اتْرَعَتِ بالجَبَالِ قَلبي سُويسْرا حَيثُ شاعَ الْجَمال ـ سِرًّا ـ وجَهْرا |
فالأَزاهيرُ راجفاتٌ بما ترجف منه القلوبُ.. بالحبِّ.. دَهْرا |
باسماتِ الثغورِ ـ تستقبل الكونَ.. بكون أزهاهُ في الْعَيْنِ نَضْرا.. |
لامعاتِ الأسماءِ كلُّ مسمَّى بمَعانيه قَدْ تَكَتَّم سرّا.. |
والوُرودُ المعبراتُ عن الحسنِ.. ومَعْنى الهوى.. تَنَسَّمَ عِطْرا |
خطرت بَينها النسائمُ كالنشوةِ تُبدى منها الْجَوى المُسْتَسَرّا |
فاستمالت: بعضاً يُداعِبُ بَعْضاً واسْتحالت: ثغراً يقبِّلُ ثغْرا.. |
والحقول المنَمْنَمَاتُ.. تَرَامَتْ وَتَوالَتْ.. طَيًّا يُعاقِبُ نَشَرا |
كالنَّعيمِ المِرْتادِ من عَالَمِ السِّحرِ ـ خيَالاً أدناهُ شطراً فشطرا |
وجلاهُ للعَينِ مَرْعى الأحاسيسِ.. وَزاد النفوسِ لذًّ وأمْرَى.. |
في سهول.. تَمْتَدُّ خضراءَ ـ تُجْهِدُ طَرْفاً ـ وَلا تُهدِّدُ صَبْرا.. |
وروابٍ مَبْثوثَةٍ فجَّر القطرُ ثراها ـ ورداً يُخافِتُ زَهْرا.. |
ومغانٍ مَصْفوفَةٍ.. نسَّقَ الْفَنُّ بناها.. وَكْراً.. يُسَامِتُ وَكْرَا.. |
في مَسيلِ الرَّذَاذِ.. يهبطُ ـ للشعر مثَاراً وللمشاعر نَثراً.. |
في جَوَاءِ تَوَشَّحَتْ بِرداءٍ ما تراءى للعَين إلا اسْتَسَرّا.. |
في قشيبٍ مِنْ سُنْدُسٍ نشّر الدوح عليه من ظِلِّه مَا تَحرّى |
في مسيرِ القطعان تثغو وَتَلْهو راتعاتٍ ـ والخيرُ يَمْنَحُ خَيرا |
والرُّعَاةُ المهلِّلونَ تلاقَوا وَأَراقوا الْحيَاةَ شَدْواً وَعِطْرا |
والصَّبايا يهْزِجْنَ لِلْقَلْبِ مَثْنًى وَفُرادَى لَحْنَ الطَّبيعَةِ.. حُرّا.. |
والجبالُ.. المغَلَّفاتُ مِن الغَيْمِ.. بِرَجْراجِهِ المفَلَّج سحرا |
وبأنفاسِهِ اللَّهيفةِ تصاعدُ فيها ـ تَجوب صَدْراً ونَحْرا |
قد تراءَتْ مَا بينه بحُلاها وَعُلاها ـ وبالمجَازاتِ مَسْرَى |
حالماتٍ في كَوْنِها بِهَوى الكوْنِ تَراءَى نَهْمَ الطَّبيعَةِ.. ثَرّا |
مستديمَ الشكاةِ مِنْ سَهْلِها القابِعِ يَشْكو في مَسْمَعِ السَّفْحِ وَقرّا |
فأشارَت إليهِ ـ فاستّبَقَ الْقَصْدُ وَحيَّا ـ وارتدَّ ـ ثُمَّ تَجَرّا.. |
واصطفاها لهُ مَجالَ خيَالٍ وحياةٍ عُليا.. فَهامَ.. وَقَرّا.. |
وَالبحيراتُ.. كَالْعَذارى تجَرَّدْنَ.. وَأفْسَحْنَ للمُقَبِّلِ صَدْرا |
نصَبَتْ حَولهَا الحَمَائمُ عيداً لفَّ أسرابَها هوًى، وَمَقَرّا |
ورجتهَا الأطيارُ ذكرى غرامٍ جَدَّدّتْهُ الأَيّامُ صُبْحاً وَعَصْرا |
وَجَرى الْبَطُّ مائجَ الخطو فيها مستطيب الحيَاةِ كرًّا وَفَرّا |
وتهادى الأوزُّ يَحْجلُ بالشاطئ هَوْناً.. وَيَسْبقُ الموجَ.. قَهْرا |
وَصَبايا الشَّباب تَمْرحُ بالفِتْنَةِ ـ تَسْعى ـ وَبالصَّبابَةِ ـ تعرى |
وَهْيَ تَشْدو بِمَوكِبِ الْحُسْنِ يَخْتَالُ لَدَيها.. تخْتالُ بِشْراً وَبِشْرى |
مُتْرَفاتٍ في مَهْدِها النَّافِحِ السِّحْرِ.. جَلاها مدًّا يَروقُ.. وَجَزْرا.. |
لاهياتٍ في جَوِّها رَقَّ غَيْماً مٌشْرِقاتٍ في أٌفقِها.. شَعَّ فَجْرا |
الأصابيحُ في حِمَاها كأنفاسِ مُحِبٍّ ذاقَ الوِصَالُ فَأَطْرى |
والأماسيُّ ـ وَالْقواربَ تنسابُ عَلى صَدْرِها صديً يَتَأرّى.. |
ذَابَ فِي سِرِّها هَواها فأغْفى وتَعالى وَطيسُه ـ فاستحَرّى |
وَتَنَادت أَمْواجهَا مِن قريبٍ وَبَعيدٍ.. تَميلُ طَوعاً وَقَسْرا |
يَتَلاغَيْن بالحَديث فنوناً مطربَاتٍ.. عَمّا مَضى وَاسْتَمَرّا |
يتهامَسْنَ باللِّقاءِ ـ وقد لُذْنَ فُرَادى بالشَّاطِئَينِ ـ مَفَرّا.. |
إنَّها الأمْسُ في كِياني وُجُوداً إنَّها اليَومُ في خيَالِي ذِكْرى |