شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الدكتور عبد المحسن القحطاني ))
ثم أعطيت الكلمة لسعادة الدكتور عبد المحسن فراج القحطاني - الأستاذ بجامعة الملك عبد العزيز، وهي الكلمة الختامية - فقال:
 
- بسم الله الرحمن الرحيم..
 
- السلام عليكم - أيها الحاضرون - ورحمة الله وبركاته..
 
- كم أنا سعيد هذه الليلة أن أكون في الركب مع المحتفين بالشيخ عبد الله بن بيَّه، وأقول: إنني محظوظ هذه الليلة وهو محظوظ ثلاث مرات، لأن الله (سبحانه وتعالى) أعطاه درجة فوق العلم وهي الحكمة، ثم أعطاه التي تليها وهي الموهبة، ثم وطن نفسه - ثالثة - على اجتلاب العلم والجثي على الركب، حتى نال شهادته العالية - كما سمعتم - وهي ليست ورقة مكتوبة، وإنما شهادة مشافهة، بمثل ما كان يشافه به آخذ الحديث؛ فكان لا يكتفي بأن يقرأه في كتاب، وإنما يرحل إلى الشيخ ليستمع منه الحديث مرسلاً ومتواتراً بالرواية؛ وكنت أظن أنه لا يوجد نص شفهي سمع حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ النص القرآني، فإذا بي أكتشف أن الحديث الشريف وصل إلينا مشافهة بالرواية وليس بالكتابة؛ وهذا هو ما كان يفعله الشيخ عبد الله بن بيَّه.
- رجل أعطاه الله الحكمة والموهبة وهما نبعان من الداخل، ثم حصن نفسه بأخذ العلم؛ وكنت أعجب لهذا الرجل لأنه لا يحفظ المعلومة وإنما يحسن توظيفها، ولعل الدكتور حامد جاء على قضية أسباب الاختلاف، وكيف كان لشيخنا موقف من ذلك.
- قبل عشر سنوات خلت، كنت وكيلاً لكلية الآداب، وذهبت إلى مدير الجامعة - آنذاك - الدكتور عبد الله نصيف، وكان بشخصيته وهدوئه يطرح القضية تقرب تبعد عن الهزل ولا تلامس الجد، فينتزع منك الإجابة بأسهل ما يكون؛ فقال: إن رجلاً قادماً من موريتانيا سنتعاقد معه؛ قلت: من هو؟ قال: الشيخ عبد الله بن بيَّه؛ وكان أول مرة أسمَع بهذا الاسم؛ أخبرني عن سيرته، فقال: كان وزيراً؛ فقلت ببساطتي وصراحتي: ألا تعتقد يا دكتور عبد الله أن مكوث الرجل في دهاليز الإدارة وفي الأوراق الرسمية، تبعده عن فصاحة الكتاب والتعمق في بطون الكتب؟ وتذكرت حماقتي وقول الشاعر:
لا تمدحنَّ امرأ حتى تجربه
ولا تذمنَّهُ من غير تَجريب
 
- ولكن لا أريد أن أمدح أو أذم - آنذاك - وإنما أردت أن نختار لأبنائنا الرجل الكفء، وعدو الإنسان الجهل بالشيء فكنت أجهل ذلك.
 
- فقال أنا أعرف الرجل؛ فقلت أنت الَّذي تعرفه؟ وبعد ساعات قليلة وإذا بالرجل يقدم إليَّ في مكتبي عربي السحنة بثياب نقلتني إلى قرون بعيدة؛ هذا الرجل العربي شممت فيه أجدادنا وأجداد أجدادنا، وعلماءنا الأوائل؛ وتذكرت حينما قال الأستاذ عبد الله نور، حينما كنا نجثو على الركب ونقرأ القاعدة البغدادية، التي حفظها الموريتانيون خمسة عشر جزءاً؛ كنا نأخذها بالتهجي، يقرؤون المتن ثم الحاشية ثم التوريكة.
 
- وجاء إلى قسم الدراسات الإسلامية رجلاً يصح لي أن أقول عنه: إنه في وطنه، غير أنه ما زال يحتاج إلى جس نبضه، وقسم الدراسات الإسلامية والأقسام العلمية تضع لقاءات ودوريات ومناقشات - وإذا بالرجل في محاضرة يقول، فيلتهم كل شيء؛ قلت سبحان الله.. ازددت شوقاً لأن أسبر أغوار هذا الرجل، ليس في الفقه المالكي، بل في اللغة، في متون اللغة، ألفية ابن مالك، الآجرُّومية، والبلاغة. فوجدته لم يكن حافظاً فقط وإنما يحسن متى يوظف المعلومة؛ وهذه هي الميزة الحقيقية.
 
- ثم رأيته بعد سنتين في محاضرة المسلم رجاء جارودي، فجاء المترجم وأصبح يترجم ترجمة سطحية، وإذا بالشيخ يقوم من مقعده مسرعاً ويعلو المنصّة، ويستأذن المترجم ويقول له: اسمح لي لأنني لا أريد أن أترجم، وإنما أريد أن أصل إلى أغوار فكر الرجل؛ فأخذ يتولى الترجمة وكأنه يقول للدكتور رجاء جارودي: أنا الَّذي أنقل فكرك من لغتك الأصلية إلى اللغة العربية.
- هذا هو عبد الله بن بيَّه، ثم قبل شهر وهو يشتغل على موضوع، قد لا أقول يفجر فيه قضية، وإنما يضع خصومة بين علماء اللغة والفقهاء؛ وهذه ستكون موضوع محاضرة - إن شاء الله - أو كتاب.
- لا أريد أن أطيل عليكم، فأنا سعيد هذه الليلة بأن أمثل أمامكم لأتكلم عن رجلٍ أشم فيه رائحتنا، وأجد فيه أرومتنا، فبارك الله فيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :594  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 70 من 167
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.