شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 23 ـ (1)
أعينوا ذوي المروءات على مروءاتهم الكريمة.. وبالأخص في أوقات محنتهم.. وزمن شدتهم.. حين يعجزون عن الوفاء بعادة شريفة..
هذا مبدأ يقرِّره النبل.. ويقدره حق قدره كذلك ذوو المروءات العالية دون حض.. أو حث.. أو تذكير.. ولقد تلقفه الوليد بن عقبة وإلى الكوفة في سبيل استمرار عادة سابقة لكريم من كرام العرب وأجوادهم.. هو لبيد بن ربيعة بن مالك.. عادة استمسك بها طبيعة في النفس.. وسرياناً مع الدم.. والمزاج.
ولبيد هذا.. هو أحد شعراء الجاهلية المعدودين فيها والمخضرمين ممن أدرك الإسلام.. ويعد من أشرف الشعراء المجيدين الفرسان القرّاء والمعمرين.. يقال إنه عمر مائة وخمساً وأربعين سنة.. منها تسعون سنة في الجاهلية.. وبقيتها في الإسلام..
وكان يقال لأبيه.. ربيع المعترين.. لجوده ولسخائه ـ وعمه أبو براء ـ عامر بن مالك ملاعب الأسنة.. لقول أوس بن حجر فيه:
فلاعب أطراف الأسنة عامر
فراح له خط الكتيبة أجمع
قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني كلاب بعد وفاة أخيه أربد وعامر بن الطفيل.. فأسلم وهاجر وحسن إسلامه.. ونزل الكوفة أيام عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.. ومات بها هناك في آخر خلافة معاوية..
أليس في مائة قد عاشها رجل
وفي تكامل عشر بعدها.. عمر؟
فلما جاوزها.. قال:
ولقد سئمت من الحياة وطولها
وسؤال هذا الناس.. كيف لبيد؟
ويقال.. إنه لم يقل.. في الإسلام.. إلا بيتاً واحداً.. وهو:
الحمد للَّه إذ لم يأتني أجلي
حتى لبست من الإسلام سربالا
والحكاية.. في جوهرها مثلٌ للمبدأ الطيب.. أعينوا ذوي المروءات.. وللرجل الكبير يعرف للمبدأ قيمته.. ووقته.. تقول:
كان لبيد من أجواد العرب.. وقد آلى على نفسه في الجاهلية ألا تهب صبا إلا أطعم ـ ثم كانت له جفنتان يغدو بهما ويروح كل يوم على مسجد قومه فيطعمهم فهبت الصبا يوماً.. والوليد بن عقبة على الكوفة.. فصعد الوليد المنبر فخطب الناس.. ثم قال:
.. إن أخاكم لبيد بن ربيعة قد نذر في الجاهلية ألا تهب صبا إلا أطعم.. وهذا يوم من أيامه.. وقد هبت صبا فأعينوه.. وأنا أول من يفعل.. وبعد أن نزل عن المنبر أرسل إليه بأبيات قالها:
أرى الجزار يشحذ شفرتيه
إذ هبت رياح بني عقيل
أشَمُّ الأنفِ.. أصيدُ.. عامِريُّ
طويل الباع.. كالسيف الصقيل
وفي ابن الجعفري بملفتيه
على العلات والمال القليل
بنحر الكوم إذ سحبت عليه
ذيول صبا تجاوب بالأصيل!
فلما بلغت أبياته لبيداً.. قال لابنته.. فلعمري لقد عشت برهة، وما أعيا بجواب شاعر.. فقالت ابنته:
إذا هبت رياح بني عقيل
دعونا عند هبتها الوليدا
أشم الأنف أروع عبشميا
أعان على مروءته.. لبيدا
بأمثال الهضاب.. كان ركباً
عليها من بني حام.. قعودا
أبا وهب جزاك اللَّه خيراً
نحرناها.. فأطعمنا الثريدا
فعد.. إن الكريم له معاد
وظني.. يا ابن أروى.. أن تعودا!
فقال لها أبوها.. أحسنت.. لولا أنك استطعمته.. فقالت.. إن الملوك لا يستحيا من مسألتهم.. فقال:
وأنت يا بنية.. في هذه.. أشعر!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :943  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 76 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.