شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(117) (1)
وسألني اليوم شاب يتحرى أن يكون موضع الرضا عند الله ـ وعند الناس ـ وعند نفسه.. وتلك في ظن الكثيرين المستحيلات الثلاثة.. أفتوا قديماً بعدم وجودها ـ أو ندوتها ـ وسموها: الغول.. والعنقاء.. والخل الوفي!
سألني ـ لماذا لا يستطيع هو وبعض زملائه أن يحددوا صورة معينة وثابتة لكاتب اجتماعي ـ ولنفرض أنه يعنيني حتى لا يأخذها غيري على نفسه.. تتلوّن صورته الذاتية في كتاباته.. وكأنه إحدى عارضات الأزياء تبدو ساعة وقد ارتدت من الملابس ما لا يسمح للعين أن ترى منها إلا ما أباح الشرع رؤيته لطالب الحلال.. وجهها وكفيها.. ثم تظهر ساعة أخرى مجردة تقريباً.. وكأنها أمناً الأولى لا تستر موضع الحشمة منها إلا ورقة التوت.. في مكانه.
وإنه.. لذلك.. ليؤمن هو وبعض زملائه ببعض ما يقول الكاتب إيماناً يبلغ في صدقه وفي تسليمه المطلق درجة إيمان العجائز ـ وأنه كذب ليكفر ببعض ما يقوله الكاتب كفراً لا يسمح بالجدل.. ولا يقبل التوبة بما يعتبره هو وبعض زملائه كل الإثم.. وذروة المعصية..
ومع ذلك فإنه ومن معه.. يريدون أن يبقى لهم الكاتب في زي واحد.. حتى يستطيعوا أن يعيشوا على الإيمان به.. حباً يرون أنه الأليق بهم وبكاتبهم.. فهم.. عاطفياً.. ينفرون النفور كله من حالة الكفر به ـ يرغمهم عليه إرغاماً لا معدى عنه.. ولا محيص..
ولقد تحيرت في الإجابة.. لا يمكن إلا أن تكون شرحاً يطول بالخروج من باب ـ للدخول في غيره.. في دورات متصلة يصل معها لف الدماغ إلى حالة الإغماء الشديد يضمن معها التسليم لا يملك المغمى عليه له دفعاً.. بحكم ضعف المقاومة المضمون.. كما تبينت أن صاحبنا يريدها.. أي الإجابة.. على الطريقة الحسابية لا تقبل الخطأ جمعاً مثل 1 + 1 = 2 ـ أو الغلط طرحاً مثل 2 ـ 2 = صفر!!
ولذلك فقد سألته.. هل تعرف شيئاً عن مذهب.. التقية.. وذلك عن طريق القراءة له.. أو السماع عنه.. مذهباً يشبه الماء في تلونه بلون الإناء؟ فأومأ بالنفي..
قلت.. هل ورد عليك تعبير.. استلاف الشعور.. يعمد إليه الفنان أحياناً ليصف حالة غيره لا تنطبق على حالته هو بالذات إطلاقاً.. وإنما تجبره عليها نزعة فنية ليعيشها إحساساً يغني عن التجربة ذاتها فيصورها أصلاً تجعله الموهبة طبق الأصل.. فأومأ بالنفي..
قلت.. وقد بدأت أضيق بهذه البكارة النفسية والذهنية.. وهلا سمعت يوماً عن حكاية العميان الثلاثة أو الأربعة الذين وصف كل منهم الفيل عن طريق لمس جزء منه.. فكان صادقاً في وصفه بنسبة الجزء الملموس منه.. ويرمزون بهذه الأسطورة إلى الحقيقة.. شيوعاً وتناثر أطراف.. فأومأ كذلك بالنفي..
وهنا أدركت أنه.. غشيم.. في كار الحياة الأكبر.. فحرصت أن أمسك عن الشرح.. واكتفيت بأن ميلت عليه هامساً.. إذاً فإن عليك وعلى بعض زملائك أن تتعاملوا مع كاتبكم هذا.. إن أحببتم دوام الصلة به.. كما تتعاملون ونتعامل مع الحياة بموجب المثل البلدي القائل:
خد ما صفى ـ واترك ما تعكر!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :513  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 156 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج