شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تكريم محمد سعيد خوجه في جامعة أم القرى
ومشروع تكريم الرواد (1)
بقلم: هاني ماجد فيروزي
من الأعمال الرائدة لجامعة أم القرى.. هو ما بدأت به في تكريم روّاد نهضة البلاد العلمية والأدبية والتربوية والثقافية.. وهذه سنة حسنة بدأتها هذه الجامعة العريقة في تكوينها.. وهي الجديرة بأن تحمل اسم أحب أرض الله إلى الله تعالى والتي اختارها الله لنفسه جل جلاله، فجعلها مركز الأرض ووضع فيها بيته المحرم ولتكون مولد ومبعث أحب خلقه تعالى.. فهو الذي اصطفاه وجعله خاتم الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم.. وفيها كان اتصال الأرض بالسماء.. وكانت أول رسائل السماء ((إقرأ)).. فكانت الرسالة التي خاطبت العقل والقلب معاً.. فكان أهلها وسكانها الذين اختارهم الله هم السابقون السابقون.. وبهم وبالأنصار عم نور الإسلام أرجاء المعمورة من الأرض. ودائماً وعلى مدى السنين يظل لمكة المكرمة الريادة في كل شيء.. ولعلمائها وأئمتها أثرهم الواضح في حياة شعوب العالم الإسلامي.. فما كان يصدر من مكة المكرمة وعلمائها يؤثر في شعوب العالم الإسلامي.. وعلى بقية دول العالم تأثيراً سياسياً.. واقتصادياً.. واجتماعياً.. لهذا عمل كثير من الدول على إضعاف تأثير المسجد الحرام إذا لم تستطع إلغاءه.
إن الريادة سمة لمكة المكرمة على مر العصور.. ولهذا كان حري بهذه الجامعة أن تكون الرائدة في تبني الأعمال المميزة والإنجازات الخالدة.. انطلاقاً من طبيعة تكوينها وتأسيسها في ريادة التعليم الجامعي في هذه البلاد الغالية.. حتى أصبح خريجوها هم الروّاد في مختلف المجالات، وهم القيادات الثقات في الكثير من المناصب، ولهذا يأتي تكريم الروّاد شيئاً من ريادتها، وهو أيضاً من الإنجازات التي ستبقى في ذاكرة الأجيال بل ومطمح جل المشتغلين بالعلوم والآداب في الوقت الذي سيكون له الأثر الاجتماعي الكبير.
إن هذا التكريم هو الوفاء والعرفان بالفضل لذوي الفضل، لرجال قدّموا لوطنهم وأمتهم الكثير وتركوا لنا آثاراً علمية وأدبية وفكرية عظيمة وكان لهم ولأعمالهم الدور الكبير والأثر الواضح في رقي الأمة وتقدم البلاد كما استفادت منه الأجيال والأقاليم ويأتي هذا التكريم حافزاً للأجيال على اختلاف أعمارها والتي هي من الطاقات المشاركة في مسيرة الوطن.
إن هذا الإنجاز الكبير والعظيم هو من الإنجازات الخالدة التي تسجل في تاريخ مسيرة معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور ناصر عبد الله الصالح.. وأعضاء لجنة التكريم الأفاضل في مقدمتهم الأستاذ الدكتور هاشم بكر حريري وكيل الجامعة والأستاذ الدكتور محمد العقلا وكيل الجامعة للدراسات العليا والأستاذ الدكتور صالح جمال بدوي، لما لهم من دور فاعل في هذا الإنجاز الكريم. ومن الروّاد الذين كرموا في هذا البرنامج، ((فضيلة المربي أبو بكر محمد خوقير والشيخ محمد بن مانع ومعالي الشيخ محمد سرور الصبان وفضيلة الشيخ عبد الله بن حميد وإمامي المسجد الحرام الشيخ عبد الظاهر أبو السمح وأخيه الشيخ عبد المهيمن أبو السمح والسياسيان الأستاذ الطيب الساسي والأستاذ عبد السلام الساسي.. والشيخ محمد طاهر الدباغ)). وكان اللقاء الماضي مساء يوم الأحد 9/4/1427هـ موعد تكريم الأديب المكي الرائد الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجه، وهو من أعلام وأركان النهضة الأدبية والصحافية.. والذي استطاع أن يترك بصمات واضحة وأعمال جلية وهو ابن ستة وثلاثين ربيعاً، عندما غادر الدنيا الفانية.
هو علم له من الأولويات ما يجعله من قادة الفكر الاجتماعي والتطور الحضاري وله من الأعمال ما يجعله من قادة التنوير مع بداية توحيد البلاد.. وله من الإنجازات ما يجعله في مقدمة الرجال أصحاب الرؤية المستقبلية الشاملة.. فهو ((صحفي وكاتب وأديب وناقد ومؤرخ.. ومدير وعامل ومؤسس وصاحب رؤية صناعية)).. وهو كل ذلك وقبل ذلك هو الرجل الخلوق المؤدب الهادئ المتسامح.. هو أكثر من ذلك بشهادة من عاصروه.. ومن خاصموه.
إن هذه الشخصية تستحق التكريم والوفاء لذاتها ولأعمالها ومنجزاتها التي قدمتها للوطن وأبناء الوطن في زمن كان يعز فيه العطاء إلاّ من أصحاب النفوس الكبيرة التي أتعبت الأجسام من أجل أداء الواجب.
الروّاد في بلادنا كثيرون وجميعهم يستحقون التكريم.. والقائمة المعتمدة الآن لدى الجامعة طويلة.. وسوف يستغرق هذا التكريم سنوات وسنوات وسوف يشمل الأحياء منهم إن وصل إليهم الدور.. بإذن الله تعالى.. ولعلّي أجد للجامعة عذراً في مباعدة المدة بين التكريم والآخر.. والأهم من ذلك تجاوب أسرة الرائد المراد تكريمه.. فإن الجامعة تجد من الصعوبة ما يعيق استمراريتها ولكن لنا أمل كبير في قدرة المسؤولين على تخطي مثل هذه العقبات.
الإعداد والتنظيم
لقد كان إعداد الجامعة لهذه المناسبة إعداداً متميزاً بمثل ما هو في كل المناسبات مع دقة في التنظيم وحفاوة في الاستقبال وكرم في الضيافة وهذا أمر ليس بغريب على الجامعة وهو ما تعودناه من المسؤولين عنها.. كما جاءت مشاركة سكرتارية الاثنينية.. بتلك الروح الأخوية الصادقة لتضيف إلى التنظيم والاستقبال بهاء وجمالاً.
المشاركون في التكريم
لقد لبت لجنة التكريم طلب الأستاذ الدكتور محمود حسن زيني ليكون منسق هذا التكريم ومعد الكتاب الخاص بالمناسبة وهذا وفاء طيب من الدكتور محمود حسن كما كان اختيار الأساتذة المشاركين موفقاً إلى درجة كبيرة.. لأنهم جميعاً من الشخصيات ذات العلاقة المباشرة بالرائد الراحل.. فالشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه هو الابن البار المحيي ذكرى والده يرحمه الله، أما الأستاذ الدكتور منصور إبراهيم الحازمي.. فهو الأديب والناقد وهو أول من قام بدراسة برغرافية لجريدتي أم القرى وصوت الحجاز وكشف عن كتّابها والتواقيع المستعارة لهم وعن اتجاهاتهم. أما الأستاذ الدكتور محمد بن سعد آل حسين، فهو الذي عني بأدب وإنتاج الرائد الراحل محمد سعيد خوجه منذ عودته من البعثة وأصدر كتابه عنه عام 1404م من منشورات تهامة.
المشاركات والتوقيت
أعطى الدكتور محمود زيني طلبه في إدارة الجلسة أو بتنسيق أدوار المشاركين.. ولكن الذي يبدو أن ابتهاجه بالمناسبة ونوعية وكثافة الحضور أنساه القواعد المتبعة للمحافظة على الوقت..
انطلق الأستاذ الدكتور محمود حسن الزيني في مقدمته التعريفية المفترضة أن تكون عن الرائد الراحل.. فاكتفى بذكره في بداية المقدمة ثم تحول للتعريف وكيل المديح للشيخ عبد المقصود خوجه حتى تلا سيرته وما لديه من شركات وفنادق ومكاتب عقار.. -زاده الله من فضله- ولكن ما الذي يفيد الحضور من هذا التعداد، ولو أنه اكتفى بذكر أهم العضويات الثقافية لكان ذلك كافياً -ثم هو الشيخ عبد المقصود خوجه -وهذا يكفي- لأنه من أعلام الثقافة في بلادنا ومن قادة التنوير فيها.. قد أطال الدكتور زيني حتى تحول تقديمه إلى محاضرة استغرقت 45 دقيقة.
ليس هذا فحسب.. فعندما سأله الشيخ عبد المقصود عن الوقت المحدد لكل مشارك أجابه -بأنه مفتوح- ما جعل الرجل الدقيق المنظم الشيخ عبد المقصود خوجه يستفيض في كلمته والذي استعرض فيها جزءاً كبيراً من الكتاب الذي نشره عن والده بهذه المناسبة وبما قال أصدقاء محمد سعيد خوجه عنه حتى تجاوز الساعة بقليل وهو الأمر الذي جعل الأستاذ الدكتور منصور الحازمي -يستدرك ذلك عليه ولكنه هو أيضاً سار على الطريق نفسها وإن كان أقل قليلاً.. ما جعل مداخلة الأستاذ الدكتور محمد بن سعد آل حسين تعقيباً واستدراكاً عليهما معاً وصوّب بعض ما أورده الأستاذ الدكتور إبراهيم الحازمي. ومع هذا وقع الشيخ فيما استدرك عليه. ثم ختم الحوار الأستاذ الدكتور محمود حسن زيني بخطبة عصماء وعبارات مكررة ومديح مبالغ فيه فرض كثيراً من علامات الاستفهام مما اضطر المسؤول الأول الطلب منه إنهاء الخاتمة، فقد بلغت الساعة الحادية عشرة وأربعين دقيقة ومع هذا استمر لخمس دقائق.. فسبحان الله الواهب الرزاق..!!
ما تمناه الحضور ولم يتحقق
كان كثير من الحضور يتطلعون إلى مشاركة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه، وكنا نأمل أن يطلعنا على جوانب في شخصية والده لا يعرفها الناس حتى وإن لم يدرك والده لصغر سنه عند وفاة والده.. لكنه كان بالإمكان معرفة بعض تلك الجوانب من خاله محمود أو من غيره من الأقارب بالإضافة إلى والدته.. إن ما أنجزه محمد سعيد خوجه خلال عشرين سنة من أعمال كبيرة وعظيمة وما طرحه من أفكار وما تناوله من قضايا كان لا بد وأن يكون للبيت أثره ودوره في حياة الرجل.
ما يمكن معرفته والوقوف عليه من حياة الروّاد هو جزء مكمّل لحياتهم الإنتاجية، فالأديب والمفكر والفيلسوف والشاعر إنما هو نتاج بيئته وعطاء أسرته ومواهبه وإمكاناته الذاتية وقدرته على التفاعل مع العالم المحيط به في مختلف الظروف وهي المشكِّلة للحس والإحساس والشعور بالذات ومكانها وقدرتها.
إن الحياة الخاصة للروّاد هي جزء مكمّل لحياتهم العامة وإنتاجهم وتأثيرهم، وإذا تكاملت الصورتان أمكن رسم الصورة الكاملة عن حياة الأديب والرائد، فقدر الروّاد في الفكر والسياسة أن حياتهم لم تعد ملكاً لهم ولذويهم بل هي ملك مشاع للباحثين والدارسين وللمثقفين من الأجيال القادمة.
أما مشاركة الأستاذين الكريمين الدكتور منصور إبراهيم الحازمي والدكتور محمد بن سعد آل حسين فكانتا مشاركتين أضافتا الكثير مما عنيا به من دراسة هذا الرائد العلم. ورغم احتجاجهما على إطالة الشيخ عبد المقصود خوجه، غير أنهما أيضاً أطالا بعض الشيء وإن كانت في إطالتهما فائدة لكنها أيضاً حرمت بعض الراغبين في المداخلة والإضافة عن المشاركة لانتصاف الليل.
الإصدار والمطبوعات
دأبت الجامعة على إصدار مطبوعة توثيقية في مناسبات التكريم وتعاونت مع ذوي الشخصيات المكرمة في طباعة كتاب دراسة شاملة عن الرائد المكرم بمثل ما تم في تكريم معالي الشيخ محمد سرور الصبان وفضيلة الشيخ عبد الله بن حميد وأخيراً مع الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه الناشر لكتاب (محمد سعيد عبد المقصود خوجه -صفحة في تاريخ الوطن)، وهو إصدار خاص بالمناسبة في طباعة أنيقة وورق فاخر تضمَّن شهادات معاصريه فيه مع بعض الوثائق المصورة ومختارات من الرثاء وصوراً تذكارية جيدة. فأصبح لهذه المناسبة كتابان.. الأول بعنوان (الأديب الرائد المكي الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجه -رحمه الله- لمحة عن السيرة العلمية والعملية) من إعداد الأستاذ الدكتور محمود بن حسن زيني في 48 صفحة ما عدا الغلاف.
أفضل ما في هذا الكتاب هي مقدمة معالي مدير الجامعة، أما بقية المواد فهي أيضاً مكررة لما في كتاب محمد سعيد خوجه صفحة في تاريخ الوطن، لكن الفرق الواضح هو ذلك الإطراء والإطناب في المديح، ولم يقدم لنا الدكتور زيني من سيرته العلمية بقدر ما ذهب مستشهداً بما قيل عنه.. ولهذا جاء الكتاب الذي نشره الشيخ عبد المقصود خوجه أكثر علمية في الأسلوب والمنهج والطرح والتسلسل.. وكان يمكن الاكتفاء به لو تم التنسيق مع الجامعة.. إلاّ إذا كان كتاب الدكتور زيني قد طبع من قبل أو مجاملة له.. وإن كنت أتمنى على هذا الأستاذ القدير أن يتجنب هذا الكيل الطافح في أسلوبه مدحاً كان أم قدحاً.
كما تم إهداء الحضور كتاب وحي الصحراء، وهو الكتاب الشاهد على إنتاج الرائد محمد سعيد خوجه المطبوع.. وإن كنت أتمنى أن يوزع كتاب الأعمال الكاملة له لتكتمل الرؤيا لدى الباحثين والحضور. كما أهدي الحضور كتاب (قراءة نقدية في بيان حمزة شحاته الشعري) للدكتور عاصم حمدان.. فكان إهداء جميلاً أسعد الحضور لهذه المشاركة الوجدانية، وإلى جانب هذه المطبوعات أهدي للحضور عدد يوم الجمعة 7/4/1427هـ من جريدة البلاد التي نشرت صفحة كاملة من إعداد الأستاذ خالد الحسيني -مشاركة طيبة منها في هذه المناسبة. وإن كنت أتمنى أن تكون في كل المناسبات التكريمية لروّاد هذا الوطن الغالي.
الحضور المتميز
قد تميز حضور هذا التكريم تميزاً نوعياً وكمياً وحضور عدد من ضيوف الشيخ عبد المقصود خوجه وفي مقدمتهم عدد من أدباء وعلماء المنطقة الشرقية الغالية من بلادنا.. والذين تواجدوا للمشاركة في أمسية تكريم فضيلة الشيخ حسن الصفار، الذي كُرم في اثنينية الخوجه في اليوم التالي 10/4/1427هـ وحضور عدد غير قليل من وجهاء ومثقفي البلاد، وهذا وفاء لا يستغرب على الجميع، ومجاملة طيبة كريمة للرجل الوفي الذي هو يستحق التكريم.. وأقصد الشيخ عبد المقصود. لكنني أيضاً أتمنى على الجميع تلبية دعوة الجامعة لمثل هذه المناسبات التي تستحق الحضور والمشاركة وتحمل العناء وفاء للروّاد، وتقديراً للجامعة، كلما سمحت الظروف بذلك.. أيضاً أتطلع إلى حضور طلبة الجامعة ومن يعنيهم الأمر.. وإلى صحافتنا وإلى النخبة من المثقفين والمثقفات.
لقد كانت ليلة وفاء وتكريم وتواصل. ليلة من ليالي المحبة في بلد التسامح والمحبة في بلد أكرم الله أهلها بطيب الجوار وأدبه واختارهم جيراناً له تعالى ولبيته في بلد كثرت فيها مواطن استجابة الدعاء.. فدعاؤنا بالتوفيق لكل من يسعى إلى جمع الشمل وتوطيد العلاقات والتراحم بين الناس، والعرفان بدور ذوي الفضل وإبراز أعمال العاملين من رجال ونساء، وأنها لمسة أبناء هذه البلاد الذين علمهم المصطفى صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم معنى الوفاء وجمع المسلمين على المحبة والتسامح.. والشكر والدعاء لكل العاملين بإخلاص إلى يوم الدين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :699  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 144 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج