فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
الرئيسية > كتب "مكة المكرمة عاصمة الثقافة الإسلامية 1426هـ" > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ أحمد قنديل > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ أحمد قنديل - الجزء الخامس - النثر > دهاليز وحكايات > - 27 -
ـ 27 ـ (1) وعندما اكتملت حلقة جماعة السهرة.. ومنا المصر على نظرية العبرة بالمخبر لا بالمنظر.. والمتمسك بمبدأ تقمش بالقماش.. التفت صاحبنا إلى شيخ الجماعة وراوي قصة ابن كثير وجاره رث الثياب وقال: يحكي أن فقيهاً من الفقهاء على تعبيرنا.. ومقرئاً من القرّاء كما يجب أن أقول ذهب إلى وليمة مدعواً فيها بصفته قارئاً.. وكذلك بصفته ذا قرابة بعيدة جداً بالداعي صاحب الدار.. وكان الفقيه بخيلاً.. أكولاً.. بوهيمياً يلبس ما تأتَّى له من الثياب معينة له على الاقتصاد في المصرف ومحققة له مزاجه في استعمال السهل التناول من الملابس.. ولهذا فعندما أقبل على البرحة أمام البيت يقف بها المرحبون كالعادة القديمة نيابة عن صاحب الدار لانشغاله في الداخل بما هو أهم.. ولم يكونوا يعرفون الفقيه شخصياً استنكروا حضور مثل هذا الشخص في زيه المزري.. وبثيابه الرثة.. وأيقنوا أنه طفيلي أو ثقيل أو سائل.. فمنعوه من الدخول إلى البيت وفيه من أصحاب الوجاهة والمكانة والمراكز من فيه.. مشيرين له بما قد ساورهم فيه من رأي من طرف خفي.. وبتلميح بلغ آخر الأمر حد التصريح بعدم السماح بمثله بدخول مثل هذه الدار.. فلم يسعه إلا العودة من حيث أتى.. وكان ظريفاً في أفكاره.. وفي مداعباته.. فذهب من توه إلى الحلاق فأزال له فضول شعر رأسه وشاربه وشذب له لحيته.. فذهب بعد ذلك إلى الحمام مزيلاً ما كان عالقاً بجسده من وسخ ووضر.. ثم عمد إلى بدلة فخمة جداً جاءته ذات مرة هدية فاخرة من عظيم من سراة البلد الأثرياء فارتداها على أكمل وجه وأحسن زينة.. وبعد أن تهيأ.. وتطيب برائحة زكية يسبقه شذاها بمسافة تعرب عن قيمة ومقدار المتطيب بها والمسرف فيها.. ذهب إلى دار الوليمة إياها.. فما إن أقبل حيث جاء من قبل على رأس الزقاق حتى خف إليه من البرحة مستقبلو المدعوين.. وكلهم يحفه ويبجله ويحتفي به ويحييه بمختلف التحايا الكريمة اللائقة بمثله.. حتى دخل البيت ليستقر به المقام في صدر المجلس الذي أصر الموجودون به أن يكون فيه.. وحين حان وقت الطعام كان أول المدعوين إليه والجالسين على رأس المائدة.. ولعدم ارتدائه عادة مثل هذه البدلة ولألفته السابقة على تناول الطعام بطريقته الحرة الخاصة.. فقد أخذ كم ثوبه يسقط في كل صحن يتناول منه طعامه.. فيعلق به شيء من الدهن والزفر.. حتى استغرب الآكلون. * * *   [1] المصدر: جريدة عكاظ 11/10/1387هـ ـ 11/1/1968م.
طباعة تعليق  القراءات :1090  التعليقات :0
صفحة 80 من 113

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج