شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شمعة مضيئة
رحم اللَّه زمان المجالس الأدبية (1) !!
بقلم: حسين عاتق الغريبي
ـ أنا مع صديقي ((المثقف)) في رؤيته لبعض ((المجالس)) و ((البشكات)) الحالية وترحمه على زمن مضى كانت مجالسه الثقافية حافلة بالمتعة الفكرية التي ينشدها كل عاشق للثقافة والأدب.
ـ كانت مجالس أهل ذلك ((الزمن الوردي)) وقورة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معانٍ سامية، تضيء بنور الحكمة، وتزهو بجلال التقدير والاحترام.. لا تخترقها ((ترّهات)) العابثين بالوقت، لأن حواراتها الهادفة كانت تفرض على السامع حالة من (الاتزان الواعي) لاستيعاب مجريات الحديث.. كي يفكر.. ويزن كل كلمة ينطق بها إن هو أراد المشاركة في الحديث. وسواء كان انعقاد (المجلس) في المنزل أو المقهى فإن الجوَّ المسيطر عليه لا يخرج عن دائرة ((الكلام المفيد)) والإصغاء بانتباه لكل ((رأي رشيد)).
ـ وفي ((ورقة عمل)) بعنوان: (واقع المؤسسات الثقافية ومستقبلها) قدمها الأستاذ الأديب (( عبد المقصود خوجه )) في الملتقى الأول للمثقفين السعوديين الذي نظمته وزارة الثقافة والإعلام.. ذكر بعض المجالس التي عاصرها بمكة المكرمة وكانت تعقد في دور أصحابها.. منها:
ـ مجلس الأستاذ أحمد إبراهيم الغزاوي، وكان يعقد في إحدى غرف منزله ويطلق عليها (المقعد)، أو أمام دارته، وذلك عصر كل يوم حتى المغرب.
ـ مجلس الأستاذ محمد سعيد العامودي (المسائي) في دارته بالمسيال في المسفلة.
ـ مجلس الأستاذ عبد القدوس الأنصاري (المسائي) بدارته المطلّة على السوق الصغير.
ـ مجلس الأستاذ محمد عمر توفيق بدارته بربع الرسان (وقد حضرت بعض أمسياتها التي كان روَّادها الأساتذة محمد حسين زيدان وحمزة شحاته وعزيز ضياء وأحمد قنديل وعبد السلام الساسي وياسين طه وغيرهم).
ـ مجلس الأستاذ حسين عرب الذي كان يعقد عقب مغرب كل يوم، وقد يستمر إلى ساعة متأخرة من الليل ومقره في دارته بطريق مكة المكرمة ـ جدة، بعد البيبان، ثم انتقل إلى دارته التي أقيمت خلفها، وأخيراً إلى دارته الفخيمة التي تقع في ((أم الجود)) بطريق مكة المكرمة ـ جدة القديم، وقد استمر حتى وفاته ـ رحمه الله ـ.
ـ مجلس الأستاذ إبراهيم أمين فودة بدارته بآخر بئر بليلة، وكان في أوجه حين كان مديراً للمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر، يتحلق حوله بعض الأدباء الروّاد، وكثير ممن عملوا في سلك الإذاعة في بدايتها من شعراء وأدباء، منهم: الأساتذة طاهر زمخشري وعبد الله الغاطي وحسن عبد الله القرشي وعباس فائق غزاوي وكان آنذاك طالباً، وغيرهم.
ـ ويقول الأستاذ عبد المقصود خوجه: كما كان لسيدي الوالد مجلس صباحي في صحيفة (أم القرى) التي كان رئيساً لتحريرها ومديراً لمطبعتها، ثم مجلسه الذي يقيمه مساء كل يوم في دارته، بالإضافة إلى الحفل الكبير المعروف بحفل التعارف الذي كان يقيمه في الليلة الثانية من ليالي عيد الأضحى المبارك بمنى على شرف المفكرين والأدباء والشعراء من ضيوف الرحمن الذين يفدون للحج من أنحاء العالم الإسلامي كافة.
ـ وكانت مجموعة من المثقفين تلتقي مع معالي العم الأستاذ السيد محمد حسن فقي في بيت الأستاذ فيصل بياري ـ حين كان معاليه موظفاً بوزارة المالية ثم رئيساً لديوان المراقبة العامة ـ رحمه الله ـ.
ـ وكان هناك ما يعرف بـ (المراكيز) التي ازدهرت بصورة واضحة في بداية العهد السعودي، وكانت مكة المكرمة حاضنة لكثير من التجمعات الثقافية العامة، وقد رصد بعضها الأستاذ هاني ماجد فيروزي ـ في الملحق الأدبي بجريدة الندوة بالعدد 13046 بتاريخ 25/6/1422هـ، مشيراً إلى أنها كانت تتوزع بين بعض المقاهي التي كانت متنفساً لبعض رجالات مكة المكرمة. وذكر منها: قهوة الشيخ صالح عبد الحي في المسفلة، وكان للأستاذ أحمد السباعي مركاز أسفل بيت العلاف في الشبيكة يعقد في الضحى.
ـ وقد أشار الأستاذ عزيز ضياء في معرض حديثه خلال أمسية (( الاثنينية )) التي كرمته بتاريخ 29/5/1403هـ إلى المركاز الذي كان يجمعه بالأساتذة حمزة شحاته وأحمد قنديل ومحمد عمر توفيق وعبد الله عريف وطاهر زمخشري، وهو المركاز الذي أطلقوا عليه اسم ((الأولمب))، ويعقد على جبل بالقرب من قهوة خليل البخاري.
ـ بعد هذا العرض الخاطف عن مجالس ((أيام زمان)).. يتساءل صديقي المثقف:
ـ كيف غابت عنَّا تلك الأماسي الزاهية؟ ولماذا تحولت مجالسنا إلى بشكات (طق حنك) أو (لعب بلوت)؟!
ـ ومن المؤسف أن تجد الفئة المثقفة تتصدر بعض هذه المجالس دون أن تسمع منها ما يوحي بأنها تهتم بالشأن الثقافي الوطني، أو لديها الرغبة في الحديث عن شؤون الأمة وشجونها.. فالجوّ العام يسوده دخان ((المعسَّل)) و ((الجراك))!!
ـ ولكي لا أبخس بعض المجالس قدرها، فإن منها ـ على قدر بساطتها وقصر وقتها ـ ما يستحق التواصل معها والحرص على توثيق العلاقة مع أصحابها.
(خير المجالس)
ـ في الحديث القدسي.. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لله تبارك وتعالى ملائكة سيَّارة فضلاً، يبتغون مجالس الذكر، فإذا وجدوا مجلساً فيه ذكر، قعدوا معهم، وحفّ بعضهم بعضاً بأجنحتهم، حتى يملأوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا انصرفوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال: فيسألهم الله عز وجلّ: ـ وهو أعلم بهم ـ من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عباد لك في الأرض، يسبحونك ويكبرونك، ويهللونك ويحمدونك ويسألونك، قال: وما يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنتك، قال: وهل رأوا جنتي؟ قالوا: لا، أي ربِّ، قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: ومم يستجيرونني؟ قالوا: من نارك يا رب. قال: وهل رأوا ناري؟ قالوا: لا، قال: فكيف لو رأوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال: قد غفرت لهم، وأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا، قال: يقولون: ربِّ فيهم فلان، عبد خطاءٌ، إنما مرَّ فجلس معهم، قال: فيقول: وله غفرت، هم القوم، لا يشقى بهم جليسهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :363  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 66 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي

الشاعر والأديب والناقد, عضو مجلس الشورى، الأستاذ بجامعة الملك سعود، له أكثر من 14 مؤلفاً في الشعر والنقد والأدب.