شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
علينا أن نواجِه مُقدَّراتنا بفهم الحصيف
(1)
قال صاحبي: يروعني هذا التكالب على حرب الإسلام وتشويه تعاليمه بصورة تكاد تلمس فيها روح الصليبية المتعصبة.
قلت: إنه خطأ المسلمين قبل أن يكون خطأ أعدائهم! فلو تبينوا موقعهم ممّا يُراد بهم وعرفوا كيف يواجهون مقدراتهم بفهم الحصيف الذي لا يغشه زيف المزيفين ولا ترهات المبطلين لكان شأنهم اليوم غير هذا الشأن.
إن أعداء الإسلام في الغرب أو الشرق لا يخشون شيئاً كما يخشون يقظة المسلمين وتجمعهم على الصراط الذي اختطه لهم دينهم وفرضته عليهم تعاليمهم؛ ولهذا لا أحسبك تعجب إذا قرأت ما ينال المسلمين في كل الأصقاع التي يهيمن عليها الروس.. فإن مبادئ ماركس التي يدينون بها ترى أن لا نجاح يحقق مراميهم إلاّ بالقضاء على الإسلام في سائر الشعوب والأقاليم التي باتوا يحكمونها.
وقل مثل هذا في أكثر الممالك التي يسيطر عليها الغرب عملياً أو فكرياً، فما أكثر الأخطار المدسوسة في كثير من المبادئ التي يبثها باسم العلم رجال تخصصوا في هذا البث فأوهموا المغشوشين أن عقيدتهم قابلة لبحثهم ليدخلوا على الغفل من بعض شباب الإسلام ومراهقيه وطائفة من شيوخه المأخوذين بالبريق الزائف حتى نسينا -بتأثير ما دخل علينا- حقائق الإسلام وأهملنا ما يجب علينا لكيانه وانسقنا وراء ما زينوا لنا من ترهات وما استنتجوا لنا من أباطيل.
إنها دون شك روح الصليبية تعيدها جذعة. فثمة شعوب تعبئ طاقاتها مادياً ومعنوياً للضغط على مقدرات المسلمين وإضعاف معنوياتهم وتشكيكهم في كل ما ورثوا من حقائق كانت ناصعة البيان يوم كانت اليقظة عامة في أقطار الإسلام، فباتت مهزوزة بفعل ما انساق إلى المسلمين من نظريات ودراسات سمّوها علمية بعد أن بطّنوها بما انتهى إليه إبداعهم في المغالطة المخدومة والتضليل المحبوك.
كان عليهم ألا ينسوا فضل الإسلام ومفكّري الإسلام على حضارتهم يوم نهبوا تراثه وسرقوا أفكاره وقلّدوا حضارته.
كان عليهم ألا ينسوا أننا قبل هذا وبعده أبحناهم علومنا وفتحنا أمامهم أبواب مجامعنا ولم نبخل عليهم بآرائنا وما انتهينا إليه من نتائج بحوثنا ولكنه التعصب البغيض أبى عليهم إلاّ أن يتنكروا لكل ما بذلنا لهم وما هيأنا لإنشاء حضارتهم.
وعوداً على بدء أرى أننا نشاركهم الخطأ إن لم ننفرد به دونهم! فقد أسلمناهم قيادنا ورضينا أن نقيد أفهامنا بهم دون أن نتبيّن وجه الحق في غمار ما يضللون. ورحم الله شاعرنا البدوي الذي يقول:
أساي مني وبي
وأنا اللي بالوادي جريت
والعتب مني طلع
وأنا اللي بناره انكويت
فغضبة يا سراة الإسلام تعيد لكم مجدكم وتفتح عيونكم على حقائق الحياة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :328  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 138 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.