شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الغِنى النَّافِع
قال صاحبي: ما بال بعض المتكالبين على جمع المال يتكلفون من العناء ما تغنيهم عنه بعض مزايا القناعة، فليس المال هو كل معاني الحياة السعيدة.
قلت: قد استصوب رأيك إذا أصبح المال في رأي المتكالبين هدفاً لذاته. أمّا إذا اعتمد كوسيلة يستطيع المتكالب أن يحقق به كرامة لنفسه ومجداً لوطنه وأن يواسي به قريبه المحتاج وجاره المعوز فنعما هذا التكالب.
أنت تعرف من قصص بعض أصحاب الملايين الذين بذلوا في سبيل جمع المال الكثير من نفوسهم وأوقاتهم حتى انتهوا إلى غايتهم منه شرعوا يبنون به أنفسهم وأمجاد بلادهم في أشكال لا مزيد عليها لمستزيد.
هناك مَن يبنون الملاجئ للمحتاجين والمستشفيات للمرضى، هناك مَن يبذل الإعانات سخية في سبيل البحوث العلمية ويقدم المكافآت الجزيلة للإنتاج الفكري والأدبي، هناك مَن يشجع الطلاب الذين قصرت بهم نفقاتهم ويساعد المجدين في أي مجال حتى يحققوا آمالهم، هناك من يبني المدارس وينشئ المعاهد ويساهم في سائر المجالات المنتجة.
هؤلاء قوم سعدوا بما بذلوا في سبيل أموالهم، وأسعدوا غيرهم بما تهيأ لهم من أموال تكالبوا على جمعها.
لقد منّ الله على رسوله عندما أغناه عن غيره فهو يقول سبحانه وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى (الضحى: 8) ومنَّ على بني إسرائيل بمثل ذلك عندما قال جلّ قوله: وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (الإسراء: 6).
جمع المال ليس مذموماً لذاته بقدر ما هو مذموم لحبسه فيما لا ينفع مذموم للشحّ به وقبضه عن أعمال الخير.
في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يا أبا ذر قلت نعم: يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال: ما يسرني أن لي مثل أحد أنفقه في سبيل الله أموت وأترك منه قيراطين. قلت: أوقنطارين يا رسول الله؟ قال: بل قيراطين. ثم قال: يا أبا ذر تريد الأكثر وأنا أريد الأقل.
هذا هو المال الذي تتمناه التقوى الخيّرة، بل وتتكالب على جمعه لا لتسعد نفسها أو لتسيء فيه التصرف بل لتسعد غيرها إلى جانب ما سعدت به ولتصرفه في وجوه تعتز بها وتفاخر وتسابق إلى ما يبني مجد بلادها في أهم المجالات الحيوية.
ولقد ورد في الأثر (نعم المال الصالح للمرء الصالح).
ثم ما ظنك بالفقر وأنت تعرف من مذاقه وانكساره ما تعافه النفس حسبك منه أن سيد الخلق كما ويستعيذ من الكفر يستعيذ من الفقر فهو يقول: اللَّهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر.
اضرب يا صاحبي إن استطعت في طول الأرض وعرضها، وإن استطعت أن تجمع مال قارون على أن يكون وسيلة لا هدفاً فافعل، على ألاّ تتكالب على جمعه لتبني منه لنفسك علواً في الأرض أو فساداً بل تكالب وأنت تنوي الخير للخير، تنوي أن يعزك إذا ذلّ الآخرون، وأن يهيئك لتكون ملجأ للمحتاج وملاذاً للمضطر، سخياً إذا دعا داعي أمتك. كريماً إذا نزلت النوائب بمن تعرف أو لا تعرف.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :297  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 131 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الخامس - لقاءات صحفية مع مؤسس الاثنينية: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج