعني؟
إن الحياة فرص.. وكفاءاتك التي تدّعيها لا تكفي وحدها لتصيد الفرص.. والفرص نفسها ما تعوّدت أن تطرق أبواب الكفاءات الهاجعة إلاّ في النادر الشاذ.
أتدري؟؟
لعلّه ينقصك الذكاء.. والذكاء المتوقد الوهاج الذي ينشئك من جديد فتنسى كفاءاتك الميتة.. تنسى أن تلحس نفسك.. وتنسى أن تستجر الهموم والآهات.. تنسى كل حسراتك التي عشتها بين العويل والنعي والندب ومتابعة فلان الذي نجح فيما لا يستحق، وعلان الذي خدمته مفارقات الحظ.
تنسى كل ما يبدد طاقتك من هذه الألوان الخابية لتستغلها فيما يهمك من خصوصياتك.
إنسَ كل هذا يا صاحبي.. واستجمع ذكاءك وهيئه لتكون في خدمة ما تدّعي من كفاءاتك.
أتفهمني؟؟
يلذ لي أن لا أراك بعد اليوم كئيباً أو متشائماً.. ليس التشاؤم يا صاحبي إلاّ مرض ينتاب المهووسين بأنفسهم، والمتعسِّفين فيلوِّن الحياة أمامهم باللون القاتم، ويترك هذا أثره في تفكيرهم فيشل حركته وفي إرادتهم فيسلبهم قدرتها.
والمتفائلون.. ما ظنك بهم؟ إنهم لا أكثر من أذكياء ضحكوا للحياة أو ضحكوا منها.. إنهم لا يدققون حسابها مهما تنوّعت صروفها.. وأنت لا يعجزك هذا.
هل افتقرت؟
هل فشلت؟
هل خسرت؟
هل فاتت الفرصة؟
هل سبقك الأدنى؟
كل هذا لا شيء بجانب قوة نفسك.
ترى هل تندم؟ هل تتألم؟ هل تبكي.. لتفعل كل هذا إذا كان في هذا ما يعالج فقرك أو فشلك، أو خسارتك أو يعوض عليك ما فات؟
ستقول ليس في كل هذا ما يجدي.
إذن فأنت إنسان بدأت تصحو.. بدأت تفهم أنك مع كل هذا أسعد حالاً من ألوف أشقاهم الزمان بأكثر ممّا شقيت.
وما دمت قد استطعت أن تشعر ولو بهذا القدر الضئيل من السعادة فليس ما يمنعك أن تضحك.
اضحك يا صاحبي.. وإذا استطعت أن تنتزع الضحكة من أعماق صدرك.. وأن تنتزعها قوية مجلجلة فقد شفيت.
ولا ينقصك بعد هذا إلاّ العزم.. والعزم الواكد لتستأنف ما فاتك.. لا تتعسف كثيراً في تفسير ما نلت من جهادك.. حسبك أن ترضى عن نفسك كمجاهد ولا أكثر.
إذا ظفرت فاضحك فرحاً بما بلغت.. وإذا فشلت فلا يعجزك أن تضحك لغرائب المفارقات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :393  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 19 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.