شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة الأستاذ الدكتور جميل مغربي))
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريّاته وسائر الأنبياء والمرسلين وبعد:
سأوغل بكم قليلاً في مثالب التاريخ وأعود إلى العصر الجاهلي، هذا العصر المظلوم حينما نصمه بأنه يتسم بالجهل والبدائية وبكثير من السِّمات القميئة التي لا تليق بعصر كان فيه من القيم ما يعوزنا في عصرنا الحاضر، كان طرفة بن العبديقول:
نحن في المشتات ندعو الجفل
لا ترى الآداب فينا ينتقر
الجفل هي الدعوة العامة ولا ينتقر أي لا يتخير وهو هنا يتحدث عن الدعوة في فصل الشتاء، وكان عنتر يقول:
وأغض طرفي عفة عن جارتي
حتى يواري جارتي مأواها
وكان أسيد بن أبي كاهل يقول أيضاً:
إذا ما أتانا فارح فزع
كان الدعاء له قرع الصناديل
المرأة في تلك الحقبة حظيت بالمكانة التي تليق بها صدفة وأرجو أن تسمح لي يا أبا محمد سعيد لأستطرد في هذا الجانب لأنني أود أن أصل إلى نقطة جوهرية. كنت أتحدث صبيحة هذا اليوم في محاضرة للدراسات العليا عن هذا الجانب، حينما كانت هند بنت عتبة زوجة الفاكه بن المغيرة تعلمون القصة لأن أهل مكة بنوا نزلاً وكان أول نزل أو فندق في تلك الحقبة وكان من عادتهم أن يوكلوا بتنظيف هذا النزل إلى نسوة أو سيدات علية القوم، فقد تولت هذه المهمة وكان رجلاً أنهكه السفر نائماً في ذلك النزل لم تشعر بوجوده فاتهمها زوجها، فاحتكمت وأسرتها إلى عرّاف بنجران وحينما حكم ببراءتها في قصة لا أود أن أستطرد فيها، لأن أبا محمد سعيد يطاردني في الواقع، أراد أن يمسك بيدها فقالت إني لأرجو أن لا يكون منك، لأنه حينما قال لها الكاهن على غرار سجع الكهان يذهب إلى فاجرة ولا زانية وتجدين ملكاً اسمه معاوية يحكم ما بين الشرق والغرب، فأراد أن يأخذ فاكه بيدها، قالت إني لأرجو أن لا يكون منك، فتزوجها أبو سفيان بن حرب وأنجب منها معاوية. وهنا أستحضر نموذجاً راقياً وهو أول من أسلم في هذه الأرض خديجة بنت خويلد وأول من وُصف بأنه فقيه خديجة بنت خويلد فهي اختارت محمد بن عبد الله عليه صلاة الله وسلامه لأن يكون مديراً لتجارتها وأن يكون زوجاً لها، هذه المرأة كانت في تلك الحقبة في العصر الجاهلي، أعود إلى النموذج المعاصر وأرجو أن يكون لي مدخل آلمتني فيه واقتربت دمعتي حينما تحدثت الأخت حصة، وكأني أستحضر الفارعة بنت طريف وهي تقول:
ويا شجر الخابور ما لك مورقاً
كأنك لم تجزع على ابن طريف
فتى لا يعد الزاد إلا من التقى
ولا المال إلا من قلم وسيوف
ذكرتني.. وحصة العون بالمناسبة هي أقرب إليّ مما تتصورون فهي أخت من أخواتي لسبب يسير لأنها زوجة أخي عبد الرحمن الجعيد رحمة الله عليه الذي كان يرتبط بي وبأسرتي وبشقيقي الأوسط عبد القادر بعلاقة وطيدة واجهتنا أيام في الطائف وفي الهدا وفي مكة المكرمة جمعتنا حقول الرياضة وربما يعرف الإخوة رغم فارق السن بيننا، لكن الحياة الاجتماعية كانت تسمح في مكة بالتواشج وبالعلاقات الحميمة وبالأواصر التي كانت تتسامى بين الناس ولعل من المفارقات الطريفة أن عبد الرحمن الجعيد أوكلت له مهمة الإشراف الاجتماعي على معرض التدريب التوجيهي إن كانت تذكر الأخت حصة ففوجئت بأن أحد الطلبة امتنع عن أداء الرياضة، فحينما أتى لمحاسبته أو الاستفسار بالطرق النفسي وجدني أمامه فقال لو كل الدفعة امتنعت ربما صدقتك ولكن أن تمتنع أنت فهذا ما لا أصدقه لأنني كنت في تلك الحقبة أنتمي إلى الحقل الرياضي، عبد الرحمن الجعيد شخصية يستحق الإنسان أن يتذكرها بالذنب، ولكن علينا أن نتذكرها بما هو أجل وأسمى من الذنب أن نترحم عليه وأن نسأل الله عز وجل أن يسكنه في فردوسه الأعلى وأن يعوض زوجته وأهله ومحبيه كل الخير، والأخت حصة نموذج سام وراق أتمنى لها هذه المسيرة الناجحة وديمومة الاستمرار في هذا النجاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :679  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 125 من 255
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.