شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(97) (1)
صحوت اليوم.. وعلى لساني لعلعة لا أدري كنهها هذا البيت:
ما أقصر العمر حتى
نضيعه في النضال!..
وقد ورد على لساني منغماً جاهزاً.. وحس طبق الأصل من صوت محمد عبد الوهاب يمر في طبلة أذني.. دون أن يركبني الغرور فأخلط بينه وبين اللعلعة الصادرة من حلقي والمختلطة بكحكحة تجبرني على تقطيع كلمات البيت بطريقة مستفعلن فعلن.. في رزانة ـ وتعقل ـ واستسلام لبواعث السعال الصباحي اليومي المألوف..
وبعد أن استنفدت الغرض من ممارسة التطريب.. والاستفعال العروضي بالكلمات.. تاقت نفسي الأمارة بالسوء الأدبي والفكري أن أستعرض معنى البيت.. ومضمونه.. ومغزاه.. فخرجت حالاً بأن الشاعر ـ قبل المغنى ـ يحث على البطالة الذهنية.. ويحرض على قتل الحيوية مذهباً.. أو هدفاً.. أو سعياً لغاية عسيرة المنال في هذه الحياة الدنيا.. بحجة سفسطائية وحيدة أبويها.. ألا وهي أن العمر قصير فلا داعي لبعزقته في أي شأن يتطلب جهداً.. أو معاناة يبلغ أحدهم حد النضال في أية درجة من درجاته!..
وبصورة أخرى.. فالشاعر يريد من الحياة أن تكون تكية مضمونة الجراية الميسورة.. وخلو البال.. والتمطرق على إحدى دكاكها وولولة الساقين.. ومضغ موضوعها الوجودي.. بطريقة مدمني التامبول.. في الماضي ورقاً يعلك.. وريقاً يتحلب.. وأثر حمرة تشبه الدم على مجاري الشفتين..
وحمى دمي على منوال دنكشوت سرفانتس.. وتخيلت بطريقة الأب عزيز أن الشاعر نفسه قد تقمص صورة عبد الوهاب وأخذ يكايدني بترديد البيت لشيوعه على كل لسان.. فصرخت في وجهه بنفس الجمل التقليدية التي يرددها ممثلو المسرحيات الإذاعية:
أغرب عن وجهي أيها الجبان الرعديد.. إن الحياة تخلو من النضال. أياً كان مستواه.. ليست إلا مرعى سائمة من أمثالك..
إن الحياة بدون هدف تعارك من أجل الوصول إليه ليست إلا هندولاً من هناديل الأطفال.. لم يدخلوا باب الوجود الحقيقي بعد.. ليعرفوا ما معنى الوجود..
وهكذا مضيت في سكب المرازيب إياها على هذا الشاعر الكسول.. أرفع يداً.. وأشرع أخرى..حتى إذا دخلت شقيقتي بتبسي الشاي ووقع على الأرض بفضل اليد اليمنى.. وقد صرخت من هول المفاجأة.. وأعتذرت إليها.. زالت عن عيني صورة أخينا صاحب هذا البيت العتيد.. يريد من سواه أن يأوي مثله إلى ركن من أركان تكية الحياة.. عازفاً عاجزاً عن أداء أي نضال!..
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :558  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 136 من 168
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.