شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
1-النادي- سياق تأريخي موجز
يكاد يجمع مؤرخو منطقة جازان (المخلاف السليماني) ومن نقل عنهم بأن أدوار الحكم في المنطقة بداية من القرون الأولى للإسلام تتخللها فجوات واسعة ولكنها ليست كثيرة ولا مانعة من تتابع السياق مما ظهر منه أو ذلك الذي يمكن معرفة ارتباطه بما قبله وما بعده. وحسب المراجع التي في اليد، فإن الأدوار التاريخية -سياسياً- لحكم المنطقة يمكن اختصارها بشدة في الآتي:
1- في القرون الثلاثة الأولى (عصر الولاة) لا توجد معلومات مجدية إلاّ من إشارات خاطفة في أشعار لأبي دهبل الجمحي الذي أقطعه سليمان بن عبد الملك أرضاً بمنطقة جازان وذكرها في شعره.
2- كذلك الأمر في العصر العباسي الأول، وقد قيل: إنه من المعتقد أن المخلاف كان مرتبطاً -أدبياً- بمكة المكرمة وفي عهد المأمون وُلِيَ محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن زياد السفياني (الإمارة الزيادية) ولاية تهامة كلها بما فيها المخلاف، بينما بقي الجزء الشمالي منه تابعاً لولاة مكة المكرمة (عج بن حاج) إلى نهاية القرن الثالث تقريباً.
3- واستقل ملوك من آل عيد الجد الحكمي في بداية القرن الرابع الهجري بحكم الجزء الجنوبي (مخلاف حكم) بينما حكم الجزء الشمالي منه (مخلاف عثَر) أو (عفَر) بأمراء من بني مخزوم من قريش التابعين أيضاً لولاة مكة المكرمة، وفي أثناء الحكم الزيادي لتهامة تحققت استقلالات نسبية لحكّام المنطقة وإدارة شؤونها فسطع اسم سليمان بن طرف الحكمي بعد قيامه (373هـ) بدمج مخلافَي حكم وعثر في إمارة موحدة سميت بالمخلاف السليماني حتى العقد الأخير من القرن الرابع الهجري. وبدءاً من ذلك التاريخ أخذت مجالس الأدب تزدهر، حسب الإيقاع العام للأوضاع وبرزت مدن المخلاف السليماني آنذاك مثل (الخصوف، الشرجة، عثر، الراحة، الساعد) وكانت الشرجة العاصمة الثقافية تقريباً وأنجبت عدداً من النابغين لكنها خبت سريعاً كشهاب.
4- في النصف الأخير من القرن الخامس الهجري (على الأرجح) بدأ عهد الأشراف السليمانيين القادمين من مكة المكرمة، حيث اتخذوا من (حرض) قاعدة لهم وامتد حكم الغوانم من أسرهم وآل القطبي وآل الذروي وآل الخواجي إلى القرن العاشر وربما بعد ذلك بقليل فتميز عهدهم الطويل الذي شابته فتن وزعزعات بازدهار الأدب وسطوع أعلام في كل ميادين الثقافة العربية والإسلامية حسب سياق الثقافة العام السائد في ذلك العصر، فعمرت مدنهم مثل أبي عريش وصبيا وضمد والمناوة والشقيري وخلب وحرض بمجالس الأدب ولقاءات السمر والمحاورة ومساجلات الشعر وتحرير المقامات والمعارضات الشعرية.
وعلى امتداد تلك الفترة أُنشئت مجالس للأدب عند المشاهير مثل مجلس الشاعر أبي الحسن التهامي المعتقد أنه مولود بقرية الطوال (من قرى صامطة السعودية-الآن) 1416هـ ومجلس مناظرات عمارة الحكمي (ت 570) على الأرجح والعامري الحرضي صاحب الغربال ومجلس الشاعر ابن هتيمل المتوفى (725هـ تقريباً) ومجلس الشاعر الجراح بن شاجر المتوفى (924هـ) والأمير الأديب الشاعر القاسم بن علي الذروي في بداية القرن الثامن الهجري، كما اشتهرت عائلات في المخلاف بمجالس الأدب والفكر وعلوم الشريعة والوجاهة الاجتماعية مثل: آل شافع وآل الديباجي والنمازي والخواجي والذروي في صبيا وآل حازم والمعافا والبوكلي وهذيل والنعمان وآل الضمدي في ضمد وآل حكم وقيراط والقلاص وعمر والنعمان أيضاً في أبي عريش وآل عاكش الحكمي في أبي عريش وضمد. ففي كل مرحلة يبرز في كل بيت منها علم يحتضن طلاب العلم وروّاد الأدب ويفتح بيته للزوار.
5- استمرت إشعاعات المعرفة عبر مجالس الأدب في تلك الحواضر وغيرها في ساحل بيش وبندر جازان الساحل حتى إمارة الشريف أحمد بن غالب. ثم فترة حكم أمراء آل خيرات الذين بدأ حكمهم للمنطقة وامتداداتها الشمالية والشرقية والجنوبية بالأمير أحمد بن محمد آل خيرات عام 1154هـ ليستمر قرناً من الزمان على أقل تقدير.
فكان هناك مجلس أحمد بن عبد الله الضمدي المولود (1174هـ) وأحمد عبد الله النعمان المولود بقرية الشقيري (1210هـ) والأديب: أحمد الصحوي المعافا (1232هـ) والأديب الوزير الحسن بن خالد المولود (1118هـ) والأمير الحسين بن علي بن حيدر آل خيرات (1215هـ-1272هـ) والشريف حمود بن محمد (أبو مسمار) (1130هـ-1232هـ) وفي عهده كان وجود الدولة السعودية الأولى في المنطقة. وخيري بن محمد الزمار والخطاط (1272هـ) وغيرهم وغيرهم مما لا يتسع له هذا الموجز.
6- دخلت المنطقة في مجال الصراع الدولي بدخول العثمانيين الأول وخلفائهم واضطرب حبل الأمن وسادت الفوضى حتى تهيأت الظروف لقيام إمارة محمد بن علي الإدريسي (1293هـ-1341هـ) عام (1326هـ) واستمرت مرحلتها الأولى إلى تأريخ وفاته 1341هـ والثانية إلى عام 1349هـ.
وفي أثناء المرحلتين انتشرت مجالس الأدب (الصالونات) في مدن المنطقة أشهرها مجلس الإمام محمد الإدريسي نفسه. فمن روّاده: أحمد بن إبراهيم الأهدل ومحمد الأمين الشنقيطي وعبد الله العمودي وعلي السنوسي وعبد الرحمن المعلمي. ثم مجلس محمد الأمين الشنقيطي في صبيا بيت محمد موسى صم ومن روّاده أحمد الأهدل وأحمد عيسى العقيلي، ومجلس عام جازان في بندر جازان الشيخ عقيل بن أحمد ومن روّاده ولده: محمد عقيل والعابد الإدريسي ويحيى بن خميس الصوري.
7- في بداية النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري انضوت المنطقة تحت العلم السعودي وساعدت الأوضاع المستقرة وتباشير المستقبل الواعدة بالازدهار على بعث الحيوية في مجالس الأدب، فظهر مجلس الشيخ محمد بن عبد العزيز الماضي 1355هـ ومجلس الأمير خالد بن أحمد السديري المحب للأدب والشعر، وكان يعقده في الصباح الباكر ويحضره عدد من الأدباء والشعراء منهم: العابد الإدريسي وعلي محمد صالح عبد الحق والشيخ عقيل بن أحمد ومحمد بن أحمد العقيلي ومحمد بن علي السنوسي ومحمد زارع عقيل وطاهر أحمد زيلع وعبد القادر علاقي وبعد انتقال الأمير خالد السديري من جازان أسس الشيخ عبد القادر علاقي مجلساً أدبياً بروح عصره يحضره عدد ممن ذكرنا وبينهم أيضاً الأستاذ: ناصر مصطفى ويرتاده الأدباء الوافدون على جازان كما كان للأستاذ/علي أحمد النعمي نادٍ أدبي يعقده في المدرسة التي يديرها.
على أن مجلس الشيخ العلاقي كان أقوى مجالس مرحلته ومن روّاده الأساسيين كما ذكرنا الأساتذة محمد زارع عقيل وعبد الله بن غريب والشاعران الأديبان محمد بن أحمد العقيلي ومحمد بن علي السنوسي اللذان كانا أبرز عناصره.
وفي هذا المجلس قويت لديهما الرغبة في إنشاء نادٍ عصري ترعاه الدولة ويعمره الموهوبون في المنطقة وجازان المدينة بوجه خاص فقد كان هناك أيضاً في المرحلة نفسها مجلسان أحدهما بدار الشيخ عقيل بن أحمد الذي كان يحضره: علي محمد صالح عبد الحق وعبد الله مطهر، والثاني بديوان الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البهكلي، وهو شخصية مرموقة ووكيل على أملاك وشؤون آل باصهي يرتاده الشيخ صالح عمر هاشم والشيخ عبد الله قاضي ومحمد زارع عقيل وعبد القادر علاقي الذي تقدمت الإشارة إلى أن مجلسه كان آخر حلقة ربطت بها أو بعبارة أخرى ساعدت تداعياتها على اختمار فكرة النادي لدى الأستاذين العقيلي والسنوسي اللذين لمسا رغبة الدولة الرشيدة في استثمار واقع الأدب في البلاد السعودية وإنشاء أندية أدبية في حواضرها العامرة وأن المشروع جاهز للتنفيذ فجاء الوقت المناسب في المؤتمر التحضيري 1394هـ لروّاد الأدب بدعوة من صاحب السمو الملكي الأمير الشاب فيصل بن فهد بن عبد العزيز.
وهناك أبلغ سموه المؤتمرين بموافقة الحكومة على إنشاء أندية أدبية في مدن المملكة وأنه سيوافق على أي طلب بهذا الخصوص، فتقدم العقيلي والسنوسي من جازان والسباعي وإبراهيم فودة من مكة المكرمة وعلي حافظ وعبد العزيز الربيع من المدينة المنورة، كما تقدم غيرهم بعد ذلك وفي غرة محرم 1395هـ جاءت برقية سمو الأمير فيصل إلى السنوسي والعقيلي بالموافقة فكانت البداية المباركة.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :854  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 84 من 96
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.