الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > > > > متى نستفيد من أسْلوب التعارف بالمراسلة؟

متى نستفيد من أسْلوب التعارف بالمراسلة؟

قال صاحبي: ما فكرة تعنى بها أكثر الصحف في البلاد العربية فتفرد لها صفحة خاصة تسميها صفحة التعارف ويتسع التعارف حتى تقرأ بين تلك الصفحات إعلاناً عن زواج يعلن الفتى فيه عن سنه وعن دخله الشهري وعن رغبته في الزواج، وتعلن الفتاة عن شكلها ولونها وقامتها وعن رغبتها في الزواج، وهل ترى أن مثل هذا الزواج المرتجل ينتهي بالمتزوجين إلى خير؟

قلت: أمّا رأيي عن صفحة التعارف كوسيلة للمراسلات بين أقطار العرب أو ما هو أبعد من أقطار العرب ففكرة سليمة صحيحة يجب أن نثني عليها ونشجعها. فالناشئ من أجيالنا في أي بلد عربي يستطيع أن يلمّ بكثير من مقدرات البلاد الأخرى التي يهمه أمرها عن طريق صفحات التعارف، ويستطيع أن يختار أكثر من صديق في أكثر من بلد عن طريق هذه الصفحات لا ليبادلهم التحايا والطيبات فقط، بل ليوسع معلوماته عن حياتهم العامة وأحوالهم الاجتماعية والسياسية. يستطيع الصديق بالمراسلة أن يسأل صديقه في الطرف الآخر عن سائر الشؤون التي يهم المثقف أن يعرفها عن البلاد الأخرى، وأن يكون في الوقت نفسه داعية لبلاده يتحدث عنها لكل أصدقائه بالمراسلة فيعطيهم فكرة عامة عن عمرانها؛ عن تجارتها؛ عن منتوجاتها؛ عن ثقافتها؛ عن مشاريعها الجديدة؛ عن خطواتها في سلم التقدم فتنمو بسبب ذلك معارف الشباب في جميع البلاد التي تتبادل المراسلات عن طريق صفحات التعارف، وفي استطاعتهم إذا أحسنوا التصرف أن يخلقوا لا لأنفسهم وحدهم بل لبلادهم صداقات تنمو من حيث لا يقدِّرون لتكون في أحد الأيام ركيزة قوية إذا ادلهمت الأمور أو نزلت ببلادهم نازلة..

لقد قرأت أن مدينة ما أصابها الزلزال بنكبة فاجعة فبادر أصدقاء الشباب بالمراسلة إلى فتح اكتتاب واسع لإعانة مدينة أصدقائهم فتهيأت لهم مبالغ لا يُستهان بها استطاعوا أن يغيثوا بها المدينة الصديقة.

ما أحلى أن يتوسع شبابنا أو شيوخنا إذا واتاهم النشاط إلى خلق صداقات لا تقتصر على شرق أو غرب، بل تتسع إلى أوسع مدى يستطيعون ليستفيدوا لثقافتهم ويفيدوا بلادهم في أهم مناحيها.

وإذا كان لكل فكرة آفة ففي رأيي أن الزواج بالمراسلة من طريق صفحات التعارف كثيراً ما ينبني على مغالطات يرتكبها المراسلون أو المراسلات ليصلوا إلى غاياتهم المشبوبة.. إنه لا يكفي في رأيي أن يقول الفتى أو تقول الفتاة ما يغري بإنجاز الأمر بينهما، بل لا بد لكل طرف أن يسمع عن الحقائق التي تهمه من المحتكين والمتصلين ممّن يثق في إخلاصهم وإلاّ بنى صرحهما على جبل من ملح.