شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
موزون ومخزون..
بقلم: أبو تراب الظاهري
ـ فدحنا الخبر فأورث القلب ارتماضاً لاعجاً تقسم له الفكر، وجزعاً أليماً استطار منه اللب، وغماً يستدر الدموع من الموق استدراراً، ويستحلب الذوارف لدى الفجيعة حسرة واكتئاباً.
لعلّ انحدار الدمع يعقب راحة
من الوجد أو يشفي نجي البلابل
فقد ذهب مأسوفاً عليه، ولن يعود مكروراً منه.. انتزعته من بيننا يد الأقدار، ولله ما أراد وما اختار:
مضى غير مذموم وأصبح ذكره
حلى القوافي بين راث ومادح
فلئن كان الفؤاد يحزن، والعين تدمع، فإننا لا نقول إلاّ ما يرضي ربنا.. وإننا بفراقك لمحزونون ـ يا محمد فدا ـ ولولا الأمل في لقاء ثانٍ يوم الآخرة لتصدعت الأكباد كمداً وتوجعاً، وبخعت النفوس أسى وأسفاً.. فإن المصاب بموتك متفجع آض به السرور ترحة، وصار به الإنس وحشة.. فأي خير كنت فرحلت، وأي نجم تألقت فأفلت، وأي أمل كنت لهؤلاء الأكبد البريئة فهاض، وأي عماد كنت لتربيتها فاتضع.
وكان الناس كلهم لمعن
إلى أن زار حفرته عيالا
وفي سبيل الله ما دهانا وجرت به الأقدار، وعاملنا به ريب المنون وحكم به المقدار..إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .
أكرم الله منزلتك في الأخرى وجزاك عنا خيراً في العقبى، وأحسن العوض لنا والخلف عليك بما ينسئ في آجال ذريتك ليكونوا بعدك ذكرة الرجاء وزهرة المستقبل.. ووقاهم محاذر الأحوال، ومكاره الأمور.. وأوجب لهم سعادة تحرس النعمة مدتها، ولا يخلق الزمان جدتها.. وألهم ذويك الاصطبار رغبة في إيزاع الشكر، وتسليم الأمر فيما ارتجع رب العباد.. ولقنهم السلوة والاحتساب بتقبل قضاء الله ومحتوم أحكامه، ففي العزاء أحسن الجزاء، وفي الاحتساب جزيل الثواب..
تعز فإن الصبر بالحر أجمل
وما لامرئ عما قضى اللَّه مزحل
فما جلت رزية إلاّ أكسبت ذخراً، ولا اشتد بلاء إلاّ أنال أجراً.
(وكل على حوض المنية وارد) فما استردّ المعير ما أعطى، فتكدر لنا ما صفا إلا لتحوز الثواب بالصبر، والحسنى بتسليم الأمر.. لأن المنحة المرتجعة مدخرة عند الله يبلو بعاجل انتزاعها عباده الصالحين.
نسأل الله العظيم الرحيم أن ينزل على جدث فقيد العلم والخلق، والتربية والإحسان شآبيب الرحموت، وهو أطل السيوب، وأن يكرّم نزله في الغرف العلية من الفراديس الزهية.
ورحمك الله ـ يا محمد فدا ـ فما سقيت كأس المنيا إلاّ لنتجرع غصتها نحن صحابتك فما منهم أحد بلغ نبأ وفاتك إلاّ ترك الآهة الحرى تعبر عن حرقة في النفس وكم صديق علم بموتك فاستهلت عيناه دموعاً غزاراً.
وكانت في حياتك لي عظات
فأنت اليوم أوعظ منك حيًّا
 
طباعة

تعليق

 القراءات :458  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 28 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج