شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
الأستاذة نازك الإمام: شكراً لك الأستاذ محسن، بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه أجمعين، أصحاب المعالي أصحاب السعادة السيدات والسادة، الحضور الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كوكبة من الأسماء والألقاب ارتبطت باسمه في شتى المجالات التي عمل فيها في اتجاهات مختلفة، في فترات عطائه، سواء في الكتابة أو الثقافة والفكر، أو في عالم المسرحيات وتأليف الدواوين الشعرية والمجالس العامة، نرحب بسعادة الدكتور علي عقلة عرسان، رئيس اتحاد الكتاب العرب، وكلنا سعدنا بسماع تجربته ومشواره الطويل الحافل بالعطاء والإنجازات اللامحدودة، في الحقيقة لدينا العديد من الأسئلة، والبعض قد تفضلت وأجبت عليها.
الأستاذة نازك الإمام: والآن نبدأ بالسؤال الأول من الأخت الأستاذة "مَدْيَنة خالد حقي" حرم الشيخ أحمد عبد الغفور عطار، مؤسس جريدة عكاظ، بمناسبة اختيار القدس هذا العام عاصمة للثقافة العربية لعام 2009م، سؤال من شقين:
كيف يمكن للعرب أن يحتفلوا بالقدس وهي تئن تحت وطأة الاستعمار الصهيوني؟ الشق الثاني ما هو دورنا كعرب لتوضيح القضية الفلسطينية في عام الاحتفال بها؟ شكراً لكم.
الدكتور علي عقلة عرسان: شكراً جزيلاً للسائلة الكريمة ورحم الله أحمد عبد الغفور عطار، فقد كان لي شرف معرفته، القدس أسّسها العرب اليبوسيون وهم فخذ من الكنعانيين في عام 3200 قبل الميلاد، وفي رواية أخرى 3400 قبل الميلاد أي قبل مجيء موسى باليهودية بما يقرب من 2000 سنة، ولم يغادر العرب القدس منذ أن وجدوا فيها، القدس أصبحت عاصمة مع مدينة رسمية يهودية سياسية ثم روحية من عام 97 إلى 23 قبل الميلاد عندما دخلها داوود وحكمها ثم سليمان، بعد هذه الفترة بقيت في القدس أماكن روحية لليهود، ثم عندما انتشرت المسيحية وأنشئت أماكن مسيحية روحية وحكمها بعد الرومان، ثم لم يبق شيء مما يمت بصلة لليهود أو لليهودية بعد ذلك، أما القبائل العربية الأصيلة فقد بقيت، فتأسيس القدس بهذا المعنى هو تأسيس عربي، بتاريخها وبمعطاها، وهذا النص بالمناسبة مذكور في التوراة، يعني ليست من منتجاتنا أو تخيلاتنا، يجب أن نحافظ على عروبة القدس، القلعة التي احتلها داوود في يبوس، لأن أول اسم للقدس كان يبوس، ثم بعد ذلك أتت الأسماء الأخرى وآخرها القدس، ثم أورشليم أو أور سالم، ثم إيلينا كابيتولينا سميت باسم زوجة القائد الروماني، ثم بعد ذلك القدس قدس الله، في هذا الإطار نحن يجب أن نقدم تاريخ القدس كمدينة عربية، والقلعة التي احتلها داوود هي قلعة صهيون، وصهيون هي كلمة كنعانية تعني التلة أو الهضبة أو المكان المرتفع، وليست كلمة يهودية بالمعنى الديني، لذلك يجب أن نفصل هذه الأمور بدقة، ثقافياً في هذا العام يجب أن نركز على عروبة القدس، ونركز على العهدة العمرية التي أعطاها عمر بن الخطاب لمطران القدس عندما طلب منه أن يحضر لكي يستلم مفاتيحها، في هذا الإطار نحن تاريخياً نركز، ففي سنة 1023 لم يكن في القدس يهودي، ومنعوا من السكن فيها وقد طلب سفرونيوس المطران من العهدة العمرية أن ينص فيها على أن لا يساكنهم يهودي. يجب أن نحتفل بالقدس الآن في كل مكان عربي وأن نضيء التاريخ الروحي، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وأن نؤكد على كل المعطيات الروحية وتعلق المسلمين والعرب بها وأن نقدم ما فيها سواء كان المساجد أو الكنائس، ونظهر أن اليهود ليسوا على الإطلاق من يملكها أو يحددها عاصمة ولكن هذا الكلام مفيد ولن يضع لنا قدم في القدس إلاّ القوة، فمن دون أن نملك القوة بمعناها الشامل فلن ندخل القدس، ويجب أن ندخل القدس، والأمة ليست عاجزة، وشكراً.
عريف الحفل: سؤالان من مهنا الرشيد طالب ماجستير في جامعة حلب، وحالياً مدرس في المملكة العربية السعودية، السؤالان هما:
الأول أين الأدباء العرب بعد نجيب محفوظ أين هم من الشهرة العالمية وأين هم من جائزة نوبل؟ وأنتم المعاصرين بالتحديد؟ السؤال الثاني: الشعر من حظه أنه كان ديوان العرب والرواية قد يجود لها الزمان فتصبح مسلسلاً تلفزيونياً فتنتشر، لكن المسرح وهو أدب الطبقات الراقية، أدب الطبقة المخملية التي لا تشكل في مجتمعنا العربي سوى 1%، فلماذا تكتبون المسرح وكيف نرقى به؟ وشكراً.
الدكتور علي عقلة عرسان: شكراً جزيلاً. الكتّاب العرب يكتبون يبدعون يتقدمون، هم درجات بالمعنى الفني والفكري والتقني، ونحن نسعد بأن المرحوم نجيب محفوظ حصل على جائزة نوبل، ولكن هناك تسييس معروف لجائزة نوبل، وهناك معطيات ومعايير ونحن نتمنى أن يصل الكثيرون ولكن لا أستطيع أن أحدد لك أين نحن الآن، من الذي سيأخذ جائزة نوبل بعد فترة، لا يمكن وإذا راجعنا تاريخ هذه الجائزة والأسماء، نجد أحياناً أسماء أكثر أهلية من بلدان مختلفة لنيل الجائزة ولا تأخذها، إذاً هناك اعتبارات مختلفة لا أستطيع الحكم عليها، وإنما علينا أن نجهد وأن ننصف مبدعين وأن نعطيهم جوائز أو تكريم أو تقدير ليس من خلال قال عن قال، وإنما من خلال التقويم الحقيقي والإطلاع، أنا بتقديري إن المسرح عندما يخدم الناس يكون مؤثراً بدرجة كبيرة أكثر من التلفاز الذي نشاهده ونحن نتعشى أو نتسلّى أو نتكلم، وعندما يحضر المسرح في كل ليلة خمسمائة أو ثلاثمائة أو ستمائة أو أقل أو أكثر، فهم يتفاعلون ويدخل النص والأداء بمجمله إلى أعماقهم إذا كان جاداً وجدياً، ويفعل من الداخل، وكما يقولون بالمصرية (يبيت في القلب) يضع شيئاً في الداخل هذا الذي في الداخل ينمو ويتفاعل ويؤثر، كيف؟ لا بد من إعادة البناء بشجاعة وثقة وتكافل اجتماعي وبعيد عن التدخل السياسي الفج، ولا بد من أن تدفع الدولة سواء كان لمسرح دولة أو لمسارح خاصة تخدمها وتشجعها الدولة، لأنها حينما تدفع لأجل ثقافة الشعب، من أجل الفن، وأن تضع معايير وضوابط، هذا الأمر يحتاج إلى حملة ثقافية إعلامية، قرار سياسي، تشجيع سياسي، وأن يعود للكاتب وللفنان المسرحي مسؤوليته، هناك الآن في السينما وفي التلفاز، يسجل كل دقيقة أو كل دقيقتين مشهد ثم يري، في المسرح عليك أن تقدم ثلاث ساعات أو ساعتين ونصف، نصاً تحفظه وتتفاعل فيه بدون أي مساعدة، هذا أخرج الكثير ممن يدعون الصلة بليلى وهم ليسوا على صلة بها.
الدكتور عبد الله مناع: أود أن أضيف شيئاً رداً على قول الأستاذ بأن المسرح للطبقة المخملية، المسرح لم يكن للطبقة المخملية، ولا علاقة لهذه الطبقة بالمسرح، المسارح القومية في أنحاء العالم العربي وفي أنحاء العالم ككل، تدعم من الدولة، وتقوم الدولة بالإنفاق عليها، وكلما كانت مساحة الحرية في هذه الدولة كبيرة، كلما كان المسرح القومي قادراً وقوياً، وهذا الدعم من قبل الدولة حتى يكون ثمن التذكرة في متناول أفقر فقراء البلد، ولذلك أنا ألاحظ شخصياً وأذهب دائماً إلى القاهرة، إن ثمن التذكرة في المسرح القومي في مصر لا يزيد عن عشر جنيهات، وعشر جنيهات كما تعلم أو لا تعلم ما تساوي تقريباً من خمسة إلى ستة ريالات سعودية، أحببت فقط أن أوضح هذا.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الإعلامية منى مراد من جريدة البلاد ومجلة إقرأ، أولاً ترحب بزوجة الضيف المكرم، الدكتورة نظمية أكراد عضو اتحاد الكتاب العرب وعضو جمعية آداب الأطفال.
والسؤال هو هل لزوجتك تأثير على قراراتك الحكيمة، التي كنت تتخذها عندما كنت رئيساً لاتحاد الكتاب العرب، وكيف استفدت من حكمتها ونصائحها لك لكونها عضوة في المجال نفسه؟ شكراً لك.
الدكتور علي عقلة عرسان: شكراً جزيلاً، زوجتي اكتسبت عضوية في اتحاد الكتاب عام 1994م، وبين عام 1994م و 2005م، لم أنشر لها كتاباً، ليس لأنها لا تستحق حتى لا يحسب عليّ ذلك، وهي كانت تعرف ذلك، تقبله مني وتشجعني عليه، وتعمل دون دأب لتنشر في مكان آخر، أشكرها على ذلك، وساعدتني بصبرها وتفهمها ونعتقد أننا شركاء.
عريف الحفل: سؤال من الدكتور أشرف سالم، باحث إعلامي، يقول:
كلما استضفنا رائداً من روّاد العمل الإبداعي نجد الكثير من الحديث عن الزمن الجميل، ونحن في حضرة المسرح نجد أن المسرح انحسر مع انحسار المد العروبي والقومي فترك وأفسح الخشبة للمسرح الهزلي التجاري، وفي الأول كنا نعترض على التدخل الحكومي، والآن صرنا نتحسر على غياب التدخل الحكومي لأننا أيام المسرح الحكومي كنا نرى إبداعات متميزة وتعرفنا على أشياء ارتقت بها الثقافة العربية، فحتى متى البكاء على اللبن المسكوب، وعدم محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه والعودة إلى ما كانت عليه أوضاع الإبداع بشتى أنواعه؟ وشكراً.
الدكتور علي عقلة عرسان: هذه القضية في العمق، هي قضية أمة ومسؤولية أمة، وكل من هو حريص وقادر عليه أن لا يقف متفرجاً، علينا أن نعمل ولو مرة واحدة على أن تطرد العملة الحسنة العملة الرديئة من السوق ومن هذا السوق بالذات، لاحظوا أن المسرح الجاد في العالم بقي حتى القرن 17م يؤدى في معظمه أو كله شعراً درامياً في أداء درامي متمكِّن، وبعد ذلك دخل النثر، إذن هناك قيمة عليا للنص يجب أن لا نستهين بها، فعندما استهان بعض المخرجين بالنص سقط الكاتب والنص لأن المخرج يريد أن يفرض نفسه مؤلفاً وهو ليس مؤلفاً فيعبث بالنص، وعندما لا يحترم النص المبني على قواعد سليمة، بعد ذلك بدأت قضايا متصلة بالشهرة والمال والقدرات، يجب على الدولة أن تأخذ هذه المؤسسة وتحتضنها بأشكال مختلفة، لا أقول أن تكون مائة بالمائة دولة ولكن على الدولة أن تضع القوانين والأنظمة التي تحميها وتشجعها، وعلينا أن نأخذ بالاعتبار شيئاً آخر تأخذه كل المسارح العالمية، أن يكون هناك ما يسمى بـ (repertoire) يعني إعادة عرض نصوص من كتاب وأجيال وأزمنة مختلفة بلغتها وقيمتها، الآن لا يجري هذا، وهذه مسؤولية تعلم اللغة وتعلم القيم وتعلم الموضوعات، ويربط الذاكرة والتاريخ ويبدأ بأن كورناي يكون حياً، في الكوميديا الفرنسية، تسمع دائماً عن موليير وكورنيير وراسين، مع أنه مرت عليهم مئات السنين، ونحن بعد سنة أو سنتين، نعتبر الكاتب انطفأ وانتهى، هذا خلل لأن من يقود أو يخطط لا يأخذ الذاكرة في الاعتبار، والانحسار الجاد على الصعيد السياسي والثقافي والفني، قضية مشتركة ومتداخلة، الانحسار القومي، والانحسار الثقافي، والانحسار الفني متداخلة، لأن السوس دخل في الشجرة.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من المستشارة القانونية ميس أبو دربوح، تقول:
ما هو دور القوانين والأنظمة التي وضعت لحماية حقوق المؤلف والملكية الفكرية، كيف ترى تفعيلها في الوطن العربي، وكيف ترى التفوق الأدبي في الغرب الذي لم يراعِ حقوق التأليف في نقله الكثير من المؤلفين المسلمين والعرب؟ وهل تستطيعون المطالبة بأثر رجعي لحقوق أدبائنا؟ شكراً لكم.
الدكتور علي عقلة عرسان: حقوق المؤلف في الوطن العربي، مشكلة كبيرة جداً ويتوقف الإبداع والاختراع سواء أخذنا الملكية الفكرية أو حقوق المؤلف، أي التركيز على الأدبي والفكري، يتوقف الإبداع في الأمة على حماية هذه الحقوق معنوياً ومادياً، لأننا عند ذلك نقدم الجديد ونحفز على تقديم الجديد، وأنا بتقديري، هناك قوانين موجودة في بلدان عربية عديدة لحماية حقوق المؤلف، ولكن تنفيذ هذه القوانين لا يتم بصورة قانونية صحيحة حسب النصوص ولا توجد أطر أو عناصر بشرية في فهم القانون وتطبيقه، ولا يوجد دورات تدريبية حقيقية لتدريب هذه العناصر، مما يُوجد خللاً. أنا أقول بما أن الثقافة العربية ما زالت أرض مشتركة، أرض عربية واحدة، لغة واحدة، كتاب عربي يقرؤه الجميع، إذن لا بد أن نضع قانوناً عربياً لحماية حقوق الملكية وأن يطبق هذا في الأقطار العربية جميعاً ليحافظ على حقوق الجميع، ومن ثم لا بد من عمل رسمي وقانوني وشعبي ومن الاتحادات والمنظمات للوصول إلى هذه الصيغة وقد سبق وقدمنا مثل هذا المشروع للاتحاد البرلماني العربي لكي يصدره بمجموعه، ولكنه لم يأخذ طريقه إلى النور حتى الآن، أما الحقوق بالنسبة للكتاب الأجانب عندنا أو لكتابنا في البلاد الأجنبية، فلا يوجد في معظم الأقطار العربية اتفاقيات تحمي حقوق المؤلف على المستوى العالمي، وسبق لليونسكو أن وضعت رصدت مبالغ ورصدت مشروعاً لكي يطبق هذا في بلدان أخرى -ولكننا لم نستفد من هذا كما ينبغي، ولا بد من حماية حقوق المؤلف على الصعيد العالمي، ولكن هذا يكلف مبالغ يمكن رصدها بالقرار السياسي، والإرادة السياسية.
الدكتور عبد السلام العبادي: أنا استذكرت الفترة التي أشار إليها أحد السائلين حول تميز المسرح في فترة من الفترات، حيث تذكرت مسرحية حضرناها في القاهرة في أواخر السبعينيات، وهي "مأساة الحلاج" لصلاح عبد الصبور، كيف استطاع من خلال هذه المسرحية أن يعالج قضايا فكرية وحتى سياسية في تلك الفترة وبأسلوب مبدع، وهذا النمط في الحقيقة هو الذي نريده والتوجه إليه من كتابنا ليخدموا الحركة الفكرية في بلادنا وشكراً.
عريف الحفل: سؤال من الدكتور عمر يحيى رئيس قسم التاريخ بجامعة الملك عبد العزيز يقول:
أريد أن أنقل الدكتور من المسرح إلى المسرح الحديث الذي هو القنوات الفضائية، شاهدنا لسعادتكم عدة نقاشات في قناة الجزيرة وهي نقاشات جريئة ومفيدة بلا شك، ولكن السؤال هل تعتقد أنت شخصياً أن ما تنشره وتبثه قناة الجزيرة توعية وتنوير للوعي وللعقل العربي، أم هو توتير وفوضى كما يعتقد البعض؟
الدكتور علي عقلة عرسان: شكراً جزيلاً، الجزيرة لها وعليها، وفي بعض المحطات، كانت هناك جوانب تركز على السلبي، أو تثير المشكلات وتثير الحساسيات أو تلعب على هذه الأوتار مما لا يريح ويخلق تضارباً وتضاداً في الرأي من الإعلامي إلى السياسي ثم من السياسي إلى الثقافي، وندخل في جوانب فيها سلبية إلى حد ما، لكن الجزيرة أيضاً حركت عقولاً، ودفعت همماً للأداء، وقدمت معلومة لم تقدمها محطة سواها، وكانت جريئة في بعض المواقف، وأذكر في هذا المجال، آخر مواقفها في غزة، وأيضاً مواقفها في الفلوجة في العراق، الجزيرة أدت دوراً وحركت الجو، ولكنها لا تخلو من مثالب، وهناك بعض الإثارات التي أعتقد أنها مقصودة ومخطط لها وتضع الإصبع، بهدف إثارة تترك أحياناً عاملاً سلبياً، لكنها محطة فيها أداء مهني جيد، لا أقول كل البرامج، لها جمهور واسع، لها تأثير، اكتسبت سمعة، ولها وعليها، وأردد هذا كثيراً.
الدكتور عبد الله مناع: (ليسمح لي الحضور، بأن سؤال الدكتور عمر يحيى لم أكن أتوقعه إطلاقاً وأبداً، وأنا أضم صوتي إلى صوت الدكتور في الإجابة التي تفضل بها والإضاءة التي قدمها عن قناة الجزيرة، فهي قناة لها مساحة من المشاهدين كبيرة وعريضة وأعتقد أن 70% أو 80% من المهتمين بالشأن العام لا يتابعون إلا محطة الجزيرة قبل أية محطة أخرى، هذا رأيي أنا ورأي آخرين، ولكن رأيك أنت هو الغريب حقيقة).
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذة فوزية الزغبي كاتبة في جريدة "الرأي" الأردنية، تقول:
ما هو دور مسرح الإرشاد القومي ولماذا لم يكن على مستوى الوطن العربي، ولماذا قضايا أمتنا العربية مغيبة عن المسرح والإرشاد القومي، بما أنه يحمل اسم القومية العربية؟ شكراً لكم.
الدكتور علي عقلة عرسان: شكراً جزيلاً، المسرح فن، وعندما تضع الفن أو الأدب في صورة الإلزام وليس الالتزام، في ثوب الدعاية، أو حتى التعليمية المباشرة فإنك تخسر الفن، يجب أن يتضمن النص في بنيته الفنية العميقة والفكرية العميقة، والأحداث والشخصيات، يجب أن يتضمن ما تريد أن تقوله، بحيث يتغلغل في النفس البشرية المتلقية من دون أن تجلده بالدعاية أو تقول له، تعلم كذا، بل أن تهيئ له المناخ الفني العام الذي يجعل تعليمك وفكرك وتحريضك وأداؤك، يتغلغل في نفسه ويعمل من الداخل، وهو مستمتع، هناك طرق أخرى تقول إن المباشرة، هذه لم تنجح كما ينبغي، وأعطونا النصوص التي عاشت مع الزمن ولم تسقط من الغربال، لكن فيما يتعلق بقضايا أمتنا وغيابها عن المسرح، هناك في مراحل مختلفة أدى المسرح وقدم نصوصاً تناولت قضايا الأمة بعمق، ربما نختلف مع الآراء ومجال الاختلاف موجود، ولكن هذه النصوص لم تركز على هذا التيار كما ينبغي، وبدأ بعض الإعلام يميل ضدها أو لم ينصفها، وهناك حملة بدأت مؤخراً خلال السنوات الأخيرة لها خلفية سياسية، فكرية معينة، إن النصوص أو الأداء الذي يتناول قضايا معينة كالمقاومة أو دعم القضايا الأساسية، هذه النصوص لا حياة لها ستموت، لذلك اتركوها واتجهوا اتجاهاً آخر، من الذي قال: إن المسرح الذي يتبنى قضايا الشعب والأمة بالعمق بصورة فنية متمكنة وفكرية متمكنة لا يموت؟ ولكن القضية متصلة بكيف أقدم؟ وبكيف أعالج؟ من أنا في هذا المجال؟ كيف يمكن أن ينصف عملي ويتعامل معه بعقل نقدي موضوعي، وليس بعصا دعائية تضربك على رأسك لتكون ضمن القطيع.
عريف الحفل: سؤال من خالد المحاميد من جريدة "الوطن" السعودية، يقول:
أستاذنا الدكتور علي عقلة عرسان مساؤنا جميل بوجودك، كنت سأسألك عن حلمك في وحدة هذه الأمة وعما إذا كان حلماً مثالياً أكثر من اللزوم أو كنت تؤمن به، ولكنني سأغير سؤالي، منذ الخمسينات اتجه خطابنا الثقافي إلى أن تخلفنا كان بسبب التعليم واتجهت الحكومات سياسياً وثقافياً إلى إنشاء الجامعات والمعاهد والكليات لتنفيذ فكرة أن هذا التعليم سيدفعنا إلى الأمام وإلى مصاف الدول المتقدمة، بعد ستين عاماً من انبعاث هذه الفكرة لا نزال نحن نتراجع إلى الخلف، أين تكمن المشكلة؟ شكراً.
الدكتور علي عقلة عرسان: شكراً جزيلاً سيدي، أعرج على الحلم بجملة، لم أفقد الأمل ولا أعيش من دون التفاؤل، ولكن علينا أن نخفض السقوف قليلاً ونمشي بمراحل ممكنة وما يزال الأمل والهدف والحلم موجوداً، أنا أعتقد أن هناك مشكلة كبيرة في التعليم في كل مجالاته، وكنا على حق، أو كانوا على حق حين قالوا في الخمسينيات إن التعليم يجب أن يأخذ حقاً ومساحات أوسع، لكن تجارب الأقطار والجامعات مختلفة، فهناك، مثلاً بعض البلدان التي اختارت فتح باب التعليم أمام الجميع فأصبح في كلية أو في كل قسم أحياناً طلاب ولا يوجد أساتذة ولا فصول ومدرجات للتدريس، ولا يمكن للأستاذ أن يصحح أوراقهم كما ينبغي، فدخلت قضية التعليم في تراجع في مستوى التعليم ومستوى الاستفادة وهذا أعطى معلومات عامة لعدد أكبر وأعطى شهادات أكثر لعدد أكبر ولكنه لم يخرج نوعيات ترتقي بالمستوى عمقاً لكي نحقق قفزات معينة، ثم لاحظوا أن معظم جامعاتنا ولا أقول كلها، لا تلجأ إلى الجانب التطبيقي العملي، وإنما هناك كمًّا من التنظير لا يقابله تطبيق، ومن ثم فإن الطالب عندما يتخرج لا يكون متمكناً من الأداء العملي كما ينبغي، ثم إن الجامعات بعيدة عن مراكز البحث اليومي المتصلة، والمواكب للنظرية وللتطور، بدأت الآن ولكنها قليلة، هناك في مراحل أدنى فإن المعلم يعاني من الحاجة، ويعاني في الصف، ويعاني من غياب وسائل الإيضاح والمختبرات وسواها في المدرسة، فيخرج الطالب بمستوى أقل وهكذا تتدرج العملية إلى أن أصبحنا في حاجة إلى معلم لكي نبدأ عملية التعليم الصحيحة لنترقّى ونصل إلى الجامعة، هناك مشكلات في كل المراحل التعليمية بتقديري، وعلى الدولة أو الدول العربية أن تمنح هذا القطاع أهمية أكبر بعلمية وموضوعية، لا أن تستورد الحلول النظرية من الخارج، أن تستفيد من كل المنهجيات ولكنها تعالج وضعها في الداخل، ثم إن هناك قضية أخرى متصلة بالهوية وبالوطن والمستقبل، معظم الجامعات العربية، ما عدا بعض الجامعات استثناء، تدرّس العلوم وعلوم أخرى بلغة أجنبية، واللغة العربية أصبحت مبعدة عن مجال العلوم، وهذا يؤثر سلبياً على مكانة اللغة ومكانة التفكير بالعربية، ومكانة الأداء بالعربية في المجالات العلمية، ومن ثم يريدون منا أن نستمر في هذا وأن نمضي لكي تكون اللغة الأجنبية أساساً ليس رديفاً، ليس لغة ثانية وإنما لغة تعليمية في صفوف أدنى، وعندها تغيب اللغة الأم عن التفكير، فالإنسان يفكر باللغة الأم ويرتفع مستوى تفكيره من خلال ثقافته وتجربته وأدائه والخ.. هذه القضية تحتاج إلى عمل كبير وتحتاج إلى مال ووعي اجتماعي وأسري ومتابعة كبيرة، والإعلام يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في هذا المجال، شكراً لكم.
الأستاذة نازك الإمام: من الأستاذة فوزية، من جامعة الملك عبد العزيز بجدة، تقول:
الدكتور الفاضل، تحتار الكلمات كيف تشكرك لشخصك الكريم ولمواقفك الكريمة الأصيلة والشكر موصول أيضاً لإنشاء موقع اتحاد الكتّاب العرب، الذي حول العديد من الدراسات الجادة التي أثرتنا علمياً وفكرياً وثقافياً، السؤال: سيدي الكريم هل من الممكن توفير وسيلة اتصال بكتاب الدراسات والأبحاث في الموقع الإلكتروني، لاتحاد كتاب العرب؟ وشكراً لكم.
الدكتور علي عقلة عرسان: شكراً جزيلاً، هذا الموقع متاح للجميع، ويمكن أن يطور ليشتمل على هذا المعطى الجديد وهو معطى جيد وبالمناسبة نصوص الكتب أو المقالات، في الموقع تؤخذ كاملة بحواشيها ويمكن الاعتماد على مصداقيتها بشكل كامل ومجاناً، ونرحب بالتطوير الذي اقترحته الأخت، والموقع www.awu-dam.org.
عريف الحفل: سؤال من خالد الأصور، باحث بمركز الدراسات والمعلومات بجريدة عكاظ يقول:
لكل إنسان عينان فقط، وسعادة ضيفنا الكريم المحتفى به، له في مستهل اسمه الثلاثي ثلاثة عيون، علي عقلة عرسان، وبعينه الثاقبة ونظرته النافذة، وحسه العروبي القومي الدمشقي، أرجو الإجابة عن هذا السؤال، في زمن الهوان العربي، والتراجع العربي، والاحتلال العسكري والثقافي لبعض بلادنا العربية والإسلامية، كيف ننمي ثقافة المقاومة لدى الشعوب العربية والإسلامية، وبصفتكم توليتم ولمدة ثلاثة عقود رئاسة اتحاد الأدباء والكتّاب العرب، هل قام الأدباء والمثقفون العرب بدورهم في هذا السياق؟ وشكراً.
الدكتور علي عقلة عرسان: شكراً جزيلاً، ثقافة المقاومة بتقديري يجب أن نتبناها ونطورها ونعمل عليها لأن المقاومة ليست مؤقتة، وإنما تتصل بقدرة الأمة على ردع المعتدي وتحرير الأرض وتخليص الإرادة مما يكبلها ومن ثم لا بد من وعي معرفي متواصل بالذات وبالآخر، بالحق بالعدل وبالحرية وبالممارسة الديمقراطية، لكي نستطيع أن نصقل أو نكوّن إرادة مستمرة جيلاً بعد جيل تحمل راية المقاومة وتعمل على التحريض، نحن ليست أرضنا محتلة فقط، بل إن إرادتنا محتلة، الإرادة السياسية على الخصوص، ومعنى هذا إننا نحتاج إلى الوعي وإلى الثقافة في إطار معرفة من نحن؟ من الذي يستهدفنا؟ كيف يستهدفنا؟ وكيف نرد عليه؟ ثقافة المقاومة ليست فقط السلاح، بل هي وعي معرفي بمواجهة الآخر بحواره على أرضية الاحترام المتبادل، وبالمقابل معرفة تاريخنا وتاريخه لنقول له من نحن ومن أنت؟ وندخل الحوار بشروط الحوار، وشروط الحوار أساساً، استعداد لدى كل من المتحاورين أن ينتقل إلى ساحة الحقيقة الموضوعية عندما يتبين له ذلك، إما أن يتمرس في مكانه ويتراشق مع الآخر بالكلام أو بالرصاص فهذا ليس مناخ الحوار، الممانعة إرادة، والمقاومة إرادة ولكنها تبنى على الوعي، وعلى معرفة الحق والعدل والحرية والذات.
الدكتور عبد الله مناع: (الدكتور علي أوضح منذ البداية أنه ليس مع المبادرة العربية، ولكن المبادرة العربية التي أقرت في بيروت وتم التأكيد عليها أكثر من مرة في كل القمم التي كانت تعقد بعد 2002م وفي كل شهر مارس من كل عام، أيدت استمرار المبادرة، ولكن في آخر قمة عربية عقدت في الدوحة صدر القرار بأن المبادرة لن تكون دائماً وأبداً على الطاولة، ولكن الآن مع رئاسة أمريكية جديدة، فلا بد في تصوّري أن تعطى فرصة لهذه الرئاسة، لأن القاعدة كانت الحكم على الرئاسة الجديدة يأتي بعد مائة يوم، ولكن مائة يوم بالنسبة للقضية المحلية الأمريكية، لكن قضيتنا قضية الشرق الأوسط وهي قضية كبرى ضخمة دخلت في عامها السبعين، من 1948م حتى يومنا هذا، أنا أعتقد أنه يجب أن تعطى فرصة للرئاسة الأمريكية حتى نرى ماذا ستفعل، وبعدها فلكل حادث حديث).
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأخت غالية باناجه، من كلية الاقتصاد المنزلي، قسم ملابس ونسيج تقول:
بما أن القراءة في تراجع، ما رأيكم في ظاهرة الكتب المترجمة، والتي تشهد إقبالاً كبيراً من قبل الجمهور؟
الدكتور علي عقلة عرسان: شكراً جزيلاً، أنا أقدّر تقديراً عالياً ما قاله الملك في قمة الكويت، بأن هذه المبادرة لن تبقى على الطاولة طويلاً، لا بد من مراجعة وتقدير موقف، وهذه حكمة نأخذ بها ولكن القضية قضية المبدأ، هي قضية وجود إسرائيل، وموقف العرب من قضية التحرير، لأن هذا هو الجوهر عندي، ولكن للسياسي ظروفه وللمثقف ظروفه.
الكتاب المادة تشد الناس ونحن كتابنا يعاني من أشكال مختلفة منها ما يقدمه صاحب الكتاب من مادة يحتاج إليها القارئ ولا يجدها، كيف يعرف القارئ أن هذا الكتاب يحتوي على مادة متميزة، لا تتم تغطية إعلامية ومراجعة الكتب بالشكل الكامل الموضوعي لكي يستطيع القارئ أن يعرف أين الكتاب، ربما يقبل على المترجم من باب الدعاية للمترجم أكثر من سواه أو أن القضية فيها حاجة غير موجودة في مجالات أخرى، أو فيها أحياناً عقدة الخواجة، كل هذا متداخل.
الدكتور عبد الله مناع: دكتورنا العزيز، الدكتور علي عقلة عرسان، والسادة الحضور، نشكر لكم حضوركم، ونشكر لكم إسهامكم، ونتقدم في البدء بالشكر للدكتور علي على هذه الإضاءة وعلى هذه الإفاضة الطويلة عن حياته وسيرتها، مسرحياً وأدبياً وإن كنا نريد إضافة ونرجو هذا أن يحدث، إضاءة صغيرة للحضور حول الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب في دقائق.
الدكتور علي عقلة عرسان: (شكراً جزيلاً، هناك لبس يحدث أحياناً، فهناك اتحادان هما: الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب أسس عام 1952م وهو يضم اتحادات الكتاب في الوطن العربي، ولا يضم أفراداً، أسس في سورية ولبنان، ولكن عندما اختير المقر، اختير في القاهرة، ثم انتقل المقر من القاهرة إلى بغداد ومن بغداد إلى تونس ومن تونس إلى عمان ومن عمان إلى دمشق، ثم الآن هو في القاهرة، لكن يوجد "اتحاد الكتاب العرب" وهو منظمة أو مؤسسة سورية بقانون سوري يسمح فيها لأي كاتب عربي بالانتساب إليها بوصفه فرداً، أي أنها تضم كتاباً أفراداً الفرق واضح، الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب يرأسه ع.. وهو الأمين العام، واتحاد للكتاب العرب يوجد في سورية يسمى فيه رئيس الاتحاد، واتحاد الكتاب العرب في سورية هو عضو مؤسس في الاتحاد، والاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب هو أشمل.
الدكتور عبد الله مناع: شكراً سعادة الدكتور، والآن يقوم الأستاذ الشيخ عبد المقصود خوجه بتقديم هدية الاثنينية لضيف هذه الليلة، شاكرين ومقدرين للضيف وللشيخ عبد المقصود هذه السماحة في إعطاء فرصة للمحاورين أن يسألوا بأنفسهم في نقاش حر جميل كما حدث هذه الليلة، ونرجو أن يستمر شاكرين ومقدرين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :388  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 136 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الرابع - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج