شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 48 ـ (1)
وفي مجال يجمع بين المنظر والمخبر.. وبين طول اللسان أداة إرهاب.. وبين أثر المعذرة والعتاب عن خطأ وقع.. وشر دفع به.. ثم التفكه دون رصيد أو حساب.. فإن حكايتنا اليوم عن أحد أولئك البوهيميين لا يملكون إلا أن يكونوا حيث وضعتهم طبيعتهم.. وسلوكهم الاجتماعي في الحياة..
وصاحبنا فيها هو الشاعر محمد بن حازم بن عمرو الباهلي.. ويكنى أبا جعفر.. وهو من شعراء الدولة العباسية.. شاعر مطبوع.. إلا أنه كان كثير الهجاء للناس.. وكان ساقط الهمة إلا أنه مثقل جداً.. يرضيه اليسير.. ولا يتصدى لمدح ولا لطلب.. والحكاية تقول:
كان بالأهواز رجل يعرف بأبي ذؤيب من التتار وكان مقصد الشعراء وأهل الأدب.. فقصده محمد بن حازم.. فدخل عليه يوماً وعليه ثياب قديمة.. وهيئة رثة.. ولم يعرفه نفسه.. وصادفهم بالمجلس يتكلمون في شيء من معاني الشعر.. وأبو ذؤيب يتكلم محققاً بالعلم بذلك..
فسأله محمد بن حازم عن بيت من شعر الطرماح.. جهله.. فردّ عليه أبو ذؤيب جواباً محالاً..كالمستصغر له وازدراه لما تدل عليه هيئته.. فلما خرج قيل لأبي ذؤيب ماذا صنعت بنفسك.. وفتحت عليها من الشر؟.. أتدري لمن تعرضت؟.. قال ومن ذاك؟.. قيل محمد بن حازم الباهلي.. أخبث الناس لساناً وأهجاهم..
فما وسع أبا ذؤيب إلا أن وثب حافياً حتى لحق ابن حازم.. فحلف له أنه لم يعرفه.. واستقاله.. فأقاله.. ولكنه حلف أنه لا يقبل له رفداً.. على أنه كذلك لا يذكره بسوء أبداً.. وكتب إليه بعد أن افترقا:
أخطأ.. ورد على غير جوابي
وزرى علي.. وقال غير صواب
وسكت من عجب لذاك.. فزادني
فيما كرهت بظنه المرتاب
وقضى علي بظاهر من كسوة
لم يدر ما اشتملت عليه ثيابي
من عفة وتكرّم.. وتحمل
وتجلد لمصيبة.. وعقاب
وإذا الزمان جنى علي وجدتني
عوداً لبعض صفائح الأقتاب
ولئن سألت.. ليخبرنك عالم
إني بحيث أحب من آدابي
وإذا نبا بي منزل خليته
قفراً.. مجال ثعالب وذئاب
وأكون مشترك الغنى مبتذلا
فإذا افتقرت قعدت عن أصحابي..
لكنه رجعت عليه ندامة
لما نسبت.. وخاف مض عتابي
فأقلته لما أقر بذنبه
ليس الكريم على الكريم بنابي!
وللفنية في الموضوع.. ولما عرف عن صاحبنا.. فقد أغرانا بعض الأحباب بالتعقيب على قصيدته نظراً لعدم قدرة المرحوم على التعقيب عليها.. فقلنا محلمشين إياها في الآتي:
أخطأ.. ورد على غير جوابي
وزرى علي.. وقال غير صواب
فمسحتها في ذقن أقرب جالس
في جنب حضرة حضرتي.. وجنابي
وبلعتها بلع المريض دواءه
من غير ما أكل.. ودون شراب
لكنني بالرغم من ذا كله
لا زلت محتفظاً بذا الجلباب
فأنا وحقك كالفقيه وكمه
وفم الفقيه بأكلة الأحباب
فإذا استدار العصر بعد زماننا
للعصر.. في زمن الفضا الجواب
فلسوف تعرف للرجال حقوقها
مهما بدوا في بزة.. وثياب
في بنطلون بالزيوت ملطخ
أو غترة مدهونة بهباب
فالعلم.. يحيا العلم.. في تطبيقه
بالنحو.. أو بالصرف والإعراب
ليس المحرك للمحرك.. طائراً
مثل المقشر حبة العناب
فتفقهوا.. وتعلموا.. وتشطروا
فالعصر عصر العلم.. لا الأحساب
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :803  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 101 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

محمد عبد الصمد فدا

[سابق عصره: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج