شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أَطْيَافْ
ـ مهداة لصاحب السمو الملكي الشاعر الأمير عبد الله الفيصل
قالتْ.. وقدْ سكَنَ الوادي ونام به
أَهْلوه.. هامسةً.. رفْرافةَ الكَلمِ
ما لِلهزارِ؟! عرفْناه.. بأيْكتِنا
مصوِّراً خفقاتِ القلبِ.. في نَغَمِ
أَغْضى.. ورنَّق.. لم يبعثْ كعادته
بنا الحياةَ هوى عشناهْ من قِدم
لم يرسل الآهةَ النَّشْوى.. مُجَنّحةً
تواثبت جنح ليل فيه.. لم ينمِ
لم ينْثر الذكرياتِ البيضَ حاسرةً
طرْفاً.. ورافعةً طرفاً إلى أَمَمِ
أغفت على راحةِ الماضي يُهَدْهِدْها
في يومها.. يومه الذاوي بلا سقمِ
كأنّها نسماتُ الصيف باح لها
قلبُ الربيع بسر فيه مكتتمِ
كأنّها القبلاتُ النادياتُ لظىً
في ثغْرِ حانِية.. من ثغر مُحْتَدمِ
وأومأت بِوَمِيضِ اللحْظِ.. مُسْبِلةً
أجْفَانَها. فصحا قَلْبي وقال فَمِي:
لا الليلُ بعدك ليلي.. في مفاتنه
مرّت بنا حُلُماً.. تجري.. بلا حُلُمٍ
ولا النَّهار الذي كنا لموعدنا
نطويه للنهل.. أمسى مَعْبَراً لظمي
حفَّتْ بقلبي أناتٌ مُبَعْثرةٌ
شَتَّى.. تطوفُ به في هيكلِ الصَّنَمِ
مُضيِّعاتٍ به الألحانُ.. خافتةً
مُمَيَّزاتٍ به ترنيمة الألمِ
تلوبُ بين خوافيه.. مصفِّرةً
هُوجُ الرياح.. خلت من رِقَّةِ النَّسَمِ
وقَّادةَ اللَّفح.. قدْ طَال الهَجيرُ بها
ما فاء.. ما قال.. في بانٍ.. وفي أَكَمِ
قَادَتْ خُطاهْ على الأشواك ساخرةً
أدْمته مُلتثماً.. أو غيرَ ملتثمِ
تُومي إلى السفح.. يزهو في ملامحه
وجهُ الشباب.. وتُدْني قِمَّةَ الهَرَمِ
بيضاء هامدة.. جرداء.. باردةً
إلا من اليأس.. يُوري وقْدةَ الندمِ
لا أهلها.. في سُرَى الأجيال متَّئداً
أهلي ولا الهرم السَّاجي بها هرمي
أني شرقت بمرآها.. وما وطئت
بمُرْتقاها ـ على عِلاَّتِهِ ـ قدمي
فللشباب بقلبي.. لا تزحزُحها
بوارقُ الشَّيب.. أيامي.. بلا سأمِ
أنا المحب الذي ألهتْ صبابته
عنِّي الزمانَ.. وقد دامت.. ولم يَدُمِ
أَلْقى عليها ظِلالاً.. من معاركه
ثم أنْثنى دونها.. في موْقِفِ الحَكَمِ
رفَّتْ عَلَى شَفَة الأيام.. ضاحكة
وبين قلبيَ.. لم توصمْ ولم تصِمِ
الحب والحسن في طبعي بها نطقا
في عينِ باسمةٍ.. أو ثغر مبتسمِ
والشعر والفن في روحي قد امتزجا
بكل متصّلٍ ساعٍ لمنفصمِ
قد سرتُ بين حقول الحب منتشياً
سيرَ الجداول بين الكرْم.. والكرَمِ
احنو على الزهر في الأكْمام يانعةً
وألثمُ الورد وحدي.. غيرَ متَّهَمِ
مغرّداً بِلُغَى الأطْيَار.. تحسبني
منها وإن كان غصني ـ بينها.. قلمي
مصفِّقاً لخريرِ الماء.. يقذفني
رذاذُه بالمعاني الحورِ.. في نَهَمِ!
وعشت وسط عُبابِ البحر هادرةٍ
أمواجُه.. ملءَ سمعٍ لاذ بالصممِ
يمرُّ طافِيه.. في عيني.. براسبه
مرَّ الخواطر.. نهب العارف الفهمِ
وقد تخذتُ رمال الشط متكِئي
صوبَ الصخورِ تدانت حول معتصمي
أُوشْوشُ الرَّملَ بالآمال سانحةً
تفرّقت.. بين إِعْياءٍ.. إلى عَدَمِ
وازجر الصخرَ بالأَهْوال قد برزتْ
أجرافُها.. كنيوبِ الليث في أَجَمِ
مُرَقْرقاً بدموع الصَّبرِ.. والهةً
بين الجوانح حرّى.. لهفةَ الضَّرَمِ
اجوسُ وسط التلال السُّمْر ملتصقاً
بِذِكْريات الصِّبا.. ظِلاً.. بلا عَلَمِ
ارتاد فوق روابيها.. على ظَمأ
لا ينطفي ماضياً.. أَوْدعتُه حلمي
سلي هناك بقاياه.. وقد همدتْ
رهنَ البِلَى في زوايا الأَمْس كالْوَجَمِ
سلي الشرَّاراتِ من قلبي وكنتُ فَتًى
ولا أزالُ.. عن الأَقمار.. والظُّلَمِ
قد أصبحت جَمراتٍ.. غيرَ لاظيةٍ
غطَّى الرمادُ بها المكنونَ من ألمي
أَشَعْتُه.. نهبَ ليلاتي.. وفي مرحي
بين الصحابِ.. هوى عزّت به شِيَمي
اغْشى الحياةَ بها.. إنسانَهَا.. ولها
إِنْسَانَها.. صلةً ـ باللَّه ـ للرحْمِ
لم يُلْهِنِي البعدُ فيها عن حقيقتها
أو يُعمني القربُ عن راءٍ بها وَعَمِي!..
ملأتُ كأسي.. أو أفرغتُها أبداً
للشارِبيهَا بلا زيف.. ولا تهمِ
أسْقيهمو المرَّ.. مرًّا في مذاقته
والحلَو حلوا.. شهيَّ الطَّعْمِ للطعمِ
لا أنكر الحبَّ والبغضاء قد رضعا
من ثديْ أُمِّهَما الأُولَى.. ولم تَلُمِ
قَابيلُ.. هَابيلُ.. ما زالا لنا مثلاً
سطا بفطرتهِ في الفرد في الأُممِ
لا أُرْخِصُ الوجدَ والإيثارَ قد نبعا
من قلب آدَم ـ لا إبليس.. في القدمِ
أو أسْلب النَاس والأطبَاع حقَّهمَا
من الحيَاةِ مَشتْ في القَاعِ.. في القمَمِ!!
قل للخلي الذي عابت رفاهتُه
دنياهُ دنياي.. لم يطربْ ولم يهمِ
بالشعر للشعر.. رنتّ في مزاهره
أوتارُ قلبي.. يغنِّيها على القلمِ
جزتُ الدياجير.. مرقاةً وملتمسا
وطرتُ.. في عالم بالنَّورِ مُتَّسِمِ
على جناحين.. من حبيّ رواه فمي
ومن شعوريَ شعراً يرْتوي بدمي!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :643  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 237 من 283
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.