شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المعلم الحقيقي
لقد نظر الخوجه فوجد أن المعلم الذي أسماه (الأستاذ) (1) يجب أن يكون نموذجاً للقدوة الحسنة، ونموذجاً في تقديم المعرفة، ونموذجاً في سعة الصدر، وقوة الاحتمال، وحسن التوجيه، ((يجب أن تكون لفظة الأستاذ (المعلم) عظيمة في رجل عظيم في نظر العلم، عظيم في نظر الأدب، عظيم في نظر الأخلاق، عظيم في نظر الفضيلة، هذا إذا أردنا أن نُوجد (الأستاذ الحقيقي) وأردنا أن نخطو خطوات إلى الأمام، وأن نسير في تقدم مستمر)). إنه ينظر إلى التعددية في المعرفة والفضيلة التي يجب أن تتوافر في معلمي المراحل الأولى من التعليم، ثم يستدرك ليقول: (لا أريد بهذا أن المعلمين الموجودين غير صالحين كلا، بل أريد أن أقول: إن الموجودين يحتاجون إلى تلقيح، لأن فيهم الغث والسمين.. الأستاذ.. الأستاذ، الأستاذ، إن بعض المدارس تحتاج إلى معلمين مهذبين، متمسكين بمكارم الأخلاق يقدرون على ضبط إرادتهم، ويكونون مخلصين لوطنهم، ولتربية أبناء وطنهم، إذا استطعنا إيجاد أمثال هؤلاء المعلمين فسننجح..) (2) .
ومعنى هذا على حد تعبير أحد خبراء التربية والتعليم: (أن المدرس ينبغي أن لا يكون مدرس مادة فحسب، بل يجب أولاً أن يكون مدرس أخلاق، وثقافة متعددة الطعوم والألوان، لأن الثقافة هي الوعاء الحي، الذي تشتق منه مادة التعليم وأهدافه وأساليبه، وكذلك الحال بالنسبة للمستوى الذي ينبغي أن يرتفع فيه إلى تربية الناشئين، ذلك أن الثقافة في تحليلها الوسيع لا تكون إلاّ هذه المعاني (3) ، والمفاهيم، والأنماط التي تعيش في سلوك الأفراد، وفي علاقاتهم وتفاعلاتهم) (4) .
وإعداد المدرس الخاص بمرحلة الناشئين يعني أولاً وأخيراً، التأثير على المحتوى والمضامين التي تعيش في أذهان التلاميذ أو البيت أو المسؤولين، وذلك لإحلال الأجمل والأفضل، وتزويدهم بالمعارف التي تغير من اتجاهاتهم العقلية والنفسية، وما تُنمي فيهم من طرق عديدة للتفكير وأساليب للعمل.
وبقدر ما يتوافر للمعلم من مفاهيم سليمة عن المجتمع، والبيئة.. والبيت، وبصر واضح بمكونات ذلك وعناصره، وأنواع التناقض أو التماسك فيه، وبيان أهدافه، واتجاهاته، وكذلك معرفة المعلم بأصول النظريات التربوية التي تحدد علاقة الناشئة بعضهم ببعض.
بهذا القدر يتعدد دور المعلم وفاعليته في توجيه مادة التعليم، وطرقه واختيار الخبرات التربوية وغيرها مما تنعكس آثاره على التلاميذ الذين لا بد لهم من ممارسة كل هذا في مجال الحياة العملية بعد حياتهم المدرسية.
ولا شك أن القيم والمعارف والموروثات العلمية تنتقل من جيل إلى جيل عن طريق التعليم والعلم، أي إن الأطفال والناشئة يكتسبونها بما يتسم بسمة الاستمرار، وهذه القيم والمعارف معتبرة بفعل قدرة الأفراد على صقلها وتطويرها، ومن هنا نبين مدى أهمية تثقيف المعلم ولا ريب أن ثقافة المعلم، وحسن مستواه العلمي، بحيث يكون على قدر كبير من التمكن وطول الباع سوف يؤدي إلى نتائج أفضل، ومستقبل أحسن.
وقد وجدت المدرسة في مجتمع من أجل تعليم الناشئين، وأخذهم من ثقافة المعلم، وثمار معرفته، لأن تربية الناشئين تقوم على الاقتطاف من مناهل أساليب المعلمين المقتدرين من أصحاب الباع الطويل: علماً وخلقاً وأدباً، ومعرفتهم بأهدافهم، وجني ثمار ما لديهم من حصيلة فاخرة يعتبر عملاً جوهرياً للمحافظة على سلامة الدولة، وقوة بنائها، واستمرار أداء رسالتها.
ومن هنا يصبح عمل معلم المرحلة الأولى مضاعفاً، فعليه أن يكون على وعي وبصر بالمستويات التعليمية التي يعيش فيها الناشئون، والدوائر الاجتماعية، والبيوت والأسر التي إليها ينتسبون ويتفاعلون معها، وذلك حتى يجعل المعلم من عملية التربية سبيلاً لجعل هؤلاء الناشئين على صورة أفضل مما كانوا عليها.
إن محمد سعيد خوجه يرجو من المعلم: أن يكون نموذجاً لبث الحقائق، وقوانين الحياة والأفكار ذات الأثر الكبير، والمعاني الشريفة، والقيم النبيلة، والأخلاق الفاضلة، والجماليات المشرقة.. وغيرها مما تشتمل عليه مواد الدراسة، حتى يتسنى له أن يختار منها بعناية فائقة.
ولا شك أن تزايد الرصيد الفكري والعلمي كل يوم يتطلب من المعلم والأستاذ أو غيرهما ممن لهم صلة بحياة النشء، وأطراف العملية التربوية والتعليمية أن يُقَيّموا ما يختارونه من هذا الرصيد الهائل من المعرفة والقيم على أساس من الوعي والتميز، والطابع الإسلامي.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :309  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 34 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .