شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(126) (1)
ووصلاً لموضوع الشباب من ركن غير منظور.. فقد دعاني اليوم زميل دراسة.. وصديق عمر.. ورفيق حياة أن أتغدى معه في فيللته الجديدة لما يستكمل فرشها وتأثيثها للمسات الفنية الأخيرة من ربة البيت صاحبة الذوق المشهور لها به..
وكان حديثنا قبل تناول الوجبة الشهية.. أنفاساً متقطعة كالبخار المتصاعد من بعض الأطباق لا هو بالحبل الممدود.. ولا باللهاث المتطوع.. ولكن ما إن امتلأت أجوافنا.. واستقرت قعدتنا في جلسة المتمكن شرعاً حتى انتظم الحديث متصلاً.. وذا موضوع مفهوم.. وإن ورد في إيمائه المستحي وكأنه ضرب من ضروب الأدب الرمزي الحديث.. وحتى قال:
لقد جابهني أحدهم منذ أمد غير طويل عما قالته جماعة من الشباب الولوع بأن يجد ذاته في السطح حتى قبل أن يكمل من صعود الدرجات بعض ما يثبت وجوده في الدار.. عن شأن جماعة منا نحن الكهول أو الشيوخ صادفتنا في آخر المطاف من رحلة العمر ريح طيبة رخاء ذات خير وبركة.. ناقمة أبداً علينا وعلى الحياة الحاضرة أسلوبها لا يتبدل.. ولا يتغير.. بالنسبة لنا.. حتى لكأنما ولدنا.. في نظرهم ـ هكذا ـ فيما نحن فيه.
ولا أدري لم تطاول أحد شياطينهم فخصني خاصة بالحجارة.. وكأنني أحد ثلاثة من زملائه المفروض علينا ـ كمسلمين.. أن نحصيهم تأدية لركن من أركان تلك الفريضة؟! ولست أدري ما هو تعليلك للأمر باعتبارك منتمياً في وضعية حياتك المادية للصف المقابل.. وعفواً في هذا التعبير يجبرني عليه التحديد والتقنين..
فتناولت منه طرف الحبل بنفس يتجاذبها عامل الأمانة في الإجابة بعيدة الغور في أسبابها التعليلية.. وعامل الدفاع بصدق عن النفس فيما ينطوي عليه مضمون البحث بداية ونهاية لأقول:
إن من الحق المجرد والعدالة لذاتها أن نعطي لشاب يريد أن يحكم على مركز صنم منصوب بكامل بذته الدنيوية أمام عينيه هكذا ـ وكما هو.. منذ أن فتح عينيه على الوجود.. دون أن يعلم شيئاً ولو يسيراً عن ماضيه.. وكيف كان في أمسه.. يدب على قدميه.. مثله اليوم.. فوق الحجارة والحصباء.. وبين حرارة الرمضاء.. وشواظ الهجير اليومي.. فلقد سمعت أذناي كثيراً من أمثالك ممن أومأت إليهم لا يتحدثون إلا بلهجة وأسلوب ما هم فيه ـ عما هم فيه.. كأنما هم وحدهم ذوو الأصالة والخبرة في مجال الفوز بفرص الحياة الزاهية..
علماً بأن العرف الذي في حياتنا العصرية ترد في تراجم وسير المرموقين بحرص على أن يصف الواحد منهم عمله في الماضي بكل ما له وما عليه لتسايره بشراً مكافحاً في نهاره وفي ليله ـ عاملاً ـ أو خادماً ـ و بائعاً متجولاً.. أو متكسباً بسيطاً أو ما شئت من صنوف الكفاح يبدأ السلم من أول درجة فيه حتى النهاية بروح طموح.. وبعزم لا يهدأ ـ أو يفتر لينال في النهاية ما رسم وقرر.. غير جاهد ما لتوفيق الله كما يسميه ـ أو حسن الحظ ـ كما يسمونه.
ولعلمك فإن ذلك هو ما نطلق عليه في العربية اسم العصامية نردد الإشارة بها نثراً وشعراً وأمثالاً خرقت طبول آذاننا من الصفر في قولنا:
نفس عصام سودت عصاماً
و: إن الفتى من يقول: ها أنذا..
و: لا تقل أصلي وفصلي أبداً
إنما أصل الفتى ما قد حصل..
ثم إن هناك شيئاً أحب أن أضغط عليه بصورة خاصة.. وهو أنه ليس الذنب في هذا الذي تقول وأجيبك عليه راجعاً للمذاهب الطارئة تثير الشحناء ـ وتعلي سحب الغبار بقدر ما هو راجع في ظني إلى الجهل بحقيقة منشأ.. وكد.. وكدح.. وماضي أولئك الذين عنيناهم.. وأنت منهم.. وأنهم لم يولدوا بشيء.. أو ببعضه من هذا الذي عم فيه.. جهلاً يذكرنا بالقول البلدي الشائع:
اللي يجهلك.. ينكرك!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :615  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 165 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الأربعون

[( شعر ): 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج