شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفي سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه ))
- بسم الله الرحمن الرحيم.
- أحمدُكَ اللهم كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير رسلك، وخاتم أنبيائك، حبيبِكَ وصفِيّكَ.. سيدِنا محمد، وعلى آله صحبه أجمعين.
- أيها الأحبة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- أكرِم وأنْعِم بها من ساعةٍ تجمعُنا بعد أن مَنَّ الله علينا بتفيُّؤ أيامِ شهرِ رمضانَ المعظم، التي انقضت وتركت لنا نعيمَ ظلالِهَا..، وأيامِ عيدِ الفطر المبارك التي ولَّتْ، بعد أن جمعتنا على أرائكِ الودِّ تحت أيكةِ المحبة..، سائلاً الله - سبحانه وتعالى - أن يعيد علينا مثل هذه المناسبات الطيبة وأنتم بخير.
- ويسعدني أن يتواصل لقاؤنا اليوم لتكريم علمٍ من أعلام اللغة والنقد والبلاغةِ في عالمنا العربي؛ فقد عرفنا الأستاذَ الكبيرَ الدكتورَ بدوي أحمد طبانة، الَّذي نتشرف بالاحتفاء به اليوم، منذُ أكثرِ من ثلاثين عاماً، وهو يحاور المثقفين عبر مُخْتلِفِ قنواتِ المعرفة.. عرفناه محاضراً، ومؤلفاً، وناقداً بارعاً يبحث عن الحقيقة قبل هذا وذاك.
- ونحن إذ نحتفي به، إنما نحيّي عطاءَهُ الثر، وعملَهُ الدائب من أجل وطن عربي ينعم بالتواصل حاضراً - كما نعم به سابقاً - رغمَ شُحِّ الإِمْكَانَاتِ وبُعْدِ المسافاتِ وصعوبةِ وسائلِ المواصلات، التي كانت سِمَةً من سِمَاتِ ماضينا القريب؛ وقد نذر أستاذُنا الكبيرُ نفسَهُ لكي يضع عِلْمَهُ الغزيرَ في خدمة قضايا أمتِهِ من الخليج إلى المحيط، من خلال الدراساتِ النقديةِ والأدبيةِ المتعددةِ، التي شارك بها في النهضة الأدبية التي نسعد بها اليوم.
- وفي إطار الاحتفاءِ بأستاذِنا الدكتور بدوي طبانة، تحضُرُني ثلاثةُ محاوِرَ أساسية، لا بد من الوقوف عند كل منها، لأنها تشكل أقلَّ القليلِ في مسيرتِهِ الحافلةِ بالعطاءِ الخيِّر..
- الوقفةُ الأولى معه كأستاذٍ جامِعِي، تخرجت على يديه أجيالٌ من الرجال الَّذين ساهموا في حَمْلِ الأمانة، والمشاركةِ بفاعلية في بناء أوطانهم في أكثرَ من بلدٍ عربي، وقد أسعد الحظ بعضُ أبنائنا في الدراسة على يديه في جامعة الإمام محمدِ بنِ سعودٍ الإسلاميةِ، في قسم الدراسات العليا؛ ولا شك أنهم يَشْغَلُونَ - الآن - مناصبَ رفيعةً، ويعملون - من خلالها - على تطبيق ما تعلموه من أستاذنا الكبير، للمشاركة في توطيدِ دعائم النهضة الثقافية والاجتماعية والأدبية، التي نتطلع إلى ترسيخها يوماً بعد يوم.
- وأحسبُ أنَّ الوقفةَ الثانيةَ لا تخفى عليكم - جميعاً - أيها الأحبة، وهي مؤلفاتُهُ الكثيرةُ التي زادت على عشرين كتاباً، تناول عن طريقها مُخْتَلِفَ قضايا الأدب العربي، وبتركيز خاص على جانب النقد؛ وفي اعتقادي أنَّ النقدَ بالطريقة التي تناوله بها أستاذنا الكبير يمثل حَجَرَ الزاويةِ في بناءِ الهيكلِ الأدبي، وتطوير الذائقةِ الأدبيةِ لدى القارئ بما يعود بالفائدة على مجمل الحركة الثقافية، التي تشكل بدورها أساسَ البناءِ الحضاري لكل أمة ترغب في أن يكون لها مكانٌ تحت الشمس.
- أما الوقفة الثالثة فهي ذاتيةُ المضمونَ، انطباعية المغزى؛ حيث استهواني تحليلُ أستاذِنا الكبير لواقعنا الأدبي المعاصر، الَّذي اتسم بشيء من الاستكانةِ، والانكفاءِ للداخل، عن طريق الاكتفاءِ بالموروث، والمحلي، لدرجة أن البعضَ صار يحتفي باللغة الدارجةِ (شعراً ونثراً)، باعتبارِها الأداةَ التي تعبِّرُ عن وجدانه بطريقة أفضل!! وكذلك قلَّ الاحتكاكُ بين أدباءِ الدولِ العربيةِ لدرجةٍ كبيرة - إلاَّ من رحم ربك - وهذا يمثل لحدٍ كبير ظاهرةَ الانحسارِ في التواصلِ المعرفيِّ بين مختلف بيئاتِ الوطنِ العربي؛ ونتج ذلك عن عدةِ عَوَامِلَ، منها الاصطناعيُّ الَّذي غرسه المستعمر، ومنها ما استجدَّ مرتبطاً بظروفِ التحولاتِ السياسيةِ والجغرافيةِ التي انتظمتْ العالَمَ كُلَّهُ.. وبالتالي أصبح التواصلُ محكوماً بعدةِ عَوَامِلَ، وليس متاحاً لكل عالِمٍ، أو أديبٍ، أو شاعرٍ، كما كان في العهود الماضية.
- وللقفز على هذه الإشكالية، قام أستاذُنا الكبيرُ بتأليف كتابِهِ القيم: "من أعلام الشعر السعودي" الَّذي تناول من خلاله أعمال عدة شعراء، بغرض التعريف بهم بين أوساط المثقفين في العالم العربي، لأنهم - للأسف - مجهولون خارجَ نطاقِ بلدهمْ، وهي حقيقةً مُرَّةٌ رَضِينَا أم أَبَيْنَا؛ ومن بين كتبه التي عالج بها نفسَ المشكلة، من زاوية الأدبِ النسائي، كتابُ: "أدبِ المرأةِ العراقيةِ في القرنِ العشرين" وهو دراسةٌ قيمةٌ ساعدَتْ كثيراً على إقامة جسرٍ من التواصُلِ المدروسِ بين أبناءِ الوطن العربي، والتعريفِ بأدبائه للخروجِ من حالة الانكفاءِ التي أشرت إليها آنفاً.
- ولعلكم تلاحظون من هنا الوشيجةَ الحميمةَ التي تربطُ بين (الاثنينيةِ) وفكرِ أستاذِنَا الكبير.. فقد سعينا - جميعاً من خلال هذه الندوة - إلى تعريفِ إخواننا الأدباء في العالم العربي - وغيره - على زملائهم من هذه الأرض التي كانت مهداً للعربية، غير أن ظروفاً - تعرفونها - أدت إلى تَقَلُّصِ دَوْرِهِمْ، أو انحسارِ عطائهم إلى درجة العَدَمِ في بعض الأوقات، إلى أنْ بدأ نجمُهُمْ يبزغُ من جديدٍ مع الصحوةِ الحضاريةِ، التي انتظمت كافةَ النشاطاتِ في بلادنا في هذا العهد المبارك، فكان لا بد من التعريفِ بهم، وتوثيقِ مسيرتهم، فجاءت (الاثنينيةُ) لتقيمَ جِسْراً من التواصُلِ والمحبةِ، وهكذا عمل أستاذُنا الكبيرُ، حيثُ مدَّ جسورَ التواصلِ عن طريقِ بعضِ مؤلفاتِهِ للتعريف بشعراء وأدباء البلاد التي عمل بها، فتوحَّدَ فِكْرُهُ مع أهدافِ هذه الأمسياتِ التي نَشْرُفُ باستضافَتِهِ من خلالها.
- هذه مجردُ وقفاتٍ سريعةٍ جاءت في سياق الترحيبِ بأستاذنا الكبير وبكم في مستهل هذا اللقاء الماتع، متطلعين إلى أن نسمع منه، ومن تلامذته، ومريديه، ما يلقي مزيداً من الضوء على مسيرته الوضاءةِ التي لا تحتاج - في الحقيقة - إلى إلقاءِ ضوءٍ، لكننا نطمح إلى إضاءَةِ الجوانبِ التي لم يعرفها الكثيرون، والتي لا ترد عادةً في كتابٍ أو غيره من وسائل التواصُلِ التقليديةِ، فيكون جميلاً أن نعرض لها في هذا الملتقى الَّذي من بين أهدافِهِ توثيقُ مسيرةِ هؤلاءِ الأفاضِلِ، ورصْدِ حياتهم الحافلةِ بجلائلِ الأعمالِ والمواقف.
- قبل أن أُنْهِيَ كلمتي، أحبُّ أن أنوِّهَ أَنَّ ضيفَ الاثنينيةِ القادمةِ هو معالي الدكتور أحمد محمد علي، أمينُ عام رابطةِ العالمِ الإسلامي، والرئيسُ السابقُ لبنكِ التنميةِ الإسلامي، فمرحباً بكم - جميعاً - للاحتفاءِ به، مؤكداً أن هذا المنتدي مفتوحٌ لكلِّ من له تعاملٌ مع الكلمةِ، ولا توجد دعوةٌ مخصصةٌ للحضورِ، وإنما الاثنينيةُ - كما عرفتمُوهَا دائماً - بكمْ ومنكمْ وإليكمْ.
- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :650  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 99 من 171
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.