شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 31 ـ (1)
من شيم الرجال أقوياء العقيدة والخلق ميزة الاعتراف بالخطأ والإقرار بالذنب طبيعة نفوس لا تطيق المداورة ولا المداراة في تبرير عمل صدر أو حادث ارتكب.. ومما يزيد في قيمة هذا الاعتراف بالخطأ أو الإقرار بالذنب أن يأتي في مستواه العالي يتناسب وجلال موقفه الخطير فصاحة تعبير وبيان أسلوب يقعان من نفس العظيم المسؤول موقع القبول والرضا والتقدير، يجزي صاحبه بما هو أهل له سماحة نفس ورقة جانب وبصراً ثاقباً بطبيعة الحوادث والأنفس والأهواء. والحكاية في هذا المدار صورة جانبية لما مر وفي نطاقه العالي من المقر بذنبه ومن مالك حق العفو عنه.. تقول مروية عن أحمد بن داود القاضي:
حكى أحمد أنه قال: ما رأيت رجلاً عرض على الموت فلم يكترث به مثل تميم بن جميل الخارجي كان قد خرج على المعتصم ورأيته قد جيء به أسيراً فأدخل عليه في يوم موكب وقد جلس للناس مجلساً عاماً ودعا بالسيف والنطع، فلما مثل تميم بين يديه نظر المعتصم فأعجبه شكله وقده ورؤيته إياه يمضي إلى الموت غير مكترث به فأطال الفكرة فيه ثم استاء لينظر في عقله وبلاغته فقال يا تميم إن كان لك عذر فأت به.. فقال أما إذا أذن أمير المؤمنين جبر الله به صدع الدين ولم به شعث المسلمين وأخمد شهاب الباطل وأنار سبيل الحق فالذنوب يا أمير المؤمنين تخرس الألسنة وتصدع الأفئدة، وأيم الله لقد عظمت الجريمة وانقطعت الحجة وساء الظن ولم يبق إلا العفو وهو الأليق بشيمتك الطاهرة ثم أنشد:
أرى الموت بين السيف والنطع كامناً
يلاحقني من حيث لا أتلفَّت
وأكثر ظني أنك اليوم قاتلي
وأي امرئ مما قضى اللَّه يفلت
ومن ذا الذي يأتي بعذر وحجة
وسيف المنايا بين عينيه مصلت
وما جزعي من أن أموت وأنني
لأعلم أن الموت شيء موقَّت
ولكن خلفي صبية قد تركتهم
وأكبادهم من حسرة تتلفَّت
كأني أراهم حين أنعى إليهمو
وقد لطموا تلك الخدود وصوتوا
وإن عشت عاشوا سالمين بغبطة
أذود الردى عنهم وإن مت موتوا
وكم قائل لا يبعد اللَّه داره
وآخر جذلان يسر ويشمت
قال فتأثر المعتصم وقال إن من البيان لسحراً ثم قال كاد والله يا تميم أن يسبق السيف العذل وقد وهبتك لله ولصبيتك وأعطاه خمسين ألف درهم.
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :810  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 84 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

سوانح وآراء

[في الأدب والأدباء: 1995]

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج