شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحلقة الثالثة (1)
بقية ما نشر في العدد الماضي:
وتمضي بنا الصفحات سراعاً؛ لنصل إلى صورة وترجمة شاعرنا الكبير الأستاذ محمد حسن فقي، والأستاذ الفقي، اسم علم في عالم الشعر، في بلادي، لا ينسى، اسم حفر في ذاكرة الأدباء والمتأدبين، اسم لا تزال الألسن تلهج بذكره، في عالم الرباعيات والمطولات (إن صح هذا التعبير).
ونجد الفقي، منذ بواكيره الأولى، عظيماً في نظمه، رائعاً في تصويراته، إنه وجه من وجوه الأدب اللامعة في بلادنا العربية.
نقرأ له ضمن ما اختير له هذه المقطوعة، التي بعنوان (فلسفة الطيور):
قال طير لآخر وهو يشدو
ببديع الألحان والنغمات
أيها الغر كل هذا سرور
وابتهاج بزور هذي الحياة
قد -لعمري- أفرطت في طلب العيـ
ش، وبالغت في هوى اللذات
أظننت الرياض تهزأ بالدهـ
ر، وتبقى على المدى نضرات؟
أم توهمت أنما الخلد -شيء
مستطاع فلم تفكر بآت؟
لا، فإن الرياض تذبل والعمـ
ر، وإن طال ينتهي بممات
فدع الغفلة التي أنت فيها
واحذر الدهر فهو ذو سطوات
وأمش نحو الغدير كيما نصلي
وإلى اللَّه نرفع الصلوات
فتعالى من صاحب الشدو صوت
يستبي اللب يذهب الحسرات
قائلاً للنصيح كف فإني
غير مصغ لقول أهل العظات
كيف أغدو إِلى الصلاة وهذي
حسنات الربيع تحبو الصلات
كيف أستمرئ التنسك والزهـ
ر، يمد الأرواح بالنفحات
فإذا ما نظرت للطل يبكي
فتجيب الرياض بالضحكات
ورأيت الأشجار تبسم ريا
وتموج الأغصان بالثمرات
* * *
هكذا الخلق في الحياة فريق
ضلّ، والآخر اهتدى للنجاة
هكذا يصور لنا أستاذنا الشاعر الكبير الفريقين؛ الفريق الذي يرى الحياة أكلاً وشرباً ومرحاً، لا تكليف ولا واجبات. وفريق آخر يأخذ من الحياة ما يوصله إلى السعادة الأخروية؛ فلا يفرط في واجباته وتكاليفه؛ فهو يجمع بين الزهد والتنسك، وبين الجد والهزل.
ونقرأ للأستاذ الفقي هذا الدعاء بعنوان (يا رب):
أنر لي الطريق طريق الحياة
وكن لي المعين لدى المعضلات
ولا تدع اليأس يحتل قلبي
فإني أرى اليأس صنو الممات
وأطلق يراعي الضعيف بما
يقوي الوئام ويمحو الشتات
وباعد فؤادي بفضلك عن
مداهنة الظالمين الطغاة
وقو جناني على حرب من
لهم شيمة الذئب في ثوب شاة
وهب لي بياناً إذا صغته
تميل إليه النفوس الأباة
وسدد خطاي إلى كل ما
يعود على أمتي بالنجاة
فأنت الذي يكرم القاصدين
وأنت الذي يمنح المكرمات
والأستاذ الفقي، كما ملك ناصية الشعر من نعومة أظفاره، له -أيضاً- في النثر باع طويل، وأسلوب سهل مميز؛ عباراته وضاءة، وكلماته شاعرية راقصة.
- ثم نأتي على ختام هذا السفر القيم، وقبل الخاتمة نجد صورة وترجمة الأستاذ محمد حسن كتبي، وأسلوب الأستاذ الكتبي يميل إلى التحليل؛ حتى يصل بالقارئ إلى ما يريد أن يصل إليه، دون عناء طويل، ومشقة بالغة.
وبعد؛ فهذا استعراض لكتاب (وحي الصحراء) الذي أصدره الأديبان عبد الله بلخير، ومحمد سعيد عبد المقصود خوجه، عام 1355هـ.
ولعلّي -بهذا الاستعراض- قد أعطيت القارئ الكريم صورة واضحة عما ضم هذا السفر القيم، من خلال هذا الاستعراض، ولعلّ الوقت يجود بسويعات أخرى؛ ندرس فيها -سوياً- النماذج التي نشرت فيه، ونحللها -من خلال دراسة متأنية.
ولي -قبل أن أختتم هذا الاستعراض- ملاحظات على نشر هذا الكتاب:
1- جميل أن تبقى (تهامة للنشر والمكتبات) على الصورة الأصلية للكيفية، التي خرج بها على الناس، منذ أكثر من 48 عاماً؛ لتعطي القارئ الكريم صورة عن جهد شباب هذه البلاد، وولعهم بالأدب وملحقاته؛ فهو يعطي انطباعاً قوياً عن عزيمة المؤلفين والمشرف على طباعته.
ولكن كنت أتمنى من الناشر (تهامة للنشر والمكتبات) أن يلحق بالكتاب ملحقاً صغيراً؛ يحتوي على تكملة لتراجم من ضمهم الكتاب، من الشعراء، والأدباء؛ وذلك لتعريف الناشئة بهم، وبجهادهم، وكيف استطاعوا الإِسهام في الحياة العملية في بلادنا، وما هي جهودهم في بناء النهضة، التي نعيشها اليوم -بحمد الله.
قد يقول قائل: إن الغرض من نشر الكتاب هو إعادة طبعه، كما أراده المؤلفان، ولكن ما يضير -ونحن نرى الكتب المحققة، حديثاً، تحوي ما لم يورده المؤلف من ترجمة للأعلام، وشرح للغريب والغامض، وإشارة إلى مؤلف أو كتاب. إنني أتمنى أن تلحق هذه الإضافة بالكتاب، في طبعته الثالثة، إن شاء الله.
2- وليت (تهامة للنشر والمكتبات) سارعت بالكتابة إلى أدبائنا الموجودين على قيد الحياة -أطال الله عمرهم في طاعته- والذين ضمهم هذا السفر؛ للاستفسار عن اللجنة، التي كلفت باختيار النماذج، التي نشرت في هذا السفر؛ حتى نستطيع أن نعرف هويتهم، وميولهم، والقواعد، التي وضعوها للاختيار؛ لنصل إلى مستوى ثقافته، قبل ثمان وأربعين سنة.
فهل تفعل ((تهامة)) ذلك عند طبع الكتاب للمرة الثالثة، إن شاء الله؟
في الختام أقول لشباب اليوم -وأنا أحدهم- أولئك الروّاد الذين كافحوا، وكتبوا، وتمنوا، وأناروا لنا الطريق، ألا يستحقون منا كلمة شكر، وتحية وفاء؟
إنني فاعل ذلك عن نفسي؛ فإلى أولئك النفر، الذين ضحوا براحهتم، ودرسوا، وفكروا، وتصوروا مجتمعنا، قبل خمسين سنة، وخططوا له ليبلغ ما بلغه.
إلى كل أولئك، من الموجودين منهم، على قيد الحياة، تحية شكر ووفاء، إلى الذين انتقلوا منهم إلى الدار الآخرة، دعاء إلى الله العلي القدير -أن يثيبهم أجر ما جهدوا أنفسهم من أجلنا، وأن يجعل ذلك في موازين حسناتهم. إنه سميع مجيب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :275  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 59 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج