شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 21 ـ (1)
بالرغم من أن الجبان لا يمكن أن يكون شجاعاً في الواقع.. إلا أنه مغرم الغرام كله.. بحكم مركب النقص.. بالتظاهر بالشجاعة والإنصاف بها.. وقصر حديثه عنها.. وعن أفعال الجرأة ورواية الحوادث الجسام التي تثبت خيالاً شجاعته فيها.. حتى يؤكد لسامعيه أبداً أنه من الشجعان حقيقة يعيشها بين الرواية.. والخيال.. والكذب..
ولذلك.. فلن تجد جباناً إلا وهو كاذب.. لأن استلاف صفة ليست له تتطلب منه.. والحالة كذلك.. الاختلاف.. والاختراع.. والكذب المساعد نفسياً على توهم وجودها فيه..
ومثلنا اليوم على ذلك أبو حية النميري.. وهو شاعر مجيد مقدم من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية.. وقد مدح الخلفاء فيهما.. وكان فصيحاً مقصداً.. راجزاً.. كما كان أهوج جباناً بخيلاً كذاباً معروفاً بذلك أجمع..
.. حدث يوماً.. أنه يخرج إلى الصحراء فيدعو الغربان فتقع حوله.. فيأخذ منها ما شاء.. فقيل له: يا أبا حية أرأيت إن أخرجناك إلى الصحراء فدعوتها فلم تأتك.. فما نصنع بك؟ قال.. إذاً فقد أبعدها الله عنا وعنكم.. فأراحنا وأراحها..
وروى مرة.. قائلاً.. عن لي ظبي يوماً فرميته.. فراغ عن سهمي فعارضه السهم.. ثم راغ فعارضه السهم.. فما زال.. والله.. يروغ الظبي ويعارضه السهم.. حتى صرعه ببعض المقابر..
وأظرف من تلك وهذه.. أنه قال يوماً.. رميت ظبية.. فلما نفذ سهمي عن القوس.. ذكرتني الظبية بحبيبتي.. فعدوت خلف السهم حتى قبضت على قذذه قبل أن يدرك الظبية..
فهو بما مر.. أبو لمعة الأصلي.. الأول!!
وكان لأبي حية النميري سيف يسميه لعاب المنية.. وليس بينه وبين الخشبة فرق.. ويحكي جار له قائلاً:
رأيته ذات ليلة حينما شعر أن لصاً دخل بيته.. فأشرفت عليه.. وقد انتفى سيفه لعاب المنية.. وهو واقف في وسط الدار يقول:
أيها المغتر بنا.. والمجترئ علينا.. بئس والله ما اخترت لنفسك.. خير قليل.. وسيف صقيل.. لعاب المنية الذي سمعت.. مشهورة ضربته.. لا تخاف نبوته.. أخرج بالعفو عنك.. قبل أن أدخل بالعقوبة عليك.. إني والله إن أدع قيساً إليك تقم لها.. وما قيسي؟.. تملأ والله الفضاء خيلاً ورجلاً.. سبحان الله.. ما أكثرها وأطيبها..
وبينما هو كذلك مستمر في تخويفه للص، وفي تهديده إياه.. وفي استرساله في اصطناع مواقف الجرأة والشجاعة إذ خرج الطارق من مخبئه.. وعندما تبينه وجده.. كلباً.. فقال:
الحمد لله الذي نجاك مني.. حين مسخك كلباً.. وكفاني حرباً!!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :889  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.