شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 46 ـ (1)
والحكاية اليوم تكملة لحكاية ماضية تتصل بحرب البسوس وتروي مآل القاتل يأخذ بثأر قتيله أقرب الناس إليه نخوة جاهلية قضى عليها الإسلام ديناً سمحاً رب القصاص وطريقه.. كما تصور العقلية العربية للنساء الفضليات وحالة فزعهن الدائم من دوام سفك الدماء.. بسبب قتل جر إلى ثأر فقتل سلسلة لا تنتهي أو تنتهي لحرب لا يعلم مداها إلا الله نشأ عن سبب واهٍ أو بسيط.. سنة بشرية لا تزال طبعاً للإنسان.. تحذرنا مغبتها النتائج المروعة للمجازر البشرية.
وتمهيداً لها. يقال إنه لما قتل جساس بن مرة كليب بن ربيعة وكانت جليلة بنت مرة أخت جساس تحت كليب اجتمع نساء الحي للمأتم.. فقلن لأخت كليب رحلي جليلة عن مأتمك فإن قيامها فيه شماتة وعار علينا عند العرب فقالت لها: يا هذه.. اخرجي عن مأتمنا فأنت أخت واترنا وشقيقة قاتلنا.. فخرجت وهي تجر أعطافها.. فلقيها أبو هامرة فقال لها: ما وراءك يا جليلة كليب.. رحلة المعتدي وفراق الشامت.. ويل حليل.. وقتل أخ عن قليل. وبين ذين غرس الأحقاد.. وتفتت الأكباد.. فقال لها أو يكف ذلك كرم الصفح وإغلاء الديات؟ فقالت جليلة: أمنية مخدوع ورب الكعبة! أبا لبدن تدع لك تغلب دم ربها!.. ولما رحلت جليلة قالت أخت كليب.. رحلة المعتدي وفراق الشامت.. دين غدا لآل مرة من الكرة بعد الكرة.. فبلغ قولها جليلة فقالت.. وكيف تشمت الحرة بهتك سترها وترقب وترها.
أما الحكاية ذاتها في غلبة الوراثة. ومنطق الدم.. وعنجهية الجاهلية الأولى.. وفعل الإثارة.. فتقول:
يحكى أنه لما رجعت جليلة إلى أهلها.. ووقعت الحرب فكان من الفريقين بكر وتغلب ما كان ثم صاروا إلى الموادعة بعدما كادت القبيلتان تتفانيان.. وكانت جليلة حاملاً من زوجها كليب الذي قتله أخوها جساس فولدت في حينه غلاماً سمته الهجرس ورباه خاله جساس قاتل أبيه فكان لا يعرف أباً غيره فلما كبر الهجرس زوَّجه جساس ابنته.. وفي يوم من الأيام وقع بين الهجرس وبين رجل من بني بكر بن وائل كلام فقال له البكري: ما أنت بمنته حتى نلحقك بأبيك. فأمسك عنه ودخل إلى أمه كئيباً فسألته عما به فأخبرها الخبر، فلما أوى إلى فراشه ونام إلى جنب امرأته ابنة خاله تنفس وزفر زفرة أفزعت الزوجة فقامت فزعة حتى دخلت على أبيها فقصت عليه حالة الهجرس زوجها.. قال جساس.. ثائر ورب الكعبة.
وبات جساس قلقاً من ذلك حتى أصبح.. فأرسل إلى الهجرس فأتاه.. فقال له: إنما أنت ولدي ومني بالمكان الذي قد علمت.. وقد زوجتك ابنتي وأنت معي.. وقد كانت الحرب في أبيك زماناً طويلاً حتى كدنا نتفانى.. وقد اصطلحنا وتحاجزنا.. وإنني أرى أن تدخل فيما دخل فيه الناس من الصلح.. وأن تنطلق حتى نأخذ عليك مثل ما أخذ علينا وعلى قومنا. فقال الهجرس: أنا فاعل.. ولكن مثلي لا يأتي قومه إلا بلأمته وفرسه.. فحمله جساس على فرس وأعطاه لأمة ودرعاً.. فخرجا حتى أتيا جماعة من قومهما.. فقص عليهم جساس ما كانوا فيه من البلاء وما صاروا إليه من العافية. ثم قال: وهذا الفتى ابن أختي قد جاء ليدخل فيما دخلتم فيه ويعقد ما عقدتم.. فلما قربوا الدم كعادتهم وقاموا إلى العقد أخذ الهجرس بوسط رمحه. ثم قال: وفرسي وأذنيه. ورمحي ونصليه.. وسيفي وغراريه لا يترك الرجل قاتل أبيه.. وهو ينظر إليه.. ثم طعن خاله جساساً فقتله.. ثم لحق بقومه.. فكان جساس آخر قتيل في بكر بن وائل!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :844  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 99 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.