شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( قصيدة شعرية للدكتور سعد الغامدي ))
ثم ألقى الدكتور سعد الغامدي - مدير عام الشركة المتحدة للتقسيط - قصيدة شعرية احتفاءاً بمعالي الدكتور منصور التركي فقال:
- شكراً جزيلاً، ويسرني أن أكون ضمن المحتفين بمعالي الدكتور منصور، الَّذي أكنّ - كما يكن له زملاؤه في الجامعة وطلابه حينما كنا طلاباً - الكثير من الود والحب والتقدير.
- وفي هذه المناسبة التي رأيت من خلالها قيمة هذا الوفاء وأثره في النفس، وتقديراً لهذه الاثنينيات التي يكرم فيها الَّذين قدَّموا لهذا البلد ولمجموع الإنسانية الكثير من الخير، كانت هذه الخواطر على ارتفاع 31 ألف قدم هذا الصباح؛ وأحب أن أبدأ بالمقدمة التي كتبتها أثناء ما كانت الخواطر تتوارد ولتسمحوا لي بذلك.
- صباح هذا اليوم والطائر العملاق يحلق بنا على ارتفاع 31 ألف قدم في فضاء رحيب، كنت - في الوقت نفسه - أحلق على ارتفاع أعلى وفي فضاء أرحب، أستعرض ذلك المعنى الإنساني الرفيع العريق عبر العصور الإنسانية والمساحات الجغرافية؛ الوفاء الَّذي يستجيش المشاعر ويلهب الوجدان، ويحرك في العاطفة أسمى جوانبها؛ فهو في الحب القمة وفي الصداقة اللُّحمة، وفي المعارف العامة النخوة والشيمة؛ ولا أحسب إلاَّ أن للوفاء مستويات ودرجات منها ما يلزم الناس كافة، وأعني بهم من عناهم القرآن الكريم في قوله تعالى: يا أيها الَّذين آمنوا أوفوا بالعقود وفي قوله: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا ومنها مالا يلزم الكل، ولكنه يلزم أهل النفوس الكبيرة والهمم العالية.
- فمحمد صلى الله عليه وسلم كان باراً بصواحب خديجة (رضي الله عنها) وهي قد فارقت الفانية إلى الباقية؛ ولكنها نفسه الكبيرة (عليه الصلاة والسلام) التي لم تكن ترى الموت سبباً لانقطاع صلة البر والخير، وما أبعدنا - أو كثيراً منا - هذا اليوم عن هذه الصفة في عالم الأحياء والحياة، ناهيك عن عالم الأموات والممات.
- ثم كأبي بكر وعمر وهما يتفقدان ذريات المجاهدين في سبيل الله، وقد شغلتهم عن أهليهم وأبنائهم فريضة نشر دين الله وإعلانه في الأرض؛ كأني بهما يرسمان لمن يأتي بعدهما طريقاً بيناً؛ ويعليان معلماً واضحاً للوفاء في صورة من صوره.
- ولم يكن السموأل اليهودي الَّذي يصدق فيه قول الله تعالى: ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار إلاَّ أحد النماذج الحية النادرة في الوفاء، ويقدم ابنه - فلذة كبده - ثمناً لهذا المعنى الرفيع.
- إنها صورة كما قلت كانت تستجيش الأحاسيس وتحرك الوجدان؛ ثم نأتي إلى صورة من صور الوفاء سامقة شامخة، إنَّها إنزال أهل الفضل منازلهم وإكرام من بذلوا ساعة واحدة لمصلحة الأمة، ولا أقول سنوات طوالاً إن لم تكن تربطنا بهم رابطة أو تجمعنا بهم علاقة، أو تقوم بيننا وبينهم معرفة إلاَّ رابطة الخير وعلاقة البر، ومعرفة النسب؛ قـال الله (سبحانه وتعالى): وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا.
طربت لحسن صنيعك الأيامُ
ورنت لدفء ربيعك الأحلام
وتألق السحر المعطر والنَّدى
في راحتيك وطابت الأنسام
وتسابقت مهج إليك كريمة
تصفو ويوسع صفوها الإكرام
وأطل صبح من جبينك باسم
هو رحمة وسكينة وسلام
يسقي النفوس وقد طوى أنفاسها
سأمٌ وأذهب صوتها الإلجام
وتراجعت غرر وأخمد نورها
وهوى الطوال وطالت الأقزام
عز الوفاء وعزَّ أن تجد الَّذي
يدنيك إن بعدت بك الأيام
لم يبق من خلل يطيب حيالها
ظل وتطرب عندها أنغام
لم يبق بين الناس ود قائم
خلقاً ولكن صنعة وكلام
لم يبق إلاَّ تاجر ومتاجر
يعيا فتنطق دونه الأرقام
بيعت كأعراض الحياة ضمائر
وتقطعت في مهدها الأرحام
وتناهبت رخص الحياة مواهباً
أولى بأن يسمو بهن أنام
كم ريع في فتن المحبة بلبل
واغتيل في كنف الوفاق حمام
كم أطفئت بعد الصداقة بسمة
وطوت طيوف المولهين سهام
وتنافرت بعد المودة أنفس
وتناكر الأخوال والأعمام
كم ضيعت أسر وشتت جمعها
وجثا على غضض الأسى أيتام
إن غبت فالدنيا ظلام موحش
والفجر داج والضحى أوهام
وتطل مثل الشمس تخترم الدُّجا
ويفر تحت ضيائها الإظلام
وتجيء مثل الغيث تنهله الربا
وتعيد نشوة شربها الأكمام
في راحتيك مواكب مبسوطة
وعلى جبينك فرحة ووئام
وتطير نحوك كل نفس حرة
أفضى إليك بوجدها الإلهام
فكأنها في مقلتيك كواكب
وكأنها في شاطئيك غمام
أمضيت في فلك الوفاء قصائدي
وجرت تنافس ثمة الأقلام
وغدوت أُشعل في الذرا أعلامه
قبساً تتابع حولها الأقدام
يطوي الثرى حلل الثراء قشيبة
والحسن تطفىء نوره الأيام
ويظل بين الناس معنى واحد
هذا الوفاء تقيمه الأعلام
- والسلام عليكم ورحمة الله.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1192  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 38 من 167
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.