شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بَينَ الحضَارتين العَربية وَالأُوروبيَّة
(2)
قال صاحبي: كنا في صدد ما أدلى به الأستاذ الفرنسي مونتيل في محاضراته التي ألقاها من محطة باريس والتي كان لها صداها في كثير من صحف العالم في أكثر من لغة من بينها اللغة العربية.
قلت له: تحدث الأستاذ فيما تحدث عن مناهل قرطبة التي فاضت جداولها على أكثر مدن أوروبا فقال إن قرطبة بل وأكثر عواصم إسبانيا كانت همزة وصل بين الفكر الأوروبي والفكر العربي، وهنا جاء على عدة أمثلة ذكر فيها عشرات الألفاظ العربية الباقية إلى اليوم في اللغة الإسبانية، كما جاء على عدة مصطلحات علمية تستعمل اليوم في بعض اللغات الأوروبية منحدرة عن منهلها الأصلي في بلاد العرب إلى أن قال ولو أردت أن أستقصي كل ما في هذا المعنى من ألفاظ ومصطلحات محتفظة بأصلها العربي في كثير من لغات أوروبا لاقتضاني ذلك أن أفرد له مجلداً ضخماً.
وتحدث الأستاذ فيما تحدث عن هندسة البناء التي نقلها الأسبان عن العرب، وعاشت شائعة بينهم دهراً طويلاً وكانت تعد مفخرة بين أساليب البناء لذلك العصر.
ولقد صدق الأستاذ فيما روى بدليل هذه الآثار التي احتفظ بها الأسبان كأثر تاريخي. ولو شهدت يا صاحبي ما شهدته أنا شخصياً من عظمة القصور والمساجد التي احتفظت برونقها في أهم مدن الأسبان لشهدت عجباً. فكل أثر رأته عيني تراءى لي وكأنه ينطق بأروع ما تنطق به حضارة مكتملة البناء.
وتحدث الأستاذ عن الموسيقى وآلاتها في الأندلس وأشار إلى آثارها الباقية في موسيقى إسبانيا اليوم كما أشار إلى بعض الألحان بمسمياتها وما تركت من أثر في بعض ألحان أوروبا.
وجاء على ذكر الرياضيات والطب والفلسفة وعلم الفلك والنبات فقال إن العرب حملوا مشاعل هذه العلوم وأمثالها في عصرهم الزاهي حتى استضاء بضوئها الألوف من طلاب المعرفة في كثير من بلاد أوروبا إلى أن قال إني لأعجب للمغرضين الذين يجحدون فضل العرب على نهضة أوروبا كما أعجب لبعض رجال البحث التاريخي الذين لا يتكلفون العمق في دراساتهم ليتبينوا الآثار الدقيقة التي انطبع بها أسلافنا في عهود سابقة.
هذه خلاصة موجزة كل الإيجاز عن محاضرة الأستاذ الفرنسي مونتيل التي أذاعتها وكالات الأنباء ونُشرت بأكثر من لغة وعنيت بها بعض الصحف في بلاد العرب فهل عُني بها قراؤنا من الشباب الذين غرتهم الحياة الزائفة فقدروا للعقل الأوروبي ميزة حسبوها من خصائصه دون غيره.
ربما قيل إن للشباب المغرور بحضارة أوروبا عذره لقلة ما بين يديه من مظان القراءة والاطلاع، ولكنه عذر لا يغني، ففي ذخائر الكتب القديمة من النفائس ما يمكن البحث عنه إذا تعشق الشاب مزايا البحث وبين رفوفها ما يكشف عن حقائق الحضارة العربية بشكل يذهل العقل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :323  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 125 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.