شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(125) (1)
وقال لي ضحى هذا اليوم.. وهو يمضغ الكلمات والحروف على جنب.. في تؤدة وتكاسل.. ولكن بصوت له فرقعة مسموعة.. حتى لقد هممت فعلاً أن أفتح فمه لأتأكد من وجود قطعة اللبان الشحري أو اللامي.. بين فكيه.. قال:
إنني أتهم أدباءنا وشعراءنا الشيوخ منهم والكهول على حد سواء.. فهم بماضيهم وبحاضرهم أصل الداء في توريثنا صفة النفاق الأدبي.. طبيعة غالبة عليهم وعلينا فيما يكتبون ونكتب ـ وفيما يشعرون ونشعر.. فضلاً عن إصرارهم على إثبات الوجود اليومي بما لا يزالون يرددونه هنا.. وهناك من تكرار باهت لشخصياتهم الخابية..
ثم إنهم.. وهذا أخطر ما في اتهاماته.. يحولون بين الشباب المثقف وبين إبراز ذاتيته الجديدة بحكم استيلائهم بالسمعة وبالتسامع على مراكز القوة ـ كما يقولون في التعبير السياسي الجديد.. سواء في الصحف.. أو في المحاضرات بالأندية.. أو في مجالات الإعلام..
وإنني أحتكم إلى ضميرك في الأمر.. وأتعشم أن تدلني على ما يجب على الشباب المثقف أن يفعله لكي يؤدي دوره الواجب عليه.. فإنني كشاب أديب مكسوف من خلو الميادين ـ ولا أقول الميدان.. من الوجود الشاب!..
فاستلقيت على قفاي.. متكئاً على وسادة غليظة أسطوانية الشكل من تلك الوسائد الشعبية التي نطلق عليها اسم.. المدفع!.. لأبدو معها كالطوبجي الذي نفدت ذخيرته من القنابل فاكتفى باحتضان أداة إطلاقها للإرهاب.. وللتخويف.. وقلت:
لقد مللت شخصياً من هذا العلك نتحدث به عن الأدباء ـ وعن الوجود الأدبي بدلاً من ممارسة الإنتاج يتحدث عن نفسه.. ولو أن للشباب قوة ذاتية كما ذكرت لما احتاج أن يسأل أين طريق الباب؟.. وأغلظت له القول لا يصح أن ينشر هنا وكأنه الغسيل المنشور على أحد الأسطحة تمتلئ به البيوت البلدية في بعض حوارينا القديمة..
واستطردت أنني مؤمن تمام الإيمان بأن أهم أدوار الشباب المثقف في هذه المرحلة من حياتنا الفكرية هو دور الترجمة.. سبيلاً صحيحاً لتلقيح الأذهان.. ولبث الحرار شرارات متقدة.. شأننا في ذلك شأن كل أمة سبقتنا في مراحل البناء الفكري وتطوره الحديث الفعّال..
وأضفت.. هل تستطيع أن تدلني.. لأجد شباباً مثقفاً على مستوى الكفاءة للترجمة من اللغات الأجنبية للغتنا العربية؟ وأنا أعلم ـ بالسماع وبالتسامع أيضاً.. أنهم في حالة ضعف أو عجز عن المقدرة بالنطق السليم باللسانين..
وهنا كف عن مضغ الكلمات والحروف على جنب.. وقال:
أوكيه!..
داكور!!
استبينا!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :559  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 164 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.