شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى بها))
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذ "محمد علي محمد" من مجموعة "رؤيا المالية"، يقول:
هل لدى الدكتورة لمياء باعشن بحث عن التراث الشعبي المشترك لدول البحر الأحمر والمرتبط ارتباطاً وثيقاً بالموروث الشعبي الحجازي، وإن كان يوجد مثل هذا البحث، هل لدى الدكتورة لمياء النية في وضع هذا البحث؟ وهل لديها أفكار وأمثلة محدودة لترابط هذا التراث العربي الإسلامي؟ وشكراً لك دكتورة.
الدكتورة لمياء باعشن: أنا لست جزءاً من هذه المجموعة، أنا أتمنى أن يكون هناك حافز لكل ابن منطقة وكل بنت منطقة لجمع التراث الخاص بمنطقته، فأنا لا يمكن أن أكون المسؤولة عن جميع المناطق، أنا إلى الآن لم أنته من منطقة الحجاز، يعني أنا أدّعي أن الحجاز مكان عملي وهو مرتكز أكثر شيء في جدة. وبعض سيدات مكة ساكنات في جدة، كل منطقة يجب أن تتحرك لجمع تراثها وبسرعة، أما مسألة تراث البحر الأحمر فهذه طبعاً داخلة في نطاق الدراسات المقارنة، وهنالك الكثير منها موجود في العالم العربي، في دوريات متخصصة أيضاً في مناقشة الأدب الشعبي.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذ "عبد الحميد الدرهلي" يقول:
هل النقد علم أم فن؟ وهل الأسبقية للعمل الفني أم للنقد؟ وهل هناك تلاقٍ بين النقد الأدبي ومناهج العلوم الاجتماعية؟ وشكراً.
الدكتورة لمياء باعشن: يعني يقصد بالفن ما سمعه الآن "دوها" أما بالنسبة للعلاقة بين العلم والفن بصفة عامة، وطبعاً الحديث عن النقد هل هو فن أو علم؟ وهل هناك تلاقي بين النقد الأدبي ومناهج العلوم الاجتماعية؟ النقد الأدبي علم ويدخل فيه كثير من العلوم ويفاجأ الناس عندما نتحدث عن النقد الأدبي ويأتي ذكر ماركس فرويد، فكثير من العلماء نقّاد. وهم في الحقيقة ليسوا أدباء، النقاد هم المفكِّرون وهم العلماء، النقد هو علم قائم بذاته ومتشعّب جداً، فلو تحدثنا عن العلم وعن النقد الشكلي لـ "دوها" فهذا نقد لغوي قائم بذاته. ولو دخلنا عليه مدخلاً نفسياً، فهو علم قائم بذاته، فلذلك عندما تسأل عن مناهج العلوم الشرعية فطبعاً هذا واحد من مداخل الأدب ومناقده.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذة "أمال نقشبندي" مديرة الإدارة بكلية الطب قسم الطالبات سابقاً، تسأل الدكتورة:
هل يمكن أن ندرس هذه الثقافة "دوها يا دوها" و "الثبات والنبات" بدلاً من "سندريلا"، أي حكايات زمان وشعبياتنا الحجازية، وإني متأكدة أن هناك حكايات من نجد ومن القصيم ومن كل مكان في هذا الوطن العربي؟
الدكتورة لمياء باعشن: كثير من الناس يستسهل الحكايات الشعبية على أنها حاجة لتسلية الأطفال، والموضوع أكبر من هذا بكثير في الخارج وأنا رأيت كثيراً من العلوم تدرس في المدارس الابتدائية وحتى بعد المرحلة الثانوية، وفي الحقيقة إذا أردتم فالمرحلة الأخيرة هي توظيفه، فكثير من الناس لن يصدقوا إذا قلتم إن مسرحية شكسبير قائمة على تراث شعبي، فـ "ماكبيث" حكاية شعبية، فإذا تغلغل التراث الشعبي في روحانيات الناس ووجدانياتهم يخرج بأشكال راقية جداً، فعندما نعرف أن سندريلاّ سمفونية وأن الناس تحني الرؤوس للطريقة التي تم فيها توظيف موضوع سندريلا في الفكر والأدب والفلسفة، ويمكنها أن تكون مادة لينة تدرس في المدارس للتعليم، أعطيك مثلاً، واحدة من الأغنيات الشعبية التي نقول عنها "القشرة والبيضة" وهذه لها مثيلات في كل العالم مثيلاً، وهي درس كامل للحساب والرياضيات وعلم الأوزان، والتعاون من الناحية الأخلاقية، حتى في العلوم والهندسة، هذه الحكاية تحكى كثيراً في مناهج العلم.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الدكتور "عرفة حلمي عباس" من جامعة الملك عبد العزيز يقول:
يمثل جمع التراث الشعبي ضرورة لقراءة الوجدان الجماعي للشعوب، والمملكة العربية السعودية لها بتراثها، ألا يستدعي جمع هذا التراث إلى إنشاء مركز للتراث الشعبي ينهض بجمع ألوان الفلكلور في كل أنحاء المملكة، بمنهجية علمية، يحشد للقيام به المهتمون، ألا يحتاج الأمر إلى إعداد مجموعة من المتخصصين في التراث الشعبي، لجمعه وتصنيفه، فما آلية ذلك في تصورك؟ شكراً لك.
الدكتورة لمياء باعشن: نعم هنالك جهود هي جهود يجب أن تذكر، هناك مركز لجمع التراث في دول الخليج ولكن جهوده توقفت. وقد تحركت دارة الملك عبد العزيز لتشكيل فرق للخروج إلى الميدان وجمع التراث الشعبي، ما أريده أنا وأحلم به من ناحية وجود المركز، أقل من هذا رسمياً، الجمع المتحفي للتراث أيضاً، ما أريده هو أن نخرج إلى الناس بروح جديدة ويصبح التراث جزءاً من تكوينهم وتكوين أطفالهم وتكون مخيّلاتهم، والمركز يكون جميلاً وحيوياً أيضاً، وبمعنى أن يستقطب شباباً وشابات للمشاركة في العمل، فعندما كنا نشتغل على "دوها" فإن ملحن الأغنيات كان شاباً "عبد العزيز فتيحي". فبجهود جبارة استطاع أن يوازي بين إيقاع 90% من روح النغم الشعبي وبين إعطائه زخماً معاصراً مواكباً للزمن أيضاً، وشابة مثل "آلاء مظهر" اشتغلت على "أولاف دوها" وهو عمل فني قائم بذاته، أنت تشعر بمدى تجاوب الشباب مع العمل الفني الحجازي الأصيل، هذا ما أطمح إليه مكانة تفوق المعمل بإعادتها إلى مخيلة الناس وإلى وجدانهم، ليس بجمعها وصيانتها فقط، فنحن لسنا بصدد متحفة التعبير الشفهي، التعبير الشفهي ليس ما أقوم به، وطبعاً هو مهم ويجب أن أقوم به ولكن ما أطمح إليه أنا هو شيء مختلف.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذة "مشار العتيبي" من جامعة أم القرى بقسم الإدارة التربوية، تقول:
ما هي العلاقة الخاصة والرباط الحميم بين لمياء وبين الإرث الاجتماعي في حين نفترض أن غالبية من تمازجت لديهم ثقافات الأدب من غربية وعربية هم الميّالون للتفاني بلغة الآخر وموروثه وملامح حضارته؟ شكراً لك.
الدكتورة لمياء باعشن: هذا تكويني، أنا لم أخرج من جلدي إن تراثي هو اجتماعي حجازي، وعند خروجي للخارج فأنا أعتقد كما قلت بطانتي قوية، والآن علاقتي بأهلي وجيراني علاقة ود لكوني في مرحلة انتقال، لم يكن انتقالاً تاماً. فأهلي خرجوا من الحارة آخر الناس، لقد بقينا في الأجواء نفسها مدة طويلة جداً، وقلت داخل عائلة كبيرة جداً، وانتمائي قوي لدرجة أنه صعب أن أخرج من هذا كله، وأيضاً وأنا في الخارج في الحقيقة كان تعليمي شمولياً لدرجة أنه نمّى عندي أهدافاً لضرورة نبش الماضي والتواصل معه، أنا كنت في أمريكا، وأمريكا دولة جديدة مستحدثة وليس لها تاريخ، فنظرت بعيني فوجدت أن هناك مراكز تاريخية تراثية تبحث عن تراث أمريكي ليس له وجود بينما بيتي أنا يقدر بسنوات عمر الدولة، فما أحمله أنا كثير. وعندما كنت في أمريكا، لاحظت هذا الاهتمام الشديد والكبير بإيجاد جذور للتراث، وكذلك بطبيعة الحال لا بد أن أنتبه لما يحصل، وأنا الحمد لله أعطيت الآلية، آلية البحث، وآلية النظر إلى النصوص الأدبية والحكايات الشعبية وانتقادها ومقارنتها بما يشابهها في العالم كله.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأخ "أشرف السيد سالم"، يقول:
الدكتورة لمياء من الرائدات المتميزات في حقل الفكر والأدب وفي ميدان الثقافة والكتابة وساحة النقد والإبداع وقد تعجّبنا من بروز الخلاف بينها وبين رئيس مجلس إدارة نادي جدة الثقافي علناً على صفحات الجرائد رغم أنك كنت وما زلت من أهم الناشطات في فعاليات النادي وهناك ظاهرة نلاحظها في ساحتنا الثقافية أن العديد من المشتغلين في النقد العربي هم في الأصل من المتخصصين في الأدب الإنجليزي، مثلكم مثل الدكتور سعد البازعي وغيركما، فنأمل إلقاء الضوء، وسؤالنا للاستضاءة وليس لاستنكار الظاهرة، ولك جزيل الشكر.
الدكتورة لمياء باعشن: إن ما يؤسفني كثيراً هو التلقي لأي نوع من الجدل يحوّل إلى خلاف، أنا ليس بيني وبين الأستاذ القحطاني أي خلاف، أنا عندي خلاف مع نقطة أثارها، وربما يكون أنكرها ويقول غير صحيح وأنا أصدقه ولكن السؤال ما زال مطروحاً على صفحات الجرائد، أنا لم أفتعل شيئاً، وعندما ناقشت ناقشت نقطة معينة بموضوعية تامة، لكن هنا لا أدري سبب المبالغة في تقييم الأمر ولا زلت أناقش النقطة هذه إلى أن نصل إلى حل لها من جذورها، لا يعني أن بيني وبين الأستاذ القحطاني أي نوع من الخلاف، وهو أخ وزميل عزيز جداً وأنا أعلم أنه على قدر المسؤولية وعلى قدر النقاش أيضاً، والنقاش لا يفسد للود قضية.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأخت "هدى الزهراني" كاتبة في جريدة "الجزيرة":
تقول إنها ضد ذلك الاتهام، لأن الدكتورة هي القدوة والمثل الأعلى ليس لها فقط وإنما لجميع أبناء جيلها، وقد تعلمت منها الكثير وأهم شيء هي تعلمنا كيف نفكر وهذا ضروري للسعوديات، كيف نستفيد من وعينا الثقافي لتحقيق ذات ثقافية خاصة، وسؤالها: ما هي الدلالات التي يمكن أن تستقرأ من خلال ما يأتي: إن المؤسسة الثقافية الأهلية سبقت المؤسسة الثقافية الحكومية في تقدير قيمة المثقفة وفي تقدير منجزاتها دون مزايدة أو خداع في تفعيل المنصف والمساواة بين المثقف والمثقفة؟ شكراً دكتورة.
الدكتورة لمياء باعشن: أنا لا أعرف أية جهة حكومية يجب أن تحتفي بالمثقفة، هذا منزلق وليس محطة في حياتي، فالتربية والتعليم منزلق خطير ولا أريد الوصول هناك أبداً.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من المهندس "عبد الغني حاووط" يقول:
نعلم أن لغتنا العربية صامدة في وجه التغيير حيث إن القرآن الكريم حفظها لنا في ذلك، إلا أن اللغات الأخرى ومنها الإنجليزية تتبدل في طريقة كتابتها حيث إن القديم يختلف عما يكتب حالياً، وقد سمعنا أنه في طور دراسة شاملة لإلغاء الأحرف التي لا توصف في كلماتهم، هل من توضيح في هذا؟ وشكراً لك دكتورة.
الدكتورة لمياء باعشن: اللغات بطبيعتها كائنات حية، تجميدها خوفاً عليها قتلاً لها، اللغة مكانها اللسان وليس القلم ونحن قد قطعنا ألسنتنا للأسف الشديد وتوقفنا عن ربط اللغة العربية بالجديد لأننا نخاف أن نجمد هذا الهيكل القديم، اللغة العربية كانت موجودة قبل القرآن، فالقول أن القرآن نزل بلغة العرب هذا شيء، واللغة العربية هي لغة القرآن هذا شيء آخر، كانت هناك لهجة قبل نزول القرآن والعرب تحدثوا بها، وعندما جمعت القواميس والمعاجم حفظاً للغة كانت تستقى من أقصى المناطق في الجزيرة العربية، قوم كذا قالوا كذا، وسمعنا شخصاً قال كذا، فالكلام حيوي ولا يمكن أن يحجز في لسان عرب السنة الأولى بعد الهجرة، المشكلة أن هنالك شكلاً رسمياً للغة، وهنالك مكان يجب أن ندلف إليه، لنخرج بتعبير معتمد لغوياً وبالتالي لا يمكن أن يكون معتمداً لغوياً، وبالتالي لا يمكن أن يكون جزءاً من لغة حية، اللغات في الخارج لغات حية جداً وهي تتغير وتتبدل وتضيف وتحذف وهذا يحدث للغة العربية، لا يمكن لأحد أن يصدق أن ما نقوله اليوم أو نقرؤه اليوم في الصحف هو تماماً ما كان مكتوباً في صورة الإسلام الأولى أو في عصور اللغة العربية الأولى، هنالك تغيير وهناك من يرفض هذا التغيير، فالدراسات اللغوية أحسنها وأقواها عن اللهجات العربية وليس عن اللغة العربية الفصحى بشكل واحد موحَّد، كل شيء يجب أن نلتزم به حتى الكلام، هذا يفسِّر لماذا هنالك تغيير مستمر، وهناك رفض مستمر، فالقواميس اللغوية تصدر سنوياً ونحن ليس لدينا قاموس واحد يرصد تغييراتنا اللغوية، يجب أن نفتح الباب قليلاً للتزاوج بين العامية والفصحى، أنا لا أقول إن العامية هي الأصح أنا أقول إن الفصحى هي الأصح، ولكن أيضاً سد الأبواب ولدرجة أننا نشعر ونحن نتحدث العاميات كأننا أغراب، هذه مصيبة يعني لا زال لدينا القدرة على تشكيل كلمات يدعو إليها احتياج موقفي معين وهذه لا يمكن أن تكون فقط بالشكل الرسمي، القلم، المطبوع لمشاركة الكل والجميع، يجب أن تكون لنا أذن مصغية لبعض الكلمات الحيوية في عامياتنا.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الدكتورة "بديعة قشقري"، (دكتورة لغة إنجليزية)، تقول:
الدكتورة لمياء تحدثت عن إحياء الأمانة التي أوصاك بها أسلافك وقد أديتها بإخلاص، فتشكرين، هل تؤيدين فكرة إدراج التراث التي جمعت في المناهج التعليمية، لا سيما وأننا أمام عاصفة العولمة التي تعج بها وسائل التثقيف والترفيه لأطفالنا؟
الدكتورة لمياء باعشن: تماماً هذا ما قلته، يجب أن يخرج التراث، هناك من يعترض على فكرة أنني أرفض التراث بالعامية وأن الفصحى هي الأساس، أنا لست في حالة صراع مع فصحى وعامية، أنا باحثة ميدانية وما أجده يجب أن أنقله وبأمانة، هذه المادة الخام لو لعبت بها للامني العلماء، يجب أن لا أعبث بها كثيراً وأنا أمد يدي بعض الأحيان للضرورة، لكن هكذا هو القانون، هذه هي الطريقة المطلوبة أن أكتبه بالشكل الذي أسمعه تماماً من أفواه الراويات بالشكل الشفهي وأنا أدونه، ماذا نفعل بالمادة الخام بعد ذلك، كما يقولون بالإنجليزية، السماء هي الحد، يعني المجال مفتوح أمامنا أن نجعلها فصحى ونجعلها تدخل في مناهج دراسية وأن تصبح جزءاً من حياتنا ومفرداتنا الشعبية. هي ضمير جامعي متحدة على معاني واحدة، فتصبح كالشفرة، يعني كود بيننا نفهمه من كلمة واحدة، وهذا شيء أنا تربيت عليه بين أهلي، يعني كل الحمولات والدلالات للحكاية تحضر بمجرد كلمة واحدة نفهمها جميعاً، فتخيل لو كان كل المجتمع اهتدى لهذه الفكرة، وهذا كنت أجده بين كل الراويات اللاتي ألتقيهن، أي عندهن الكود نفسه الذي أسمعه عند أهلي، الآن لا يوجد بين أطفالنا رابط، إلاّ الرابط الخارجي، روابط كلها أجنبية ولغوية بعيدة عنا وعن حياتنا، هذا شيء مؤسف ومبكٍ، وليس شيئاً مفرحاً أبداً في رأيي.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأخ "خالد دالي" يقول:
ما رأي سعادة الدكتورة لمياء بالمخزون التراثي، هل كله جدير بالإحياء، سواء كان يحمل قيماً إيجابية أو سلبية، أم أنه يجب على الناقد والدارس أن يفحصه وينتقي منه ما هو مفيد ونافع لهذا الجيل؟ وشكراً.
الدكتورة لمياء باعشن: مقياس النفع والضرر خاص جداً، ما يراه أي شخص راجع إليه، وبالنسبة إليّ أنا مهمتي كباحثة كله مهم، فأنا مضطرة أحياناً إلى أن لا أزيل كل شيء، لأنني لا أملك رقابة، الأدب الشعبي الشفاهي، ليس عليه رقيب يتحرك ببساطة وعفوية من الناس للناس، لم يهيأ لأن يطبع، وأن يذهب إلى وزارة الإعلام ويأخذ منها تصريحاً ويخرج للناس باسم مؤلف، أنا لست مؤلفة الكتاب ولا أدري من الذي ألّفه، فهو من الناس وإلى الناس. فالعفوية عامل مهم جداً، وبالتالي ما يأتي من الناس كما هو يجب أن يدوّن، ما يأخذه الشخص منه، فالأمر راجع إليه، مسألة الفضيلة والرذيلة والصح والخطأ، هي مقاييس خاصة جداً جداً، أنا عليَّ أن أقدم وأن لا أغفل عن شيء مما وصل إليّ، وكفاية للرقابة.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذة "فريدة فارسي" تقول:
عندما عدت من الغرب إلى الوطن بعد طول غياب وجدت المجتمع قد تغير بعوامل الصحوة الدينية، وعندما كان أسهل ما يقوم به أي أستاذ أو أستاذة هو ركوب هذه الموجة فذلك سيهمنا أولاً المبتعثين من الطلبة أو الطالبات ثم رضا المسؤولين والوصول للمناصب، ولكن الدكتورة حافظت على الوسطية ومارست الدين سلوكاً وتعاملاً، ما الذي يجعل الدكتورة تحلّق خارج السرب وذلك طيلة عملها بالجامعة؟ وشكراً لك.
الدكتورة لمياء باعشن: جزء مني لم يعد إلى موطني، جزء مني لا زال في أمريكا، أنا تركت أمريكا من بيتي في البلد وعندما عدت كان أهلي قد تركوا البلد، فعندما عدت فإنني لم أعد تماماً، لكن عندما عدت فعلاً لم يتغير المكان فقط وإنما الزمان أيضاً، كان الناس مختلفين جداً وكنت أفاجأ بأشياء كثيرة كنا نفعلها ولم يكن لها من حمولات إلاّ حرام أو كفر، يعني حكمين سريعين على تصرفات كنا نقوم بها منذ زمن طويل، وأعتقد أنه حتى الحكايات الشعبية التي كنا نقوم بها والأهازيج كانت جزءاً منها، اختفت من إحساس الناس وكانوا يقومون بشيء خطأ، أو شيء محرم، الغناء حرِّم والحكي عن أشياء كثيرة داخل الحكاية عناصر بدأ الناس يتحرجون في قولها أو حتى من سماعها، لماذا أنا لم أنْسَق؟ لأن بداياتي كانت قوية في الدين، أنا لم أشعر بنفسي مهتزة، ولم أجد نفسي لجّة الماء حتى أجد لنفسي غصن شجرة لأتعلق به، إحساسي بالدين والحمد لله ورثته من أهلي من بدايات حياتي وأنا كان لي جدٌّ في البيت، إنسان جميل وعلاقته بربه كانت رائعة جداً، وحببنا في الله وحببنا في الرسول وكان الدين خلقه وكان الدين مساره، وفهمنا منه كثيراً، فكل شيء كنا نسأله عن حكمه كان يعرف، وجدي مشهور، أنا نشأت في بيت الكل يصلي فيه فلم أحس أبداً أن الصلاة كانت شيئاً طارئاً علينا، كنا نتحجَّب أمام الناس وكنت أحس أن مجتمعنا يعني نكتة أن يشجع الحجاب في مجتمع لا يوجد فيه اختلاط أصلاً، كانت عادات البلد أن لا يجلس الرجال والنساء سوية وإذا خرجن بعباءاتهن، فعندما نأتي إلى المرأة ونقول لها البسي عباية وطرحة وتحجبي، فهذه بالنسبة إليّ نكتة، الشيء الثاني وهو إحساسي بقوة الدين، وهو ما حكيت عنه سابقاً، وجودي في أمريكا وتساؤل الناس عن أشياء كانت من المسلمات بالنسبة إليّ، فأدى ذلك إلى كثير من البحث وأنا كنت ممثلة لحضارة وممثلة لدين فكان كثير من الأسئلة يوجَّه إليَّ بشكل هجومي وكان يجب أن أتسلح فقرأت الكثير وانتبهت لكثير من الأشياء، فأنت عندما تكونين في بلد، داخل المجتمع وداخل العائلة والكل يصلي تشعرين بالبركة موجودة حولك، فيقع على مسؤوليتك أن تقيمي أنت الصلاة لوحدك وأن تواجهي أنت لوحدك المجتمع، يوضع دائماً على حافة السؤال، فبحثي ورغبتي في تسليح نفسي أيضاً أعطاني الكثير من المعرفة والتوسّع في معاني الدين السمحة.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذ الدكتور "محمود زيني" يقول:
نبارك للدكتورة في ليلة تكريمك في الاثنينية ونبارك جهودك في كل ما تعملينه في التراث الشعبي الحجازي، وقد اختير الأديب الشيخ أحمد السباعي أول رئيس لنادي مكة الثقافي، والأديب الشعبي الكبير له جهود كبيرة في نشر التراث الشعبي الحجازي كـ "عمّتي كدرجان" وغيرها، فهل كان لسعادتك اتصال بجهود الشيخ السباعي؟ وفي أي القصص لديك؟ وشكراً.
الدكتورة لمياء باعشن: الأستاذ السباعي كان يكتب قصصاً بمعنى أنه يستوحي التراث ويكتب قصة من عنده، وليس جامعاً للتراث، وإنما مرحلة ثانية وهي ربما إعادة إحياء التراث، وحتى ليس توظيفاً، لا زال إحياء، لذلك أنا طبعاً قرأت كل ما كتب لكن لم أجد رغبة تجميعية بشكل علمي لحكاية شعبية كما سمعها حرفياً، وإنما كان سبب النقل له محبة للتراث وإعادة إحيائه وإخراجه للناس، أنا لا أقلل من جهد أي شخص وأنا أعتقد أن منطقة الحجاز غنية جداً وحظها تعيس جداً بأبنائها الذين يحبونها كثيراً كثيراً، سواء على مستوى الكتابة أو على مستوى العمل، يعني لا أحد يستطيع أن ينسى جهد الأستاذة صفية بنت زقر في حبها للتراث عن طريق الرسم، ولا أحد ينسى جهود هند باغفار وحبها للغناء والطرب وتجميعها للأشياء التراثية، الملابس والعادات والتقاليد والمناسبات، كثير من الرجال كمحمد صادق دياب، محمد علي مغربي وكثير غيرهم، ولكن أنا أعتقد أن هناك جوقة من الناس تتعاون في حبها للحجاز بإعادة أشياء، ووسط الحجاز مليئ بالتراث ومليئ بتلاقح حضارات كثيرة في نواحي كثيرة على مدى عصور طويلة لا يمكن أن نغفلها.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الدكتورة "أروى خميس" تقول:
توثيق التراث مرحلة مهمة ولكن إيصال هذا التراث للجيل الجديد مهمة صعبة، هل ترين أن ذلك يجب أن يتم بشكل مجرد، وما هي الآليات التي يمكن أن نستخدمها حتى يصمد تراثنا أمام المد الثقافي الغربي في وجه أطفالنا؟ هل علينا أن نزيِّن ونلوِّن ونجمِّل تراثنا؟ ألا يعتبر ذلك تعريفاً له؟ أم علينا نقله كما هو؟ أليست لغة التراث أن نحاكي أجواء بعيدة عن أجوائنا؟
الدكتورة لمياء باعشن: جزء مهم جداً من عودة التراث هو الوقت وتحدثت أنا قليلاً عن حرج الموقف وعن حرج الزمان، أنا أعتقد أن الحاضر منطقة حيوية جداً وزمن حيوي جداً، لماذا الجيل الذي تحدثت عنه ما زال جيل الوسط الذي سمع وعاش وأحب ثم صمت، والآن عندما تخرج حكايات لها أو أي نوع من التعبير الشفهي، الطفل يسمع ولكن عندما يرجع إلى مرجعية حية يجد فيها التفاعل، فأنا مثلاً مع "دوها" كانت لي تجارب كثيرة وكثيرة جداً مع جيل الوسط الذي يسعد كثيراً بتفاعل أبيه وأمه مع الأغاني وأطفاله أيضاً في الوقت نفسه، هنالك حلقة وصل إذا لم نستغل هذه اللحظة في وجود الجيلين، الجيل الآتي والجيل الآفل وحلقة الوصل في الداخل التي تعرف قيمة التراث ونسيت أن توصله، والطفل موجود الآن ليستقي من آبائه ومن أجداده، اللهجة نفسها فكثيراً ما ترد إليَّ مكالمات هاتفية تستفسر عن معنى الكلمات، يعني أن الكلمة ضاعت بغض النظر إن كانت عامية أم لا، فأنا أعتقد أن العامي هو في لحن القول وفي الطريقة التي نتحدث بها "intonation" لكن المفردة في حد ذاتها رائعة، لم نأت بحروف من عندنا فهي لغة عربية وإنما صغناها بشكل معين، فلماذا هذه الكلمة ضاعت رغم حيويتها وجمالها واحتياجنا لها، كثير من الأمهات والبنات كثيراً ما يحبون، فإحداهن قالت لي مرة شكراً لك لأنك ساعدتني على إسماع أطفالي صوت عمتي التي ماتت، يعني هذه من ضمن الأشياء التي أفتخر بها، إذا كان سعد موجوداً فواحدة من الكلمات التي سمعتها منه لما قال لي: أخيراً أنا وعيالي نقوم بشيء لا نجامل فيه بعضنا البعض فهو يحب "دوها" وهم أيضاً يحبونها في الوقت نفسه، فهو لا يقوم بشيء مخصوص ليسعدهم أو يحاول أن يجرهم إلى عالمي، كذلك هناك ابن لمحمود تراوري على ما أعتقد قال لي: يا سلام هم يتكلمون مثلنا، أخيراً يجد الطفل مرآة نفسه في الأعمال، يعني ليس كلما يحضر له أهله شيئاً من الكتب أو السيديهات لا يرى إلا الأجنبي ولا يسمع إلا الأجنبي وحتى لو عربي آخر جميل، يسمع مصري وسوري ولكن لا يسمع حجازي، فهناك لهجات حية حوله لنقل النجدي فقط أو الحجازي فقط إذا كان محروماً منه، والناس التي تقطن مناطق أخرى تتساءل عن كم يوجد من نماذج مختلفة لـ (دوها)، في الشرقية وفي مناطق نجد وغيرها، فلماذا أنتم صامتون، يا جماعة يوجد شيء جميل جداً بيننا لماذا لا تخرجوه، امنحوا الفرصة لأطفالنا للتعرف على المناطق من هذا المنحى على الأقل، التبادل الثقافي الشعبي.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأستاذ "عبد الرزاق صالح الغامدي" يقول:
إن الاختلاف ظاهرة صحية، ولكن ألا ترين يا دكتورة لمياء أن الردود التي فيها راحة للنفس من العناء هي الأفضل والأصل في عالم الصحافة خاصة والأدب عامة؟ شكراً لك.
الدكتورة لمياء باعشن: إذا كان المقصود بالسؤال هو أن أصمت على كل اختلاف يأتي في طريقنا فأنا لا أصمت، أنا لا أحب الصمت، فالصمت سلاح الضعفاء ولكن لا أريد أن أدخل في المتاهات والمهاترات الشخصية، فأنا لست من هذا النوع، إنما أنا صاحبة فكرة، وإذا كانت الفكرة تستدعي أن آخذ وأعطي معها إلى الصبح فسأفعل، لن أصمت.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الطالبة "صفاء عبد المجيد الزهرا"، وهي طالبة جامعية تقول:
في نطاق اهتمام الدكتورة بالتراث الحجازي هل هناك مشاريع قادمة أو تعملين عليها؟ شكراً لك.
الدكتورة لمياء باعشن: هنالك الكثير ولكنني لا أستطيع هذا مجال تناسقي قوي جداً، التراث الشعبي في متناول الجميع، ليس هناك قدرة لأحد أن يقول هذا مجالي، فمجرد ما تظهر الفكرة فبسهولة تذهب، فأنا طبعاً هناك الكثير وأرجو أن يمد الله في عمري ويعطيني صحة كافية وكثير من الفلوس لأخرج كل الجواهر التي لدي.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الطالبة "ميسون حاووط" تقول:
ظهرت في الآونة الأخيرة المدارس العالمية المسماة "بالانترناشيونال"، هذه المدارس عليها إقبال الكثير من الأبناء لكي يتعلموا اللغة الإنجليزية أكثر من اللغة العربية، ما رأي الدكتورة لمياء من هذه الظاهرة؟ شكراً لك.
الدكتورة لمياء باعشن: أنا لا أعتقد أن الناس يحبون "الانترناشيونال سكول" من أجل اللغة الإنجليزية، فأنا أعتقد أن عندنا مشاكل كثيرة في التعليم وفي طرق التعليم في المدارس التقليدية بشكل قاتل للمواهب وأنا أعرف الكثيرين من عائلتي من أطفال موهوبين وواعدين بطرق تفكير "Fresh" يعني طازجة، وأشاهد قتلهم أمام عيني، هنالك مشكلة في التعليم ونواجهها بشجاعة، ليس هناك مجرد منهج دائماً أفكر في تغيير المنهج، فطريقة التدريس هي الأهم، كيف نصل عالم خارج المدرسة بداخلها، عندما نتحدث عن التعليم كجزئيات، حتى في اللغة العربية عندنا مشكلة، يعني نحن في الجامعة يصل إلينا من المدارس طالبات الثانوية، ومعدلهن 99.35% وبعد ذلك تختبر في اللغة العربية فنجدها فاشلة، لا قدرة على التعبير ولا قدرة على الإملاء ولا قدرة على النحو والقواعد، فإذا كانت لغتنا العربية تعيسة إلى هذا الحد فليس هناك مشكلة في اللغة الإنجليزية أن نذهب إلى مدارس عالمية، ليست هنالك فكرة في طريقة تعليم الطفل كيف تتوسع معارفه وكيف تنمو قدراته الفكرية إلى حد يبهر الأعضاء، وهذه هي المشكلة ولنواجهها بشجاعة.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأخت "سميرة سمرقندي" تقول:
لماذا لا نرى لك في التلفزيون سواء المحلي أو المتخصص في الأطفال أعمالاً تراثية كمسلسلات أو أناشيد أو غيرها؟ شكراً لك.
الدكتورة لمياء باعشن: هذا النوع من الأسئلة يأتيني بكثرة، لماذا لا تفعلين كذا؟ ولماذا لا تذهبين إلى التلفزيون والمسرح؟ استحالة، ليس تخصصي أطفال، وأنا لا أعتقد أن تراثي الشعبي خاص بالطفل ولا أفهم شيئاً في أدب الطفل المتخصص المنهج. أنا أؤمن جداً بالاتجاه الشعبي في تعليم الطفل وهو تعليم عام، يعني نحن نشأنا في بيوت ولم تخصص لنا حكاية ولم تخصص لنا أغنية ولم تخصص لنا غرفة وهكذا كنا جزءاً من كيان عائلي وننشأ سوياً ونتعلم، وكل جزء من عواطفنا مشتركة، هنالك تطويع بمعنى حتى الكلام رأيته وأنا أجمع الحكايات، عندما تحكي الجدة حكاية ويوجد في المكان نفسه أطفال فالحكاية نفسها وببراءة تصبح صالحة للطفل، وإذا كان هنالك رجل في الغرفة تتغير نغمة الحكاية وعطاء الراوية أيضاً ببراعة وتصبح خاصة أيضاً لوجود رجل بين النساء، ولو كن نساء فقط فالحكاية تأخذ نسقاً مختلفاً تماماً، المادة في حد ذاتها لا توجد سيطرة عليها وإنما براعة الراوي وهذا علم مستقل بنفسه بحيث يمكن أن ندرس ماذا يفعل الراوي داخل الحكاية، إنما هل الحكاية مناسبة لبرامج الأطفال؟ جداً جداً أكثر من الأغاني وأستطيع أن أعطيك أفكاراً ولكن تنسيقها ليس مسؤوليتي.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الطالبة "رنا عيد" تقول:
تعلمت منك الكثير ولا زلت أتعلم، هل تتوقعين وصول التراث الشعبي إلى العالمية؟ وهل تعتقدين حصول ذلك مرتبط بفترة زمنية محدودة وهي وجود الجيل الرابط بين القديم والحديث؟ أتمنى لك مزيداً من النجاح، شكراً لك دكتورة.
الدكتورة لمياء باعشن: الوقت حرج للجميع، يجب أن يسجل الآن كل شيء، والوقت لنقل العاطفة الخاصة بقيمة الحكاية، يعني عندما يكون الأب فخوراً بالحكاية وهو يحكيها لابنه، هذا الذي نحتاجه الآن، عندما يأتي للأم ويقول هذه الحكاية من أصولنا، لا تخجل ولا تخجلي، يعني ما الفرق بين "الفأر الزقزق" وبين "ميكي ماوس". لماذا ميكي ماوس "خفيف الدم" و "شيك" بينما نحن متخلّفون وبلديّون، يعني ما هي المشكلة في ذلك؟ إنما بعد ذلك وأنا أعتقد إذا سمحت الظروف بإزالة هذه المادة وسنحت الظروف فهناك خروج للعالمية وبأي نوع من الأنواع، هناك تجربة فريدة لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لإنشاء "فيلم بارك" في أبها، واشتغلنا في مرحلة ولكنها لم تكمل، لكن الذي أحب أن أنقله منها هو خروجنا لأمريكا فترة وأخذنا معنا الحكايات، كان المفروض اسمها "أرض الثبات والنبات" على شكل ديزني فقط كلها محلية، لما رحنا واشتغلنا مع المهندسين في ديزني وهم الذين فكروا في الألعاب وهم الذين كتبوا النصوص، كانوا منبهرين جداً جداً بكل حكاية وكانوا يقومون أمامنا بألعاب قائمة على الحكاية، واللعبة كلها وتكوينها الحكاية الشعبية من عندنا، للأسف الموضوع لم يكتمل، ولكن أقول إنه لو ظهر للعالمية فظروفه جداً ممتازة وإمكانية وصوله جداً موجودة ونحن في حالة خوف على فكرة إذا لم نستغلها نحن، فهناك من هو جالس ينتظر، أتعلمين من هم أكثر الناس نشاطاً في العالم العربي إنهم الفلسطينيون، لأن اليهود يزحفون شيئاً فشيئاً على تراثهم، هناك حملة في الجزء الشامي من الدول العربية تقودها الأمم المتحدة، اسم الحملة "كفوا أيديكم عن أطعمتنا" لأن أي مطعم إسرائيلي حول العالم عنده فلافل، وعنده عيش شامي.. ما هي الضرورة أن يكون للشعب أكل معين، أو تراث شعبي معين، هذا دليل الحضارة، يعني ليس مشكلة في هذا البلد أو هذه الأرض فقط، أنت لك سنوات في هذه الأرض وفكرت، وتخيلت، وأعطيت فلك عطاء مشترك، إذا ضاعت هذه الحلقة الواصلة بين الناس ليس لك أي إحساس إنك أنت فعلاً صاحبة هذه الأرض، لهذه الدرجة اليهود يحفرون لأنفسهم جذوراً. أنا قلت في البداية إن الدول المستحدثة ليس لها تاريخ في المكان فمن الضروري أن يكون طابعها اللبسي وطابعها الطعامي وطابعها الكلامي مناسباً للأرض التي يعيشون عليها، لذلك من الضروري أن يأخذوا ويسألوا هل هذه الحكايات وهذه الكلمات وهذه الأطعمة هي مناسبة لجو المكان الذين يعيشون فيه.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من "هلا العسيلان":
دكتورة هل تعتقدين أنه يمكن للموروث الشعبي أن يؤثر على الثقافات الأخرى العارضة، وأن تستقي من تراثنا ومن موروثاتنا؟
الدكتورة لمياء باعشن: شيء طبيعي وهذا الدرس منتهي، تأثير التراث العربي عموماً على مدى السنين في الحضارات الغربية كبير جداً وملموس وعليه دراسات لا تحتاج لتأكيد، هل تراثنا الحجازي قادر؟ قادر وأعطيك مثالاً بسيطاً للشيء القديم لتأثر ديزني بفيلم علاء الدين، فهذا فيلم قائم على حكاية شعبية المفروض أنها عربية في الاسم فهناك خطر في عدم رصدنا لها نحن، وإخراجها نحن بطريقتنا نحن لتخدم قضايانا، هي عدم ترك الآخر يسلب هذا العمل ويقدمه للناس بطريقته، فنحن قبل أن يعرض علاء الدين كانت لنا مشاكل كثيرة مع هوليوود، لنتدخل ونصوّب الصورة العربية التي سيشوهها في علاء الدين، منا ومن تراثنا تؤخذ الحكاية وتشوه لتضربنا نحن، ولكن نحن في حالة صمت، تراثنا ما شاء الله مقفول في الصحاري، ولكن نتركه يضيع يميناً يساراً ويذهب إلى الغير وغيرنا يحتفي به ويطوره، ويكون له حضارة وثقافة جميلة جداً ونحن ننظر للبعيد منبهرين.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من الأخت "آمال عبد المقصود خوجه" بكالوريوس جامعة الملك عبد العزيز، تقول:
أين يقام مهرجان جدة للأفلام، وهل الدعوة عامة؟ وشكراً.
الدكتورة لمياء باعشن: مهرجان جدة للأفلام هذه السنة على الأقل أقيم في غرفة جدة التجارية في شهر شعبان وكانت الدعوة عامة، وكانت ثلاثة أيام جميلة جداً، بغض النظر عن فوزي بالجائزة، فلا تصدقي أنك في المملكة، فالتجربة أرجحها كثيراً وبقوة.
الأستاذة نازك الإمام: سؤال من مجموعة من السائلين، يقول:
دكتورة بصفتك مترجمة ومجيدة وغزيرة في العطاء، هل تعتقدين بالمقولة القائلة: إن النص المترجم هو نص إبداعي يأتي نتيجة قراءة نصين وبين لغتين، هل لك أن تحدثينا عن أهم أسرار اللغة العربية وعصيانها على الترجمة كما اكتشفتها خلال الترجمة؟
الدكتورة لمياء باعشن: كلمة "صراع" بين اللغتين، أنا أكره الترجمة يا جماعة، فأصعب الأمور على نفسي الترجمة، لماذا؟ لأن هناك لغتين بالفعل، تصعدان سوياً وتتصارعان في داخل المترجم، والجميل في التعرف على اللغات الأخرى، دائماً تعليم اللغات وأنا أعتقد أن كل لغة تفتح منافذ في العقل مختلفة عن اللغة التي قبلها، لماذا لأن كل لغة لها تعابير لن تخطر على البال مما هو موجود في اللغة الأخرى، فالصراع يأتي ليس من المرادفات وإنما في عدم وجود مرادفات، ففي كثير من المواقف تجد أن الكلمة الإنجليزية خادمة للموضوع تماماً وتنقل إلى اللغة العربية فتموت، المعروف عند المترجمين أن بعض الكلمات ليس لها مرادف إلى الآن، لا في الإنجليزية ولا في العربية، فكلمة "attitude" من المشاكل الكبيرة في التعبير ليس لها مثيل أو مرادف في اللغة العربية، وهذه ليست وجهة نظر، والموقف لا يسمح بكثير من الأمثلة، وفي العربية أيضاً هناك كلمات لا يمكن ترجمتها إلى الإنجليزية، وهذا ليس دليلاً على ثراء أو ضعف اللغة ولكن المشكلة هي أن كل مجتمع يأتي إلى مواقف معينة في الحياة ويخترع كلمة تخدم هذا الموقف، وهذا الموقف قد لا يسري على مجتمع آخر، فيظل هناك ذلك الفراغ الذي لا يجد له تعبير، وهذه الأمور التي أؤكد عليها في العاميات، يعني يمكن في الفصحى ليس لها ذلك ولكن العامية تفعل ذلك لأنها لغة حيوية فهي لغة لسان يجد نفسه في موقف ويجب أن يعبر عنه، ليس دائماً في موقف التعبير الرسمي بقلم المؤهل للطباعة وإنما يومياً هناك أشياء يجب أن نعبر عنها.
الأستاذة نازك الإمام: من حسن كتوعة ما معنى كلمة "دوها يا دوها"؟
الدكتورة لمياء باعشن: يمكننا أن نتفلسف، مثلاً دو يعني اثنين، وأعتقد هي كلمات تدليع، وهي حروف قريبة من نطق الطفل في بداية حياته والأم تقوم بتشكيلها للحصول على انتباهه أو تعيد على سمعه كلمات حتى يستطيع أن ينتجها هو أيضاً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :980  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 16 من 223
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

المجموعة الكاملة لآثار الأديب السعودي الراحل

[محمد سعيد عبد المقصود خوجه (1324هـ - 1360هـ): 2001]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج