شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أبو عبد اللَّه البخاري كعَلَمٍ مِن أَعلام الإسلام
(2)
قلت لصاحبي: وكنا في صدد مزايا أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.
قلت له: لقد بلغ من نشاط أبي عبد الله فيما كرّس له نفسه أن ظل حياته لا يأبه لشيء من أمور دنياه ومعاشه فقد ذكروا أنه لم يشترِ شيئاً في حياته ولم يبع وأن أدواته من الكاغد والحبر والقلم كان يتلمس غيره في قضائها حرصاً على ثمين وقته وضناً بدقائقه الغالية.
وبلغ من انشغاله بفنه المفضل أنه كان لا ينام الليل إلاّ لماماً. وقد شهد من رآه أنه كان يستيقظ في الليلة الواحدة بضع مرات فيوقد السراج ويبدأ في الكتابة والتدوين.
وقد خرَج صحيحه المشهور بصحيح البخاري من ستمائة ألف حديث وكان لا يدوّن الحديث الواحد إلاّ إذا اغتسل وصلى ركعتين.
وذكر عن نفسه أنه كتب عن أكثر من ألف شيخ كان أكثرهم بالغ الثقة رفيع المقام.
وبلغ من تقدير الناس لفضله أنه كان لا يهبط حواضر الأمصار حتى يتنادى الناس بمقدمه، وكان لا يمر بقرية أو دسكرة حتى يسبقه صيته إلى جميع القرى المجاورة فتنثال الجماهير من كل صوب ظامئة إلى رؤيته والاستماع إلى روايته حتى أن مجالسه في الحواضر وبين مجامع القرى كانت تزيد عن عشرين ألف مستمع.
وفي القصة التالية تبدو لنا مواهب أبي عبد الله البخاري جلية واضحة وترتسم أمامنا صورة ناطقة بنبوغه النادر ومقدرته الفائقة.
يقول ابن عدي سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فتآمر بعضهم على امتحانه في أسلوب شاذ لا ينجح فيه إلاّ موهوب له مثل كفاءة أبي عبد الله وقدرته الفائقة.
ذلك أن جماعة منهم عمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، فجعلوا متن هذا الإسناد إلى آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوها إلى عشرة رجال لكل رجل منهم عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا مجلس البخاري أن يلقوها عليه ليمتحنوا بذلك معرفته ويميزوا خبرته.
وبذلك طلبوا إليه أن يوافيهم إلى مجلس اتفقوا على موعده، فلما حضر واطمأن المجتمعون وكانوا خلقاً كثيراً بينهم كبار رجال الحديث تقدّم إليه أحد العشرة فسأله الحديث المتفق على تغيير سنده. فقال البخاري لا أعرفه! فابتدره الثاني بمثل ما فعل الأول فقال البخاري لا أعرفه فأعقبه الثالث والرابع إلى نهاية الرجل العاشر في مثل الطريقة التي ابتدره بها الأولون، فلم يخرج البخاري عن قوله لا أعرف! ثم ما لبث أن التفت إليهم فصحح لكل حديث إسناده ولكل سند متنه حتى استولت الدهشة على الحاضرين وأقروا له بقوة الحفظ وكمال الفضل. وبمثل هذا يعرف العاملون.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :298  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 133 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج