مكة الخير، والهوى، والحفيفِ |
واللقاءات كالسنا، كالرفيفِ |
يا ملاذ الإيمان، يا موطن النور |
تهادى من الاله اللطيف |
بلدي! يا رؤى الطفولة، يا |
مهد القداسات، يا لواء الزحوف |
بلدي بالهوى، وبالدين، والحب |
وبالعطف من أبر عطوف |
بلدي! يا صحيفة المجد من |
جبريل، من أمهات تلك الطيوف |
بلدي! أيها السماء على الأرض، |
إذا الأرض حوربت بالعزيف |
يا انطلاقات عبقر! خسئت عبقر |
في جاهلية التخريف |
كم أحلت الخريف فينا ربيعاً |
حيث ينهى الربيع مس الخريف |
ورقينا على جوانبك الفيح |
ذرى عزّة الأبيّ الشريف |
وانطلقنا إلى المجالات من |
واديك، في سبحة الجمال الشفيف |
نتبارى، ونرتوي، وننادي |
بالأماني، وللنداء نلبي ... |
بلدي بالمنى، وبالأمل الفواح |
ينداح في فؤاد الصبي |
يوم أن كنت اصطفيك مقاماً |
ومباء، لبكرة، وعشي |
يوم أن كنت في مرابع ميلادي |
وقد همت بالشعاع السني |
في مهادي الوثير، في مسقط الرأس، |
بدرسي، وملعبي، ونديي |
في ربا جدّة التي أطلعت شمسي |
ترنو إليك رنى الجفي |
يوم أن كنت ثَمَّ، لكنني كنت |
معنى بطيفك القدسي |
قلت: يا رب أنت خولت بالأمس |
لقاها لطامع، وعصي |
فرعتهم، وقدمتهم إلى |
العالم رسلاً لصهر كل عتي |
فاجنينها محجة، وثراء |
ومكاناً للانطلاق الشهي |
وملاذا، وحبذا من ملاذ |
هي في الأرض، في المكان العلي |
فتبوأتها، وقد سمع الله |
دعائي، وبارك الله دربي |
مكة الأمس!، والحديث لذيذ |
عنك، كالوحي في حياتك رفّا |
رفع الوحي فيك كبرى المنارات |
بها استفتح النماء، وقفّي |
فاستوت بين لابتيك حصوناً |
للحضارات، والخلود المصفّى |
وحبا المسجد الحرام اتساعاً |
لا يجارى، وروعة ليس تخفى |
ورعى ما ابتغت زبيدة من بعد |
فأربى بما رعاه، وأضفى |
وهدى تُبَّعاً لأن يلبس البيت |
حريراً، وجيرة البيت عطفا |
واصطفى منك معطى المعطيات |
المرسل العالمي للكون لطفاً |
حطم الجهل، بالرسالة للدنيا |
ففاحت رياضها العز عرفا |
مكتي! مكة المعالي التليدات |
اقفزي بالحديد صنفاً فصنفاً |
هرولي .. نقلة السوابق في الحلبة |
واستبعدي التقدم زحفاً |
كنت أم الضيوف أمس، وها أنت |
عرين الأسود من كل شعب |
أيهذي التي إلى عالم الروح |
تساميت في لقاء سماوي! |
مارسي اليوم عالم الجسد |
المطلاب، فيه محاسن ومساوي |
عالم الأرض، والفضاء، وما دون |
السموات هاوياً كل هاوي |
سابقي سابقي العواصم في الوثب |
بعيداً عن النؤى، والملاوي |
فالوثوب الكريم نحو الحضارات |
وكسب السباق، غير التهاوي |
وإذا قلت: "سابقي"! لا أريد الأ |
مر، لكنه دعاء التناوي: |
أنا ناو أن تسبقي، ووليد الغد |
ناو، فساعدي كل ناوي |
أنت "طغراء" موطني الحر، |
والطغراء يروي حديثها كل راوي |
فانظري ما يقال عنك ويروى |
وانظري قيمة العطاء المساوي |
السمو الأرضي بالعمل الناطح |
يعليك، كالسمو السماوي |
أنت أهل لكل ذاك وهذا |
فخذي منه بالأعز الأحب |
يا كوى المجد! أين مزدحم النور |
إذا لم يكن على بطحائك |
أين إطلالة الجزيرة بالأصباح |
إن لم تكن رؤى أبنائك |
أين مجلى الآباء، أو كبرياء |
الروح، إن لم يلقحا بإبائك |
كانت الكبرياء جرماً إلى أن |
عرف الناس ما مدى كبريائك |
حين أعلى "محمد" أرضك البكر |
وجبريل سابح في سمائك |
مثلاها سيادة، وعطاء |
وضياء، ويا لهول عطائك! |
رسم "ابن الوليد" منه فخاراً |
و"الفضول" ابتنو جميل ثنائك |
هم تبنوه في رباك وليداً |
وهم الواضعوه في أحشائك |
ومضى "هاشم" لمجدك يمضي |
"رحلة الصيف" في الليالي الحوالك |
الورى وحدهم بغيرك يمشون |
ويمشي فيك الورى والملائك |
والمخفون فيك، والمثقلون |
الغر يمشون فيك جنباً لجنب |
يا بقاع الجزيرة الفيح، |
يا مبعث روح الحياة بين الأنام |
يا مثار الكفاح في أمم |
الأرض لانها ونشر السلام |
باسمها باسم مكة، أبلغي |
الأيام إنا هنا .. مع الأيام |
لا جمود تذوب فيه الكفايات |
ولا طفرة بغير نظام |
لا، ولا رجعة إلى نكسة الفكر |
المدلاة في القديم الحرام |
لا، ولا نستسيغ أن نخلع الحق |
ونجري مع الطغام الطغام |
عصم السير في الضياء خطانا |
من مسير مهكع متعامي |
فحيينا ـ بنعمة الله |
أحراراً، كراماً، نعتزّ بالإسلام |
سادة إن بغى السيادة فينا |
أجنبي على الصداقة نامي |
خُضَّعاً إن بغي التواضع فضلاً |
قُوَّماً بالأخاء خير قيام |
نسبق القادرين في العطف فيمن |
لهم العطف، دون بعد وقرب |
يا بقاع الجزيرة العربية |
من "أغادير" للربى اللؤلؤية |
من ذرى "منبج" إلى "عدن" الغضبي |
وكبرى المعاقل اليعربية |
الأصابيح، والأماسي ينبضن |
حياة، على ثراك شهية |
كم تشهت مذاقها أمم الغرب |
فطارت بها الأماني العتية |
أمسيات مسحورة، وأصابيح |
تغذي انتفاضة الحرية |
كل أصبوحة تتيه بعملاق |
تباهى بشأنه أمسية |
وجبال مفتونة بالرمال |
الميث ممراحة الظباء الأبية |
يسرح الذئب في مساهبها |
الدهم، وتهفو القطاة والأروية |
كَبِّري كَبِّري إذا الاستجابات |
تواترن بكرة وعشية |
وتولي قياد كل فتاة |
أو فتى مذ وعى المعاني السرية |
بهرته العلا فسار إليهن |
عزوفاً، بغيرة، أو بحب |