شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأعمال الكاملة لأحمد إبراهيم الغزاوي
حسَّان الملك عبد العزيز ظل أميناً لشيطان الشعر (1)
جدة/محمد باوزير
على مدى أكثر من نصف قرن اقترن اسم الشاعر الكبير احمد بن إبراهيم الغزاوي بمنصات الشعر ومحافل الأدب حيث ظل طوال عمره وفياً لهذا الفن الذي قدمه بسخاء لعشاق القوافي بل ظل أميناً لشيطان الشعر يمتح من ينابيع الأصالة وينهل من مناهل العربية وفنونها.
ومضى شاعرنا الغزاوي إلى بارئة عام 1401هـ ومنذ ذلك التاريخ كاد الناس أن ينسوا شعره أشتاتاً متفرقة في بطون الصحف العتيقة (أم القرى ـ صوت الحجاز ـ الإصلاح ـ الندوة) حتى قيض الله لهذا الإرث الأدبي الضخم على يد عبد المقصود خوجه صاحب الاثنينية فأخرج عبر كتاب الاثنينية سفراً ضخماً ضم نتاج الأديب والشاعر أحمد إبراهيم الغزاوي شعره ونثره في ستة أجزاء مجلدة جاءت الأجزاء الأربعة حاملة تجربة الغزاوي الشعرية والتي ضمت كل ما أنتجته قريحته الشعرية في جل أغراض الشعر من وطنيات ومناسبات وحكم وإخوانيات وحوليات ورثاء واجتماعيات وإسلاميات وجدانيات ووصف وهجاء في حين جاء الجزءان الأخيران (الخامس والسادس) بنتاجه النثري والذي جمع من بطون الصحف مثل تعقيبات وتعليقات ويوميات الندوة والخطب والمقالات ناهيك عن كلمة الناشر عبد المقصود خوجه ومقدمة للشاعر حسين عرب اللتين جاءتا في ثمانين صفحة.
في مستهل هذا المشروع الثقافي الضخم إهداء إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود.. الإنسان إلى جانب سرد بالسيرة الذاتية للشاعر الغزاوي الذي بدأت حياته بوظيفة صغيرة بمديرية الأوقاف بمكة المكرمة ومروراً برئاسة ديوان رئيس القضاء ورئيساً لتحرير جريدة (أم القرى) ثم (صوت الحجاز) و(مجلة الإصلاح) حتى تسنم منصب نائب رئيس مجلة الشورى ثم توجه الملك عبد العزيز طيب الله ثراه برتبة وزير مفوض من الدرجة الأولى عام 1373هـ وفي تلك الحقبة من حياته العملية حظي الشاعر الغزاوي بجملة من الأوسمة والميداليات والهدايا من أصحاب الجلالة والفخامة والمعالي.
وقد أحسنت اللجنة المشكلة لإصدار هذا العمل الأدبي الضخم صنعاً حين التقطت صورة لأمر الملك عبد العزيز رحمه الله بمنح الشاعر الغزاوي حسَّان صاحب الجلالة وقد جاءت صيغة الأمر كالتالي:
بسم الله الرحمن الرحيم نحن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل ملك المملكة العربية السعودية بعد الاعتماد على الله تعالى قد منحنا شاعرنا أحمد بن إبراهيم الغزاوي لقباً فخرياً وشرفاً قومياً بانتسابه إلينا وخصوصيته علينا ونعتناه بحساننا وخولناه أن يكون شاعر بلاطنا وأبنائنا لما استحقه من توجهنا والتفاتنا بما أثبته لدينا من نصحه وإخلاصه ومنافحته عن الإسلام والمسلمين والعرب والعربية ونرجو لنا وله الهداية والتوفيق من الله تعالى ولذا حرر ـ صدر في مكة المكرمة يوم الجمعة 22 صفر 1352هـ توقيع الملك عبد العزيز. وحين قراءتنا لكلمة الناشر نجده يقول: رأيت المبادرة بجمع الأعمال الشعرية الكاملة لشاعرنا العملاق الأستاذ أحمد بن إبراهيم الغزاوي ـ رحمه الله ـ لترى النور أخيراً بعد احتجاب طويل في غياهب النسيان منذ وفاة شاعرنا عام 1401هـ وتعود إرهاصات هذا العمل لثلاث سنوات خلت حيث تحدثت مع الدكتور سهيل بن حسن قاضي حول طباعة الأعمال الكاملة لشاعرنا الفذ ولمست منه تجاوباً مشكوراً لمنحي شرف طباعة ونشر هذا الديوان تحت مظلة (كتاب الاثنينية) لحفظه للأجيال القادمة في حين انصبت مقدمة الشاعر حسين عرب على قيمة العمل الإبداعي في نصوص الغزاوي فيقول: حين وحد الملك عبد العزيز المملكة كان شاعره الأثير أو المقدم هو الغزاوي يستقبله بقصيدة ويودعه بقصيدة أروع منها ولا تخلو مناسبات الأعياد والحج والوفود والانتصارات وجميع الحفلات إطلاقاً من شعر الغزاوي الذي عرف بشعره الأثير وصوته الجهير وأدائه المتميز.
وفي جانب آخر من المقدمة يقول عرب:
لقد وهبه الله هذه الهبة فكان ذكياً فاستغلها أحسن استغلال واستعملها أفضل استعمال من غير تصنع ولا تلكؤ يمله السامع فحق أن ندرج اسم الغزاوي في درجة العباقرة لأنك لو قرأت شعره سوف تجد أنه لا يختلف عن أحد من أمثال الشريف الرضي والبحتري والمعري وحافظ ومطران والجواهري وبدوي الجبل إلى جانب ما يفيض في شعره من جمال المطالع والمقاطع.
والمتصفح هذه الأجزاء من أعمال الغزاوي الشعرية يجد غرض المديح مهيمناً في قصائده إلا أنه لم يشطط فيتحول إلى مداح بل كان شعره في جملته انطباعاً لما يراه في الحقيقة.
(يا ابن السعود) أب الأسود فديته
ملكاً تربع عرشه بصقاله
إني لأنظم ما شهدت (حقيقة)
لا شاعراً يغريه وحي (خياله)
(الشعب) يرفل في (النعيم) بعهده
(والعدل) مرتفع الصوى بصياله
وكأنما اكتست (الجزيرة) بردة
قد رصعت أهدابها بفلاله
إن كان صقر بني (أمية) قد مضى
فلأنت (صقر العرب) في إقباله
ولمطالع قصائد الغزاوي العديد من الأغراض فهو يرصد في بعضها بعض الشعائر بصورة أجمل تنبئك عن ثقافته الدينية كمثل قوله:
ولي (الصيام) وعاود (الإفطار)
وعلى القلوب من الرجاء إطار
ودوت (مآذن مكة) وقلاعها
بحلول (يوم العيد) وهو يسار
وحنا (الغني) على (الفقير) فأصبحا
في (غبطة) والمسلمون خيار
وفي موضع آخر يقول:
دعاني (من ذكرى حبيب ومنزل)
وهاتا اسمعاني في (الكتاب المنزل)
وعوجاً على (الآيات) من كل معجز
ففيها جلاء الحق في كل معضل
تصارعه الأهواء وهو يذودها
(كجلمود صخر حطه السيل من عل)
يظن به ما ليس يملك أمره
(وهل عند رسم دارس من معول)
وفي هذه الأبيات السابقة نجد الغزاوي وذاكرته الشعرية شاهدة على ثقافته التراثية التي تسعفه مفرداتها وصورها لتكون القصيدة ذات بناء فني متماسك.
وكغيره من الشعراء يرهف الغزاوي لقلبه وما يخالجه من عواطف فلم ينس باب الغزل الذي طرقه خفية ثم أقلع عن هذا الفن.
يقول بعدما استرعاه جمال بدوية في وادي لية:
بأبي من رأيتها فاسترابت
نظرتي نحوها فقالت: علامك؟
قلت صب أصيب بالعين قالت
روع الله على الحب لامك
أنت من لية بدارة عوف
حيث فرط العفاف يذكي غرامك
إن فيها من الظباء لحوراً
يتناجين في المروج مرامك
فاغضض الطرف إن علقت وخالس
نظرة الحب واستذم آثامك
والمتأمل لمسيرة الغزاوي الشعرية يجده قد مارس كل الأغراض والفنون الشعرية ولذلك نجد شعر الإخوانيات وهو من الشعر الذي أخذ في الانقراض فمرَة يحيى السيد السقاف وتارة يساجل الشاعر العواد وأخرى يذاكر الشاعر بلخير وتارة يداعب الشيخ أمين شيبي ومن هذه الإخوانيات نظم الغزاوي قصيدة يحيي الأديب محمد حسين زيدان رحمه الله بعدما قرأ زاويته الشهيرة (تمر وجمر) جاء فيها:
(زيدان) جمرك مثل تمرك مبهر
هيجت مني كامناً هو أوهر
صورت ((موقفك الرهيب)) بنفثة
هي من يراعك في (بيانك) تسحر
وبها (التقينا) في شعور سامق
هيهات ينساه امرؤ يتفكر
(أمحمد) هيهات أدرك شاعر
ما أنت توحيه وما هو ينثر
وإذا عرجنا نحو تراث الأديب الغزاوي الناثر والخطيب والكاتب تجده قد خرج من جزءين ضخمين يضمان مقالات في الشؤون الاجتماعية والسياسية وخطب ألقاها بمجلس الشورى أمام الملك عبد العزيز رحمه الله إلى جانب التعليقات والتعقيبات التي كتبها في جريدة الندوة مع يومياته. والمتأثر في نثر الغزاوي يقف مندهشاً أمام لغته العذبة التي تنبئك عن صلته العميقة بالتراث وحبه الدفين لأسرار العربية وجمال بيانها وروعة تراكيبها ويتجلى ذلك واضحاً مشرقاً فيما شمل عليه التعقيبات والتعليقات التي ضمت تصحيحاً للكلمات التي وقع بها تحريف أو لبس أو لفظ عامي ذو أصول عربية مستشهداً في ذلك بآيات التنزيل وما ورد عن المصطفى ونظمه شعراء العربية للتدليل على صحة حجته. ومن الكلمات التي أوردها (الشنب، أشوى، بلاش، الكنداسة، الهيلمة، الزول، الأهيم، التميس) وغيرها من الكلمات التي جاءت عن مواضع وعن عادات قديمة. أما خطب الغزاوي والتي كتبها في صحيفتي أم القرى والندوة أو مجلة المنهل والتي انصبت في غمار الأحداث الاجتماعية والسياسية في تلك الفترة منها ما كتب عن مجلس الشورى وآخر حين ترؤسه لوفد سعودي أو محاضرة كالتي قدمها في جمعية الإسعاف.
في حين جاءت مقالاته تدعو إلى التقدم والنمو لبلادنا وتحث على مواصلة العمل الجاد الذي ينهض بالبلاد أو محاربة لعادات فشت في تلك الأيام أو ضرب الأمثال لدول نجحت في سعيها نحو العلا وقد تكون رثاءً لزعماء وأعلام وكتاب أو تصويره الدقيق للحالة الاجتماعية في مكة المكرمة في العهد العثماني.
أما أبرز المقالات والخطب فهي (الثقة الغالية، في مجلس الشورى، في مهرجان الأمة، بشائر التقدم، إلى شباب الحجاز، رأي أديب، خطب الجمع، عود على بدء، النهضة الأدبية، تاريخ مدينة جدة، الأدب الصاعد الأدب في ديوان القلائد، وغيرها).
وجملة القول أن جميع أعمال شاعر وأديب كبير بحجم الغزاوي يؤرخ بصدق لمرحلة أدبية عاشتها المملكة وبرز فيها مخلصون قدموا عطاء متجاوباً لمجتمعهم وحفياً بتاريخهم وإرثاً متميزاً لهذا الجيل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :3340  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 109 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج