شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أما آن لمشكلة الأزياء أن تُحل؟
رجاء إلى مديرية المعارف العامة:
(إن توحيد الزي من مظاهر حياة الشعوب وإن شعبنا شعب من الشعوب التي يجب أن يكون له من مظاهر الحياة ما لغيره).
كما أن المجتمعات في تكوينها واتجاهها تخضع لعوامل الرقي والاضمحلال والتبدلات التي تحدثها تطورات الحياة، وتلك الأزياء تخضع لهذه العوامل وتتفرع منها.
وكما أن للمناخ أثره في حياة المجتمع، وقوته الفعّالة في تكوينه وتكييف اتجاهاته كذلك للمناخ أثره القوي في وضع الأزياء وشكلها.
وأزياء الأمم تخضع إلى حد بعيد لمناخ مدنها، وهي وليدتها ونتيجة إملاء إرادتها، وهي وإن جارت الحياة في تطوراتها وتقلباتها من حيث التبدّل والتغير فهي مع كل ذلك لا تجاريها إلا بقدر محدود حيث تخضع في تطورها الجديد لعوامل المناخ.
والأزياء اليوم أصبحت فنًّا قائماً بذاته لها من ذوقيات الفن وجماله وجلاله وخطورته ما نشاهده في الموضات الجديدة وما نتلمس آثاره في كل مدينة غمرتها موجات هذه الموضات.
والأزياء في حد ذاتها كانت ولا تزال شعاراً مقدساً، لها قدسيتها، ولها مقامها الرفيع في القلوب، وقد شملت مسارحها في التاريخ الحديث والقديم أدواراً غيّرت صفحة التاريخ في كثير من المدن والمواقف وبحسب العادات، والتمسك بها كان له الأثر القوي في تلك المواقف وإنك لتدرك هذا الأثر ظاهراً فيمن هم حولك من المجاورين بالرغم من السنين العديدة التي قضوها في هذا البلد، وبالرغم من الامتزاج والاختلاط المباشر فإنك تجد أكثرهم محافظاً على زي بلاده فلو أردت أن تؤلف من الحجاز بالأخص مكة والمدينة ـ معرضاً للأزياء لتمكنت. والأمر في جوهر حقيقته لم يتعد إشباع تهمة العادة التي إذا سيطرت على النفوس تصبح لها الكلمة الأولى.
إن توحيد الزيّ في هذا العصر اصبح من ضروريات الحياة للشعوب، وهو مظهر من مظاهر قوتها، وشعار مقدس لقوميتها، والأمة العربية السعودية أمة من الأمم وشعب من الشعوب، فهي مع قوتها ومناعتها فاقدة توحيد الزي، فلكل مدينة من مدنها زي خاص بل لكل مدينة من مدنها أزياء مختلفة، وقف في أي شارع يصادفك ثم استعرض المارة فلا تلبث أن ترى أزياء مختلفة متنوّعة، وكلهم عرب سعوديون، الحقيقة المرة أن مشكلة الزي في بلادنا من أعقد المشاكل، وإن توحيدها من أهم الأشياء التي يجب أن نعتني بها لأنها مظهر من مظاهر قوتنا ووحدتنا وقوميتنا، وإن بقاء هذه المشكلة معلّقة يزيدها تعقيداً ويزيدنا تنوّعاً أن بقاءنا مطلقي العنان كل ينتخب الذي يرغبه فيرتد سيجعل اتجاهنا في هذه الحياة اتجاهاً مشوّهاً مضطرباً ومتنوعاً مختلفاً.
إن الجهة التي تسيطر على مراحل مشكلة الأزياء ـ مديرية المعارف العامة الموقرة إذ حل هذه المشكلة لا يكون إلا عن طريق المدارس بتوحيد زي أبنائها من جهة وببث فكرة حب توحيد الزي وضرورته للأمم والشعوب بين التلامذة واستعدادهم لقبول ذلك أكثر من غيرهم من جهة أخرى وإدارة المعارف الموقرة هي الهيئة التي تسيطر على المدارس وهي الهيئة التي بيدها وحدها حل هذه المشكلة ولنا في حكمة مديرها الحازم وثاقب فكره أمل كبير في السعي لحل هذه المشكلة وانتقاء الزي الذي يتلاءم مع حياتنا وجوِّنا وعروبتنا وماليتنا.
أنا أطالب بتوحيد زينا لأنه ضروري لحياتنا وقوميتنا، ولكننا لا نريد إلا أزياء عربية لا تخرج بنا عن عروبتنا التي هي أعز الأشياء علينا والتي دونها نموت.
إنا نطالب بتوحيد زينا لأنه مظهر من مظاهر وحدتنا ولكننا لا نريد إلا زياً يتلاءم مع كياننا ولا نعجز دونه ماليتنا. أنا أطالب بتوحيد زينا لأنه مظهر من مظاهر قوميتنا ولكننا لا نريد إلا زياً يتلاءم مع جو بلادنا ولا يتنافى مع حياة العصر الحاضر.
نريد زياً يكون في مستطاع كل واحد منا تناوله. نريد توحيد الزي، ونريد من مديرية المعارف العامة الموقرة العمل لحل مشكلته، والتي تركها دون حل يزيدها.. تعقيداً ويزيدنا تنوعاً واختلافاً.
إن توحيد الزي من مظاهر حياة الشعوب، وإن شعبنا من الشعوب التي يجب أن يكون لها من مظاهر الحياة ما لغيرها.
إن توحيد الزي من أهم الأشياء التي يجب أن نوليها عنايتنا وأن نسعى سعياً حثيثاً لحل مشكلتها إذا كنا نريد السعي لتوحيد مظهرنا، فتوحيد الزي دليل على مظهر الحياة، وإن الواجب يقضي على جهات الاختصاص أن تنظر في هذه المشكلة فتحلها عاجلاً غير آجل بشكل يتلاءم مع عروبتنا وقوميتنا وديننا وجوِّ بلادنا وماليتنا، إن بقاء أزيائنا بالشكل الحاضر مجموعة أزياء مختلفة لأمم مختلفة ـ جناية وخطر يجب أن يزولا ويجب أن يوضع حد لهما.
ويجب على الجهات المسؤولة أن تنظر في الموضوع من جميع جهاته وتعمل ما فيه الخير والمصلحة إذا أردنا مجاراة أديبنا من أن نتكلم اللغة العربية الصحيحة أولاً ثم نأتي إلى الزي إذا أردنا النزول على هذا الرأي فمعناه أنه يجب أن تبقى أزياؤنا مجموعة أزياء مختلفة على وضعها الحاضر مئات السنين حتى نقضي على الأمية ونتكلم باللغة العربية إذ إن التكلم بالفصحى لا يكون اليوم إلا بالتعليم الراقي جدًّا وأنى لنا ذلك والأمية في بلادنا بنسبة خمسة وتسعين في المائة، إن فكرة تعميم التكلّم باللغة العربية الفصحى في وسط كوسطنا فكرة صعبة، وقد فشل الذين حاولوا تطبيقها في الأوساط التعليمية فضلاً عن الأوساط الجاهلة فنرجو من حضرة الأديب أن يفكر ويقدر ثم يقارن بين النظرتين أيهما الطفرة، ونريد أن يفهم أديبنا أن ليس معنى مطالبتنا بتوحيد الزي عدم مطالبتنا بتجميل الشوارع وتحسينها وتجميلها وإنما لهذا جهات اختصاص كما لتوحيد الزي جهات اختصاص أخرى وليس معنى مطالبتنا جهات اختصاص.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :495  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 27 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.