شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هَل آن أوان الحِساب؟
قال صاحبي: إننا نعاصر اليوم أمماً تتحدى الحياة. وتواجه أهوالها، فلا تلبث أن تتحكم في مقدراتها، فما معنى أن نعيش على فتات موائدهم؟
قلت: إنه مرضنا الاجتماعي الذي عاش يفت في سواعدنا.. فنحن نمتطي السيارة إلى أقصى مسافاتنا الشاسعة دون أن نشغل أذهاننا بالوسيلة التي بنيت عليها فكرة السيارة، ونحن نطوي مئات الأميال أو ألوفها على جهاز طائر بين السماء والسحاب دون أن نناقش أسلوب الجهاز الذي شارك الطيور في سمائها، واستطاع أن ينقل حمله الثقيل إلى أقصى بقعة في الأرض، ونحن ننتفع بألوف الأجهزة في سائر مرافقنا الحيوية. ابتداء من ومضة المصباح إلى نبضة اللاسلكي إلى ذبذبة التلفزيون إلى غير هذا وذاك..
ننتفع بكل ذلك في كسل ممتع دون أن تلح علينا ضمائرنا في ضرورة المشاركة لنبدع كما يبدعون أو نبتكر لحياتنا ما يغير تقاليدها ويدفع بها لتشارك الأمم الحية في مضمار التجديد.
إن أدنى ما ينقصنا لنعايش الأمم التي نحيا على فتات موائدها أن ننسى الخصائص الفكرية التي ولدنا بها، وأن نتشجع فنصنع لذواتنا خصائص فكرية جديدة قابلة للتطوير. إن التحديات التي باتت تواجهنا بها الحياة الجديدة لا يصح أن نستسهل مصاعبها أو ننام ونسترخي أمام مآتيها فذلك أقصى ما يؤكد خسارتنا ويحقق فشلنا.
إن أمم الشرق قاطبة أثبتت إلى اليوم عجزها عن مسايرة ما جد في حياتها.. ذلك لأنها استنامت لخصائصها النفسية التي ولدت بها واستروحت الراحة في ظل ما اخترعت لها الأمم الحية من وسائل التقدم ولا يضمن لها القدرة على مماشاة الحياة ومجاراة السائرين في مناكبها إلاّ أن تأنف طعام فتات الموائد وتجاهد في سبيل أن تثبت غناها بما تبتكر في مجال التقنين فلا تشتري أسطوانة الأجنبي إلاّ إذا وافق أن يبيعه من صنفها جهازاً كامل المعدات.
لقد مرت بالشرق ومرت بأمة العرب عهود كانت تملي فيها علومها وآراءها ومبتكراتها على كل متطلع إلى تجاربها، فما بالها اليوم تنسى أمجادها وتستنيم لسؤال عود الكبريت والإبرة وريشة القلم؟؟
لقد صنعت نفسها دون شك يوم صنعتها وفرضت ذاتيتها يوم فرضتها وأكبر ظني أنه لو تهيأ لها اليوم أن تحاسب نفسها بالمقاييس التي كانت تعتمدها معياراً للحياة الصحيحة لثبت لها مقدار الخسارة التي منيت بها في عصرها الحاضر، فهل آن أوانها لتناقش نفسها الحساب؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :371  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 43 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالله بلخير

[شاعر الأصالة.. والملاحم العربية والإسلامية: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج