شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تخليص موجز لمباحث كتاب
((عبد الله بلخير يتذكّر)) (1)
بقلم: الشيخ حمد الجاسر
ـ 1 ـ
هذا الكتاب هو الحلقة الثالثة عشرة من سلسلة الكتب التي ينشرها الشهم الوطني المفضال الأستاذ عبد المقصود بن محمد سعيد خوجه بعنوان (كتاب الاثنينية) فهو ـ رعاه الله ووفقه ـ يقيم في مساء الاثنين ـ أي ليلة الثلاثاء من الأسبوع ـ منتدى أدبياً يكرم يه أحد الأدباء أو العلماء، لا من أبناء هذه البلاد وحدها، بل يشمل غيرهم من البارزين في الأقطار الإسلامية، كما يتولى إصدار بعض ما لأولئك من آثار في الأدب أو التاريخ أو غير ذلك من أنواع الثقافة.
وصلة الأستاذ عبد المقصود بالأستاذ عبد الله بلخير، امتداد لصلة والده الأستاذ محمد سعيد بِبَلْخير، وهي صلة تمتد جذورها إلى أكثر من نصف قرن، حين كان الأستاذ محمد سعيد يشرف على تحرير جريدة ((أم القرى)) في أوائل عشر الستين من القرن الماضي، وكان بلخير طالباً في (مدرسة الفلاح) بمكة المكرّمة، وهي صلة يصفها الأستاذ عبد المقصود بالوطيدة، والمعرفة الحميمة اللصيقة، فكان من أثر استمرارها توليه مكتب الشيخ عبد الله الخاص، ثم بعد أن أصبح مديراً عاماً لـ (الإذاعة والصحافة والنشر)، وقد نشر عنه كتاب ((عبد الله بلخير شاعر الأصالة والملاحم العربية والإسلامية)) للأستاذ محمود ردَّاوي.
أجمل الأستاذ عبد المقصود أبرز صفات الشيخ عبد الله بلخير بأنه (2) : (ـ وهو الشاعر اللامع في عالم الشعر والأدب والثقافة ـ ظلّ متأثراً بمعطيات جيله، حاملاً الحلم الأكبر لأمّة إسلامية قوية، ووطن عربي، يجمع كل أبناء العروبة من الخليج إلى المحيط، دون حدود مصطنعة، وحواجز مفتعلة).
كما أشار إلى أنه من الرعيل الأول الذي شهد مع جيله النهضة المباركة على يد مؤسسها، وباني كيانها المؤسس الأول الملك عبد العزيز آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ ووصف موقفه في تلك الفترة مع جيله أنهم ممن قام الكيان على عواتقهم قوياً، حتى سلموا الراية عالية شامخة للجيل الثاني.
وذكّر أن الأستاذ الصحفي خالد باطرفي أجرى سلسلة من الحوارات مع الأستاذ بلخير، وما أملاه هو ما يحويه هذا الكتاب الذي يحمل عنوان ((عبد الله بلخير يتذكّر)) ملحقاً به دراسة نقدية للأستاذ محمد رداوي، سبق نشرها في كتاب ((عبد الله بلخير شاعر الأصالة)).
لقد سبق لي أن عرفت الأستاذ بلخير، معرفة صلة بعمل كان يشرف عليه، حين قمت بمساعدة من سعود ـ رحمه الله ـ حين كان ولياً للعهد، وقد أسند إليه والده لمرضه وكبر سنه تصريف شؤون الدولة ـ قمت بإصدار أول صحيفة في مدينة (الرياض) عام 1372هـ باسم ((اليمامة)) والأستاذ بلخير إذ ذاك كان (المدير العام للإذاعة والصحافة والنشر). ومستشاراً لسعود، كما عرفت عن صلته بالأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجه قبل ذلك، ولهذا لا أريد الحديث عن شيء من هذا، بل أكتفي بعرض موضوعات الكتاب عرضاً موجزاً، فهو ـ في الواقع ـ حافلٌ بالكثير من الطريف المفيد من الذكريات، عن جوانب مهمة متعدِّدة من تاريخ هذه البلاد، إلاّ أن مما يؤسف أن الأستاذ بلخير أملاها على كاتبها من الذاكرة، دون الاستعانة بالرجوع إلى مصدر مدوَّن، وذاكرة من بلغ مرحلة الشيخوخة من عمره ـ بل ذاكرة كل إنسان ـ عرضة للنسيان، والخطأ، والزيادة، والتأثر بكثير من المؤثرات التي تُضْعِف ما ينشأ عنها.
وإذن فما هو موقف القارئ حيال هذه الذكريات؟
أقل ما يمكن أن يستفاد منها ـ بصرف النظر عن التوثيق التاريخي ـ أنها صورة لحشد من الأفكار والخواطر، لشيخ جليل القدر، رفيع المنزلة في مجتمعه، عما كان يجيش ويتطلّع إليه الشباب المثقّف الواعي من التطلّعات، لما يعلي شأن أمّته، وما أجَلَّ هذا من مستفاد!!
بعد مقدّمة الأستاذ الناشر (من ص5 إلى ص 8)، تأتي ذكريات الطفولة: (من ص 9 إلى ص 14)
تذكر الأستاذ بلخير ما كان حوله في (محلة الشبيكة)، مسمياً الشارع الذي زال، والسراج المعلّق بمدخله، و(مسجد المحجوب) الذي يؤدّي فيه أهل المحلة صلواتهم، ومدرسة الأطفال التي يديرها الحافظ لكتاب الله محمد أمين الماحي، وكان التعليم فيها مقتصراً على قراءة القرآن ومبادئ العلوم، وتذكر أنه التحق بها سنة 1346 (1927م) (3) مع مئة طالب، وأنه ولد سنة 1333 (1915م).
وجاء في كتاب (( وحي الصحراء )) الذي شارك الأستاذ محمد سعيد بتأليفه ما نصه (4) : (ولد بحضرموت سنة 1333 وفي عام 1345 سافر والده إلى الحجاز حيث أدخله في أول عام 1346 المدرسة الأهلية بالشبيكة بمكّة المكرّمة، فتلقى بها دروسه الأولية، ثم التحق في عام 1348 بمدرسة الفلاح، وتخرج فيها عام 1353 وفي آخر عام 1354 بعث إلى بيروت لإتمام دراسته في الجامعة الأميركية).
فترة من الزمن هي أثنى عشر عاماً عاشها الأستاذ في (حضرموت) لم يتذكّر عنها شيئاً، مع أن ذكريات الطفولة ـ في الغالب ـ مما ينطبع بالذاكرة.
بقي في المدرسة الأهلية بمكة المكرّمة عامين، في خلالهما كان يلتحق بعدد من حلقات التدريس في (المسجد الحرام)، ويجلس كل ليلة إلى عالم يستمع إليه بغير انتظام، وسمَّى من أولئك العلماء والمشايخ محمد سعيد يماني، جد الوزير أحمد زكي يماني، وعمر حمدان، وعمر باجنيد، وعلي مالكي، ومحمد علي التركي وغيرهم، ثم قال (5) : (وفي عام 1348 ـ أي بعد التحاقي بالمدرسة الأهلية، وانتظامي في حلقات (المسجد الحرام) التحقت بمدرسة المسجد، وهي كبرى المدارس في أوائل القرن الرابع عشر الهجري، وقضيت في هذه المدرسة أحلى سنوات الصِّبا والشباب، حتى تخرّجت منها عام (1353 هـ ـ 1934م) وبرامج العلوم فيها مشابهة للأزهر ودار العلوم بمصر).
أية مدرسة هذه المسماة (مدرسة المسجد)؟! لا شكّ أنها (مدرسة الفلاح) فوقع الخطأ في الاسم إما من ذاكرة الأستاذ أو الناقل عنه، أو تطبيع (6) ، وسَيَمُرّ بالقارئ نماذج مثل هذا.
قصة إنشاء (المدرسة الصولتية): (من ص 15 إلى ص22)
خلص الأستاذ من الحديث عن مدرسته التي تخرج فيها سنة 1353 هـ ـ للحديث عن إنشاء المدارس الحديثة في (مكة المكرّمة) مبتدئاً بذكر أول مدرسة أنشئت وهي (المدرسة الصولتية) التي أسسها العالم المسلم الشيخ رحمة الله بن خليل الله (1233/1308هـ) من أجلَّة علماء الهند، متأثراً من تفشي الجهل في العالم الإسلامي، فاختار ـ بعد أن حج ـ إنشاءها في عاصمة الإسلام الأولى، حيث لا يوجد فيها مدرسة سوى ما يقوم به العلماء في (المسجد الحرام) من التعليم الديني، وأعانته على عمله الأميرة المسلمة الهندية (صولة النساء) من مالها الخاص، وقد نفع الله بهذه المدرسة، وتخرج فيها أكثر علماء (المسجد الحرام)، وقد توفي الشيخ (رحمة الله) في (مكة المكرمة) ـ وفصّل الأستاذ عبد الله ترجمته.
مدارس الفلاح، مشعل في جدة ومكة: (من ص23 إلى ص39)
بعد مقدّمة موجزة عن الشاب محمد علي زينل من أسرة تجارية معروفة في جدة، وعن نجاحه في أعماله التجارية في الحجاز والهند والخليج وغيرهما ـ كان في إحدى المرات يقف في شرفة بيت بمكة نزله بعد أداء العمرة، فشاهد بدوياً في إحدى القوافل، يستعرض المارة، بيده ورقة لتقرأ له، فلم يجد من يحسن قراءتها، فتألم كيف يبلغ الجهل في عاصمة الإسلام إلى هذا المدى، وشغله هذا الهاجس حتى فكر في بناء مدرسة منظمة كبيرة، لتكون مشعلاً من نور، ينتشر هداه في بقاع العالم كله، فكان أن بدأ بإنشاء (مدرسة الفلاح) في (جدة) مسقط رأسه سنة (1323 هـ ـ 1905م)، ثم في سنة (1330 هـ ـ 1912م) أنشأ (مدرسة الفلاح) في (مكة المكرمة)، فنفع الله بهاتين المدرستين، وتتابع إنشاء المدارس في (حضرموت) و(عدن) و(دبي) و(البحرين) بتأثير اتجاه الحاج محمد علي زينل ومساعديه من العلماء، وأوفى الكلام في الموضوع من جميع جوانبه.
وكان الانتقال ـ بدون فاصل ـ بعد ذكر بعض خريجي (مدرسة الفلاح) بمكّة المكرّمة لموضوع لا صلة له بها وهو:
أول مدرسة للبادية: (من ص38 إلى ص39).
أدرك الأستاذان السيدان علي وعثمان ابْنَا السيد عبد القادر حافظ عام (1365 هـ ـ 1946م) بالحاجة الماسة لإنشاء مدرسة لأبناء البادية الحجازية، حيث الجهالة منتشرة، فأسساها في (المسيجيد) باسم (مدرسة الصحراء) ابتدائية، (على منهج وزارة المعارف السعودية) ورغم صعوبة المواصلات استطاعاً الوصول إلى هذه المنطقة النائية عن حواضر المدن وأقاما المدرسة في غرفة ملحقة بمقهى شعبي للمارة بالطريق ـ كذا قال الأستاذ!!
لا شكّ أن ما قام به الأستاذان الجليلان علي وعثمان حافظ من إنشاء (مدرسة الصحراء) في (المسيجيد) عمل جليل، آتَى ثماره طيبة مما لا يتسع المقام لتفصيله.
إلا أن مما ينبغي ذكره بمناسبة تعليم أبناء البادية أن الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بعد أن أدرك أن ما يحدث من بعض أبناء البادية من إخلال بالأمن، وتعدّ على حقوق بعض المواطنين، وأنّ الدافع له أمران: أولهما: الجهل، وثانيهما: الفقر وقد اقتُرح لمعالجة هذا إنشاء مدرسة في مدينة (ينبع) حيث تنتشر في باديتها قبيلتا (جهينة) و(حرب)، تقوم الحكومة بكل ما يلزم للطلاب من إعانة وكسوة وسكن، وتسند التعليم فيها لمن تختاره، فتم ذلك سنة 1353 أي قبل تأسيس (مدرسة المسيجيد) باثنتي عشرة سنة، وكان أمير (ينبع) إذ ذاك الأمير حمود بن إبراهيم (7) ، الذي بذل جهداً مشكوراً في إنجاح هذه المدرسة بحيث طلب من رؤساء القبيلتين إحضار عدد من الشباب في حدود المئة لإدخالهم في المدرسة، فاستجابوا لذلك بعد أن أدركوا منفعتها، فتم إنشاؤها واستمر العمل بها حتى أكمل الدراسة فيها على المنهج الابتدائي عدد من الشباب، منهم من اشتغل بالتعليم في مدارس نجد وغيرها، ومنهم من تولّى بعض الأعمال الأخرى مما لا يتسع المقام لتفصيله.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :470  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 70 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.