شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة معالي الدكتور علي بن إبراهيم النملة))
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.. بسم الله نبدأ وعلى هداه نسير في مثل هذا الموقف لا بد من أن يقال للمحسن أحسنت وأخي الكبير الأستاذ عبد المقصود خوجه أحسن.. أحسن ليس لأني ضممت ضمن هذه الكوكبة ولكنه أحسن بتقليد زاد عن عشرين سنة في ما ترونه أمامكم من هذه المجلدات التي اطلعت عليها ووجدت فيها خيراً كثيراً.. وتنوعاً غير عادي هنيئاً له وهنيئاً لمجلس رعاة اثنينية عبد المقصود خوجه على هذا الإنجاز الذي يسعى بعض المجتهدين إلى أن يحذو حذوه وأقولها وأعلنها هيهات لهم ذلك.. النقطة الثانية أنني أشكركم جميعاً وأشكركن جميعاً على تكريمي هذه الليلة بحضوركم وحضوركن ويعلم الله أن الرضى شرف لي أعتز به وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يكون مداداً لرضاً من عنده بعد رضا الوالدين رحمهما الله تعالى.. أتابع إخوتي أخواتي في صحيفة الجزيرة ملحق يوم الاثنين وسعدت اليوم دون أن أعلم أن معالي الدكتور محمد عبده يماني سوف يشرفني بحضوره بأن أقرأ ما قيل عنه في ملف كامل في هذا الملحق. محمد عبده يماني سبعون عاماً للوطن.. أنا أرجو من المصورين أن يصوروا هذه البسمة أو الابتسامة الراقية.. لهذا الرجل الذي أعده-لا مجاملة له- لأن كلامنا محسوب علينا أعده من المجاهدين فأخلص الله لي وله ولكم النيات وأبارك لهذا الملحق أن يكون محمد عبده يماني مزيناً له في بقية الملحق الذي أسهم فيه كثير من الكتاب لو أخذت الوقت لتعدادهم لما أسعفني الوقت وأنا أريد أن أختصر لأن أخانا الكبير كان في وعكة صحية طارئة فأصر أن ينزل الليلة تكريماً لأخيه النملة.. النقطة الثالثة هي محطات سريعة جداً لن أطيل فيها لكني أبحث عنها أو فيها أو من خلالها عن العبرة في شوال أو ذي القعدة في سنة 1396هـ الموافق نهاية سبتمبر 1976م بدأت البعثة إلى الولايات المتحدة لدراسة اللغة الإنجليزية في المعهد التابع لجامعة تمبل بولاية بنسيلفينيا في فيلاديلفيا وقفت أحادث راهبة فيتنامية هي واحد من راهبتين تلبسان لباس الراهبات الكاثوليكيات وكانت تلك المناسبة أنني كنت أتحادث مع الكبرى منهما وكنت شاباً بعد في ريعان الشباب وكنا نتحدث في الحوار.. فمر بي أحد زملائي وهمس في أذني بدأت بك يا علي.. هذا الموقف كان له عليّ تأثيرات كثيرة أولها العناية بالحملات التنصيرية. ومنذ ذلك اليوم الذي وقفت فيه مع هذه الراهبة.. وأنا أحاور المنصِّرين من شهود يهوه وغيرهم وأجلس معهم وأستقبلهم في داري وتصنع أم العيال القهوة العربية (جزاها الله عني خير الجزاء) مع التمر على طريقتنا.. ويكون حواراً ينتهي بلا نتيجة في حينها. لكنني لا أحمل هم النتائج بل أحمل هم هذا الحوار. حتى في المناسبات التي نخرج فيها إلى الحدائق العامة يقبلون علينا بهندام جميل ويحاول بعضنا تناسيهم لكنني كنت أترك مهماتي المناطة بي في هذه الطلعة وأجلس أحاورهم.. كانت النتيجة أن خرجت بكتاب سميته التنصير مفهومه وأهدافه ووسائله وسبل مواجهته ثم أعقب ذلك-ولا أريد أن أتحدث عن ذاتي كثيراً- عدد من الكتب حول هذا الموضوع بما في ذلك الربط بين الاستشراق والتنصير والبحث في الأدبيات عن مستشرقين منصِّرين، المحطة الثانية كانت سنة 1405هـ عندما سافرت إلى ألمانيا الغربية إلى فرانكفورت لدراسة ما بعد الشهادة العليا الدكتوراه في معهد العلوم العربية والإسلامية الذي يديره وعززه الأستاذ الدكتور فؤاد سيزكين، في هذا المعهد تعلمت كثيراً وخالطت عدداً من المستشرقين وحاورتهم كما حاورت المستشرقين من قبلهم بل إننا كنا نخرج في رحلات مشي في الغابات المحيطة في فرانكفورت وأذكر من هذه المحطات أنني كنت مع مستشرق ألماني باسم "فوك" يوم الثلاثاء في 6 شوال 1406هـ فطافت من فوقنا طائرة صغيرة فنظرت إليها وقلت لهذا المستشرق إن أخي عبد الله يقود مثل هذه الطائرة وإني عندما عدت في المساء هاتفني الوالد يخبرني أن عبد الله قد سقط بطائرته في البحر الأحمر شهيداً بحول الله تعالى فاضطررت إلى العودة إلى البلاد ثم العودة إلى المعهد ومخالطة هؤلاء المستشرقين وحضور المؤتمرات قطعاً فوجدت منهم مثلاً ديفيد كينغ الذي كان يهتم بتحديد المسلمين للقبلة قبل الصلاة بمعادلات حسابية ثم إدوارد كينيدي الذي رسخ حياته لتاريخ العلوم عند المسلمين دون أن يدخل في متاهات دخل فيها مستشرقون فرنسيون ومستشرقون بريطانيون وإيطاليون ونمساويون مَنْ وفدوا من ما أسميه الغرب الأدنى في المجر وغيرها.. وتعلموا وتتلمذوا على يد المستشرقين الألمان.. تعرفي على الاستشراق الألماني هو الذي أدى إلى أن يكون هناك نظرة موضوعية للاستشراق لأن الاستشراق الألماني هو أقرب الاستشراقات إلى الإنصاف وأبعد الاستشراقات عن السياسة. وما دخل الاستشراقيون السياسة إلا أفسدتهم وربما أفسدوها. فبرنارد لويس ترك التاريخ وترك الفرق وتشبث بالسياسة فأفسد في السياسة كثيراً وأفسدته السياسة كثيراً وتتلمذ عليه أمثال دانيال بايبس وكريمر وغيرهم من الذين يكنون للإسلام والمسلمين عداءً معلناً.. ثم أعود إلى شهر ذي القعدة من عام 1396هـ أكتوبر عام 1976م وهمسة أخي وصديقي الذي قال لي هل بدأت بك يا علي؟ وأبدأ في مرحلة دراسة مفهوم التأثر والتأثير بين الثقافة.. لماذا نحن إخواني وأخواتي نشعر بأنه يؤثَّر بنا ولا نستطيع أن نؤثر، كلام ليس من السهل الإجابة عنه، لكنه من السهولة إلقاؤه سؤالاً على الجميع. فبحثت في مناحي التأثر والتأثير واصطفيت خمسة مؤثرات سريعة جداً المؤثر الأول هو الجانب الحضاري والعلاقات الحضارية والمؤثر الثاني البعثات التعليمية والمؤثر الثالث الجالية المسلمة التي سكنت في الغرب الأوسط والأقصى، وأقصد بالغرب الأوسط أوروبا الغربية والغرب الأقصى أمريكا، ثم المؤثر الرابع هو المسلمون من أوروبا الغربية من الغرب الأوسط ومن أمريكا الغرب الأقصى أنفسهم.. ويحضرنا مجموعة منهم يشرفني أن يكونوا ضمن حضور هذه الأمسية والمؤثر الخامس والأخير هو الاستشراق، ثم إن هناك مؤثرات كثيرة لكنها ليست ذات بعد ثقافي واضح كما ذكرت. التنصير أراد أن يكون مؤثراً فقط في خط واحد دون أن يتأثر وهكذا أريد له لكن ليس كثيراً وإنما عدد من المنصِّرين تأثروا بطريق مباشر أو غير مباشر ومن تأثر بطريق مباشر انتهى به الأمر إلى أن يسلم بدلاً من أن يحاول تنصير المسلمين فيعود ليكفِّر عن أخطائه التي تبين له أنها أخطاء.. فينشغل في الدعوة المباشرة وهذه قضية لها موقف كبير، هذا المؤثر المباشر الذي جعلته هو الخامس في الاستشراق، ركزت على الاستشراق الألماني لأنني أكن للاستشراق الألماني قدراً من القيمة تختلف كثيراً عن الاستشراقات الأخرى، ذلك أن الاستشراق الألماني فضَّل ألا ينغمس في الاستعمار ولا السياسة لأنه عاش في بيئة لم تكن مستعمرة بوضوح بل إن أحد المستشرقين الكبار عندما جاء مع رومل في معركة العلمين ليترجم له لم يكن قادراً على معرفة اللهجات المحلية في شمال مصر فما استفاد منه رومل وترك وقال إذا لم تستطع شيئاً فجاوزه ودعه إلى ما تستطيع، المحطة الثالثة أو الرابعة هنا هي أننا بدأنا بخطاب أستطيع أن ألخصه بكلمتين هما جلد الذات، فجلدنا أنفسنا جلداً عجيباً على مختلف الصعد، من منبر يوم الجمعة إلى المنابر الإعلامية والصحفية والمرئية، وبدأنا نقتل ذاتنا وليس فقط نجلدها ونقلل من إمكاناتنا ونسيس جميع سلوكياتنا وإنه إذا لم تصلح القمة لن تصلح القاعدة وهذه قضية جدلية لا أستطيع أن أواصل فيها، جلد الذات تلبست فينا فكراً من المؤامرة فبحثت في هاجس المؤامرة في الفكر العربي بين التحصيل والتهويل فوجدت فريقين، فريق يهوّل وأن كل شيء يمر في حياتنا إنما هو مؤامرة، حتى لو رأينا مشروعاً تنموياً في الشارع الآن يعيقنا عن الحركة لقلنا أنها مؤامرة من بلدية جدة مثلاً.. اقتضى هذا ترتيباً أن نعيد النظر في خطابنا وأن يدعى إلى تجديد الخطاب الإسلامي أو الخطاب العربي أو الخطاب الديني عموماً وهي دعوة يكتنفها شيء من الخطورة لكنها مهمة وجدير بنا أن ننطلق بها دون تردد ما دمنا قد حافظنا على ثوابتنا.. أما الأمور الأخرى ولكي لا ندخل في الفرعيات فالمجال واسع وما نشأ فكر عربي إسلامي سواء أسميناه فلسفة أم لم نسمه إلا أن أسلافنا خاضوا في هذه الفرعيات. وعندما بدأ بعضهم يدخل في الثوابت أوقف فريق أو آخر.. هذا الخطاب الذي نحتاج إلى التجديد فيه يحتاج منا إلى أن نتسلح بالعلم. فالمسألة ليست مسألة رؤى وأفكار لك أن ترى، وأنا أعتقد أو أنا أظن وأنا أرى.. لك أن تعتقد ولك أن تظن ولك أن ترى لكن عندما تكون هناك ثروة علمية قوية تنطلق من خلالها في اعتقادك وفي رؤاك وفي ظنونك.. في الآونة الأخيرة ظهر من بدأ ينظر أو ربما يفتي فاستحضرنا قول ابن دقيق العيد..
(يقولون هذا عندنا غير جائز
فمن أنتمُ حتى يكون لكم عند)
قد يقرأ هذا البيت على أنه تحجيم للتفكير ولكنه يعاند مسألة كانت قائمة في ذلك الوقت أن كل من هب ودب دخل في الدين بالفتوى ثم الخطاب الذي يراد التجديد فيه يقف في مسألة التشديد على الناس وليس فقط التشدد والإدراك اللغوي بفهم الفرق بين التشديد والتشدد.. أن تشدد على نفسك ما شئت ربنا يلطف بك لكن أن تشدد على الآخرين فهذا أمر قد عشناه وعايشناه وتعبنا منه لكنه بدأ ينقشع بتجديد الخطاب الإسلامي واستحضار نصوص ليست جديدة، فهذا أحد الأئمة في القرن الثاني الهجري يقول إنما العلم عندنا الرخصة من ثقة فأما التشديد فيحسنه كل أحد.. ولدينا الأمور استحضار للنصوص لكن مع تطويع هذه النصوص مع تطبيقها على الواقع لأنه من السهل أن تستحضر النص لتبين لغيرك أنك تستحضره بقراءة وبسعة إطلاع ولكن ليس من السهل أن تتمثله وتحاول أن يتمثله الآخرون. فعندما تأتي قضية أصولية بالمفهوم الإسلامي الشرعي للأصولية وتقول إن مقاصد الأحكام ومصالح الأنام تقف احتراماً لهذه العبارة مقاصد الأحكام مصالح الأنام.. لا يمكن أن يكون هناك حكم شرعي في كتاب أو سنة إلا وتجد من ورائه مصلحة للأنام وليس لفئة قليلة من الأنام.. ليتنا نستحضر هذه العبارة.
ما ذكر أخواني وأخواتي من حديث أعتز به إنما هو من حسن الظن وإذا كان هناك من إنتاج يسره الله سبحانه وتعالى فهو كما ذكر أخي الكبير من باب حاطب الليل.. وعوتبت عندما قلت هذه العبارة لكنني أنا خير من يحكم على ذاتي.. وبالتالي فالتوليف أو الإعداد أو التأليف لا يعني أن تأتي بجديد. ولعلمائنا آراء فيها. واستحضر هنا عبارة للشاعر الألماني الكبير يوهان غوته عندما قال: وأنا لا أدعي هذه العبارة وإنما أقولها لكم قال: "ليس الكتّاب الكبار كتّاباً كباراً لأنهم أتوا بأشياء لم يؤت بها من قبل وإنما هم كتّاب كبار لأنهم أبرزوا الأشياء كما لو أنها تكتب لأول مرة".
لدينا أخوان من ألمانيا وربما يعتبان عليّ أن أستشهد بغوته لكنني مدين لغوته لأنني درست في معهده في مدينة فرانكفورت الألمانية وحاولت أن أتخاطب بهذا وهو الذي يقول: "إن يكن الإسلام معناه القنوت فعلى الإسلام نحيا ونموت" وهو الذي قال "إن الشرق والغرب من صنع الله ولا بد لهما أن يلتقيان رداً على كيبلينغ الذي قال "الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا أبداً"، هذا هو غوته الذي أنجبته ألمانيا والذي يتغنى به كثير من الألمان اليوم وغداً، غوته فيلسوف وأديب ألماني، لا نأخذ كل شيء منه لأنه داخل الدائرة التي تعارفنا عليها بأنه كل يؤخذ من كلامه ويرد، والمحطة الأخيرة لو سمح لي الجميع، هي التعامل مع الاستشراق من خلال نظرة موضوعية، قامت كما قال أستاذي الكبير على الحوار، وإبراز الموقف الذي أنا أعتز به وأسوقه كما يقال أو أبشر به كما يقولون بأن الاستشراق ليس استشراقاً واحداً ولكنه استشراقان ومدارس وفئات، وبالتالي فقد هدفت بحول الله وقوته أن أستمر في هذا المجال لأواصل البحث في الاستشراق باستصدار موسوعة صدر منها حتى الآن خمسة أجزاء وفي الطريق إن شاء الله خمسة أخرى وأدعو الله سبحانه وتعالى أن ييسّر للمزيد، من ضمنها نقد الاستشراق والمستشرقين في المراجع العربية، الاستشراق والإسلام، المستشرقون والقرآن الكريم، جهود العلماء المسلمين في كتابات الدراسات الاستشراقية، وقدمت مسحاً ببلوغرافياً عن ما كتب عن الاستشراق في هذه المجالات باللغة العربية بالدرجة الأولى. ومن ضمن الآمال التي كنت ولا أزال أسعى إليها هي وجود بعض المستشرقين في مكة المكرمة، والمدينة المنورة التي لا يدخلها غير المسلمين، فكنت بدأت فيما نسمِّيه بالجذاذات، فالجذاذات أصبحت إلكترونية أكثر من كونها بطاقات، وقبل ثلاثة أيام وجدت كتاباً لأوغست رلي ترجم إلى اللغة العربية وترجمه رمزي بدر بعنوان "مسيحيون في مكة". لقد شدني هذا العنوان وأحسب أنه عنوان إعلامي غير دقيق، لأن هذه المجموعة من المستشرقين الذين تحدث عنهم أوغست منهم من أسلم، ومن أسلم لا يصبح مستشرقاً، فأنا لا أجمع بين المستشرق والإسلام، ولذلك لست أقول بأن فلاناً مستشرق مسلم، ليوبولد فايس كان مستشرقاً، محمد أسد هو مسلم، ما كتبه ليوبولد فايس قبل إسلامه لتقويمه يختلف عما كتبه محمد أسد بعد إسلامه اختلفت الروح والانتماء اختلف، ولو أخطأ، وقد أخطأ وكلنا ذلك الخطاة، وخير الخطّائين التوّابون، نسأل الله أن يتوب علينا، وعليكم، فقد ذكر مجموعة من الأسماء سعدت بأن أصل إلى هذا المجال، اهتمامات كثيرة جداً، الوقت قد لا يسمح، أستاذي أنا لا أستطيع أن أصف شعوري، بقيت لي خمس دقائق أبحث فيها عن بعض ما يجول في الذهن مما تيسر البحث فيه، وهو موضوع يشغلنا كثيراً، أخي كان يؤم أحد المساجد في مدينة الرياض فأقبل عليه أحد الشباب الذي يبدو عليه أنه ليس راجحاً عقلياً، وكنت مسؤولاً في الدولة، فقال له هل تعرف فلاناً، فمن باب المداعبة قال له لا أعرفه، قال "علماني" علي النملة عِلماني، بتلطف قال له لماذا؟ قال له لأنه يكافح المتسوّلين، فمكافحة التسوّل التي كانت مهمة من مهمات وزارة الشؤون الاجتماعية حولت هذا الشخص المسؤول عن هذا المرفق إلى شخص علماني، ما الذي أقصده أنا أقول عفا الله عنه، فالمسألة ليست هنا، الذي أقصده إننا أحياناً ولا أريد أن أقول "غالباً" نردد مصطلحات لم تستقر في أذهاننا، فما معنى العلمانية هل هي عَلمانية أم عِلمانية؟ وصلت أنا في القراءة فقط ولم أصل في البحث إلى أنها بفتح العين ولكنها ثقيلة على السمع، فقد تواتر عندنا لفظ العِلمانية بينما هي عَلمانية وكانت موجودة في القرن الثاني الهجري وليست وليدة منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، الثاني عشر الهجري كما يظن بعض الناس وهذا جورج طرابيشي في كتاب له اسمه "هرطقات عن الديمقراطية والعلمانية والحداثة والممانعة العربية" يجدر الإطلاع عليه فَبِه تذييل حول أصل الكلمة ويعيدها إلى مؤلف قديم في القرن الرابع الهجري باسم سياروس ابن المقفع في كتابه "مصباح العقل" قدم له وحققه الأب سمير خليل ونشر ضمن سلسلة التراث العربي المسيحي عن مطبعة دار العالم العربي في القاهرة سنة 1978م يؤكد أن العبارة استخدمت في القرن الثاني دون تعريف البيئة أو تعريف عليها مما يستنتجه أنها كانت مستخدمة قبل ذلك، ويؤكد أن السياق الذي وردت فيه هذه الكلمة في النص الذي يقتبسه يقول إنها علمانية أي أن العلم في الدنيا وما إلى ذلك، هذا يقودني إلى أن أنهي هذه المحطات بمفهوم العولمة ومفهوم الليبرالية، لدينا اصطلاحات شرعية معروفة لا نستطيع أن نطلقها كما أطلقها ذلك الشاب غفر الله لنا وله، هذا الشخص علماني، لكننا نتوسع في أن هذا الشخص ليبرالي وهذا الشخص علماني إلخ.. حتى قيل إن هذا الشخص حداثي، وقيل أيضاً إنه حداثي يصلّي، وكأنه ينبغي على الحداثي ألا يصلّي، أو ينبغي أن يكون الحداثي محارباً وهذا ينطبق على العلماني وما إلى ذلك، وآخر نقطة في هذه المحطة الأخيرة أن هنالك علمانية جزئية وعلمانية كلية، كما يقول الدكتور عبد الوهاب المسيري، شفاه الله وأمد في عمره وفي عمله، وأنا أقول إن هنالك علمانية تنظيرية وعلمانية تطبيقية وليس هنالك توافق بين العلمانية التنظيرية والعلمانية التطبيقية، والشاهد على ذلك أن الإنجيل يُقرأ في معاقل العلمانية يومياً وصباح كل يوم، تنطلق الأعمال في التاسعة صباحاً بقراءة أجزاء من الإنجيل وأن الذين تبنوا هذا المنهج العلماني خلطوا بين محاربة الدين والعلمانية وأرادوا أن يقضوا على كل مؤشر عن التدين باسم العلمانية وما هذه هي العلمانية.
أكرر شكري وتقديري لأستاذنا الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه وأساتذتي الكبار ولكم أنتم أيها الإخوة والأخوات على هذه الوقفة ولا أحتاج إلى أن أسترسل في أنها شرف لي لا أدعيه، لكنه حسن الظن منكم لأخيكم، أدعو الله أن يكون ذلك كله من رضا الله سبحانه وتعالى بعد رضا الوالدين رحمهما الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :549  التعليقات :1
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 204 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج