شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به ))
ثم أعطيت الكلمة للمستضاف الأستاذ الدكتور عبد الله عبد الرحيم عسيلان - أستاذ الأدب وعلوم اللغة العربية بكلية الدعوة بالمدينة المنورة - فقال:
- بسم الله.. والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه:
- في الحقيقة: وأنا أتحدث إليكم في هذه الكلمة الموجزة، يمتلكني شعور بالغبطة وشعور بالسرور لهذا اللقاء، المثمر النافع (إن شاء الله) والَّذي جمعنا فيه أخونا سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه؛ وقد سبقني أخي الدكتور محمد عيد الخطراوي، فعبر عما في نفسي نحو هذا اللقاء المثمر؛ والواقع يعجز لساني عن الشكر لأخي الفاضل سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه، الَّذي أتاح لي هذا اللقاء، لكي أستفيد وأنتفع مما يطرح فيه من كلمات وآراء مفيدة.
- وقد سمعت الشيء الكثير من ذلك، والواقع أن مثل هذه اللقاءات المثمرة والمفيدة، لا شك أنها تستوجب منا جميعاً الشكر؛ فقد خصص الأستاذ الفاضل يوماً في الأسبوع ليجتمع فيه أهل الأدب، وأهل العلم، وأهل الفكر لكي يكون محفلاً أدبياً علمياً؛ ولا غَرو أن ينتهج مثله مثل هذا النهج، فقد ورث هذا النهج عن أبيه (يرحمه الله) حيث كان بيته - أيضاً - محفلاً للقاء أهل العلم والأدب، ذلك لأنه كان رائداً من رواد العلم والأدب في بلادنا؛ وقد أشار أخي الأستاذ الدكتور محمد عيد الخطراوي إلى أهمية مثل هذه اللقاءات الأدبية، - وأيضاً - أشار إلى جانب هام - كان يدور في ذهني وفي خَلَدي - وهو طباعة ما يدور في هذا اللقاء الأدبي واللقاء العلمي.
والواقع أنا أعد عملية طباعة ما يدور في هذه الجلسات، أعدّه وثيقة تاريخية، وأعدّه مصدراً هاماً لتأريخ حياتنا الأدبية والعلمية والثقافية؛ وفي الواقع حينما ترامى إلى سمعي وفاة أستاذنا الكبير، الأستاذ محمد حسين زيدان (يرحمه الله) تحرك القلم في يدي لكي أكتب كلمة وفاء عن هذا الرجل، الَّذي أعطى الشيء الكثير لأمته؛ فكان بين يدي الاثنينية الجزء الأول بالإضافة إلى جانب ما بين يدي من كتب فقيد العلم والأدب؛ والواقع حينما رجعت إلى المجلد الأولى.. وجدت فيه كلمات ضافية عن أستاذنا الكبير، ذلك لأنه كان ضيفاً لندوةٍ من هذه الندوات أو هذه اللقاءات الأدبية المثمرة، فأفدت في واقع الأمر كثيراً مما ذُكر، وألقى ما ذُكر في هذا المجلد الضوء على جوانب عديدة من حياة أستاذنا الكبير (يرحمه الله) فقد عرفت من خلال ما اطلعت عليه في المجلد الأول أموراً تبرز جوانب هامة في حياة أستاذنا الكبير، تصور لنا جانباً هاماً عن أسلوبه في الكتابة، وتصور لنا جانباً هاماً عن شخصيته العلمية.
- فعلى سبيل المثال: حينما أردت أن أصور أسلوبه الَّذي يكتب به - وهو كما تعرفون جميعاً أسلوب متميز، من الأسلوب الَّذي يسمى بالسهل الممتنع، والَّذي يُزاوج فيه بين الألفاظ والعبارات، إلى درجةٍ أنك تحس أن أستاذنا الكبير (يرحمه الله) كان ذا قدرةٍ عجيبة في صياغة الكلمات، وكأن اللغة كانت تُطيعه في ما يريد التعبير عنه - فوجدته يتحدث عن نفسه، ويشير في معرض السؤال عن صلته بأدب الرافعي؛ فأشار إلى أنه كان يميل إلى الألفاظ ذات الجرس والرنين؛ والواقع مثل هذه الكلمات التي نجدها على لسان صاحبها، يستشهد بها على أسلوبه.. لإلقاء الضوء على هذا الأسلوب.
- أقول هذه الكلمة شهادة حق: إنّ هذه اللقاءات التي يحتضنها أستاذنا الكبير وأستاذنا الفاضل، الأستاذ عبد المقصود خوجه في بيته، لها نفع عميم؛ والواقع ظهر نفعها فيما تحدث به أخي الدكتور محمد العيد خطراوي؛ وكما أشرت لكم.. ولا أملك في واقع الأمر إلاّ أن أتقدم له بجزيل الشكر على صنيعه هذا، وندعو له بالتوفيق والعون، وأن يواصل مسيرته الخيرة هذه بإذن الله - إن شاء الله - وأن يمده الله بعونه ليواصل هذه المسيرة.
- أما بالنسبة لي، فلا بد لي من كلمة شكر لإخوتي الَّذين ظنوا فيَّ خيراً، وظنوا فيَّ أموراً قد لا أستحقها؛ وهم أخي الفاضل الأستاذ أمين، وأخي العزيز - أيضاً - الدكتور محمد عيد الخطراوي، وأخي العزيز الدكتور عبد المحسن القحطاني؛ أشكرهم جميعاً على ما أفاضوا به، وفيما تحدثوا به عن شخصي الضعيف؛ والواقع أن رحلتي مع المخطوطات رحلة كُنت أتلذذ بها، وكنت أرتاح لها، وهي التي فتحت عيني على أشياء كثيرة؛ والواقع إن كان لي من كلمة.. فتتمثل في عرض موجز لهذه الرحلة، وأرجو أن يوجد فيها ما يفيد.
- بسم الله الرحمن الرحيم.. تراثنا المخطوط ومناهج تحقيقه بين الواقع والرؤية المثالية.
 
1- رحلتي مع المخطوطات:
- رحلتي مع المخطوطات لها تاريخ يتغلغل في أعماق وجداني، ويُلقي ظِله الوارف على دروب حياتي؛ إذ منها كانت بداية انطلاقتي في مدارج العلم والمعرفة؛ فقد فتحت عيناي على مجال هيبتها ووقارها منذ وقت مبكر، حيث كنت طالباً في المرحلة الإعدادية، أتلمس الطريق إلى النبع الَّذي يسد الغُلَّة، ويطفئ أُوار الظمأ، وأبحث عن مصادر النور الَّذي يبدد ظلمات الجهل؛ ويريد الله أن أجد ضالتي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على يد بعض شيوخ العلم، ومن هنا بدأت مرحلة الشوق والحنين إلى لقاء الكتب واقتنائها.
- وفي هذا المضمار ساقتني قدماي إلى مكتبة شيخ الإسلام عارف حكمت.. في قبلة المسجد النبوي، وهي من أغنى مكتبات المدينة المنورة بالمخطوطات، وعلى الرغم من أنني لم أكُ أعي تمام الوعي قيمة وروعة ما بين يدي من آثارها المخطوطة، أخذت أجيل الطرف في صفحاتٍ لم تكن مألوفة لديَّ من قبل، صفحات سُودت بالمداد، وكتبت بخط اليد، وكان المألوف عندي ما أقرؤه من كتب الدراسة المطبوعة؛ وقد أثار ذلك في نفسي الرغبة الملحة للتعرف على حقيقة الأمر، وراح الشوق العارم يشدني إليها، ويتزايد يوماً إثر يوم، عند كل ومضة نور تطوي في مسارب دروبي اللاهثة مُزعةً من بساط الظلمة، حتى أصل إلى كنه ما أتقلّبُ في محيطه من عالم المخطوطات؛ ومع كل بارقة أمل تشرق في نفسي، أُحس بالرغبة تتجدد، والشوق يزيد، وإذا بي في محيط يتجاوز بي حدود الزمن، ويكشف لي عن حقيقة أمةٍ تَتَجَسَّدُ في آثارها، وأجيال تتجافى جنوبها عن المضاجع.. وهي ترصد ذاتها، وتُشيّد صروح حضارتها، بما تقدمه من عصارة عقولها وفكرها عبر العصور المتلاحقة.
- كل ذلك من خلال آلاف المجلدات من المخطوطات التي كانت تلتف من حولي.. داخل نطاق المكتبة؛ وكما كنت أطوّف بنظري في رياضها النضرة، خلال عوالم تغرف بي في أعماق الماضي، وفي لجج طوامٍ من بحور العلم؛ وهنا يكاد الإنسان يفقد الإحساس بالحياة خارج هذا النطاق، ويتبلور الإحساس بها شاخصاً بين آلاف المخطوطات، التي تحمل في طياتها علوم الأولين واكتشافاتهم العلمية، وتُفصح عن العقلية المبدعة للعلماء المسلمين، في كل مجال من مجالات العلم والمعرفة؛ وقصارى القول: أني وجدت في هذه المكتبة المدرسة الأولى - بل الجامعة - التي تعلمت منها الشيء الكثير حين عكفت على مخطوطاتها، وأمضيت معها سنين طويلة قراءة وتأملاً، ونسخت منها بخط يدي قدراً لا بأس به، منها أيضاً الكثير، كما ذكر أخي الدكتور محمد عيد الخطراوي، لأنني كنت في البداية أنسخ بيدي والنسخ باليد يأخذ وقتاً وفي عام 1390هـ اهتديت إلى أن الكاميرات العادية، أو سمعت من بعض الإخوة يقول: إن الكاميرات العادية التي يصور بها الأشخاص يمكن أن تضاف لها عدسة إضافية وتصور عن قرب، فاشتريت آلة تصوير عادية، ووضعت لها عدسةً إضافية؛ والواقع أنني لم أكن أعرف شيئاً في فن التصوير، فاشتريت كتاباً عن التصوير والطبع والتحميض، وقرأت فيه شيئاً عن هذا العلم، فاستفدت منه ما يساعدني على تحقيق أُمنيتي ورغبتي، وشرعت فعلاً في التصوير، وأعددت في بيتي معملاً مُصغراً للتحميض، لأنني كنت أصور وأذهب إلى البيت لكي أُحمض هذه الأفلام؛ والواقع استفدت كثيراً من هذه المخطوطات.
- فهذه المكتبة - إذاً - كان من حقها عليَّ أن أعرّف بها وبكنوزها من المخطوطات، فكتبت عنها بحثاً مطولاً، وأنا طالب في السنة الثانية من كلية اللغة العربية عام 87 هجرية، ثم بعثت به للعلامة الشيخ حمد الجاسر، فنشره مشكوراً في مجلة العرب؛ ومن هنا كانت بداية الوعي عندي بعالم المخطوطات، وهو عالم استحوذ على مشاعري؛ ومن المؤسف أن الكثير من أبناء الأمة العربية والإسلامية لا يشعرون بوجوده، ويحتاجون إلى من يشحذ أذهانهم للإحساس به.. عن طريق التعريف بتلك المخطوطات، ونشر المفيد منها مُحقَّقَاً تحقيقاً علمياً.
- وأراني هنا بحاجة إلى أن أردد مع أحد عشاق المخطوطات، ذلك الهتاف الَّذي أجراه على لسانها؛ وهو في الواقع هتاف لطيف، يقول فيه على لسان المخطوطات:
- "ألم تنسنا؟ هل ستأتي إلينا؟ أتذكر كيف أعدتنا إلى الحياة؟ وكيف أنك دققت النظر باهتمام في سطورنا البالية المطموسة؟ وكيف أنك فتحت معاني تلك السطور رويداً رويداً؟ وكيف أنك دققت النظر - أيضاً - في تلك الخطوط التي كتبت بسرعة، أو بصورة غير جذابة؟ أتذكر كيف كنت تُقبل علينا سواء في ساعات الملل، أو ساعات همك وتعبك؟ لقد لمست في صفحاتنا الأصدقاء المخلصين، الَّذين يتلقونك دائماً بسعادة وسرور؛ لقد أعطيتنا بذلك مكاناً في الحياة الماضية، وها نحن من جديد قد استعدنا الحياة إلى الأبد، وقد كنا من قبل مطروحين تحت الأرض، أو في الصناديق المنسية مئات الأعوام.. وقد أعطيناك مقابل ذلك المعرفة بما كنت تجهله، وتعرفت على شخصيات خرجت من صفحاتنا وكأنها حية، وتجسدت أمامك تراها رأي العين.
- المخطوطات تهمس وأنا أدقق النظر باهتمام، أتعرف عليها فتعلو شفتي ابتسامة وتشرق نفسي سروراً من تلك الصفحات، التي هي صفحات حياتي، وأنا وهي صفحات حياة الآخرين؛ إنها صورة للماضي ولن يخفيها بعد الآن ضباب العصور".
- وتواصلت المسيرةُ بي في هذا الدرب، وهو درب شاق وعسير، ولكن الغرام والشوق والحب لهذا الدرب، جعلني أسير فيه، وأحاول أن أجد في طريقي ما يُشبع نهمي منه، وتواصلت هذه المسيرة حينما أتيح لي السفر إلى القاهرة، وأنا - أيضاً - طالب في المرحلة الثانوية، وكنت أسمع بسوق الأزبكية، وأسمع - أيضاً - بسوق الأزهر، وأسمع أن هذا السوق هو معرض للكتب؛ فحينما وطئت قدمي أرض مصر مع والدي - في رحلة كانت عام 1383هـ - تشوقت إلى الوصول إلى هذا السوق، وفعلاً ما كان مني إلاَّ أن امتطيت إحدى سيارات الأجرة وذهبت إلى سوق الأزبكية، ورحت أمشي جيئةً وذهاباً في جنباته، أبحث عن الكتب؛ وفي إحدى المكتبات.. وقع نظري على كتب قديمة، وهذه الكتب القديمة حينما وضعت يدي عليها وجدت أنها مخطوطات، وكان لي عهد بالمخطوطات من ارتيادي لمكتبة شيخ الإسلام حكمت عارف.
- وكانت في مكتبة رجل لا أدري أكان حيّاً أو انتقل إلى رحمة الله؟ اسمه شوقي، فتفاوضت معه على شراء هذه المخطوطات، فطلب مني ثمناً في ذلك الوقت كان باهظاً بالنسبة لي، إذ كنت طالباً.. ولم أكن أحمل - حينما توجهت إلى سوق الأزبكية - سوى سبع جنيهات مصرية، في ذلك الزمان هي ما أملكه؛ وحينما تفاوضت معه على شراء هذه المخطوطات وعلى شراء بعض الكتب القديمة - التي لا أزال أعتز بوجودها في مكتبتي إلى يومنا هذا - وجدت أنه يطلب مني تسعة عشر جنيهاً؛ فقلت: الآن أذهب إلى البيت وأطلب من والدي.. أم ماذا أصنع؟ وأخشى أني إن ذهبت إلى البيت ربُما بيعت هذه الكتب؛ فنظرت وفكرت ملياً، فلم أجد بُداً من أن أبيع ساعتي.
- كانت معارض الساعات قريبة في شارع العتبة، فذهبت وعرضت ساعتي للبيع، واشتريت هذه الكتب؛ والواقع هذه الكتب كانت حصيلة طيبة - أيضاً - جعلتني أواصل المسيرة في البحث عن المخطوطات وعن أماكنها، فاهتديت إلى رجال آخرين يُعنون بالمخطوطات ويبيعونـها، إذ ترامى إلى سمعي - من شوقي البائع هذا، حينما رأى أني أشتري هذه المخطوطات - ترامى إلى سمعي أن هناك من يبيع المخطوطات أيضاً، فهل ترغب أن تذهب إليهم؟ والواقع أجبته بذلك، وما كنت أملك شيئاً من المال لكي أشتري به هذه المخطوطات، ولكن لأتعرف إلى أماكنها؛ فأرشدني إلى رجل اسمه الشيمي، وهذا كان يسكن في حي شعبي اسمه: الغورية، ولديه مخطوطات؛ ورجل آخر اسمه: الحجاج في حي الأزهر، في بيت له -أيضاً- ولديه مخطوطات.
- وكذلك - أيضاً - أرشدني إلى مكتبة هذه المكتبة - كانت قريبة من السيدة زينب - هذه المكتبة يمكن يعرفها الكثيرون منكم، ذلك لأنها تبيع الكتب القديمة، وتبيع - أيضاً - بعض المخطوطات، ومن يرتاد هذه المكتبة يجد غالباً بغيته من الكتب النادرة، ومن الكتب القديمة على وجه الخصوص؛ وهذه المكتبة هي مكتبة خربوش، وأعتقد أن الكثيرين يعرفون هذه المكتبة؛ فكنت أصعد إلى المخزن - مخزن الكتب - في دار قديمة بجوار المكتبة، لا أكتفي بالمكتبة.. فأنبش بين كتبها وبين رفوفها المتداعية، وأيضاً بين الركام الَّذي أمامي، وهو ركام لم يوضع بشكل منظم، وقد انهال عليه الغبار؛ فأبحث فيه عن ضالتي، وكثيراً ما وجدت شيئاً من بعض المخطوطات.
- هذه الحصيلة جعلتني أَتَنَبّه إلى مصر، وأنها - فعلاً - تحتوي على كنوز، ذلك لأن مكتباتها - فعلاً - كانت تحتوي على كنوز؛ ولا سيما المكتبات التي تبيع الكتب القديمة؛ مثل هذه المكتبات التي ذكرتها، ومثل أيضاً مكتبة الخانجي، وأيضاً مكتبة الكليّات الأزهرية، ومكتبة الطيب في شارع عبد العزيز؛ هذه جميعها كانت تبيع الكتب القديمة، وفيها بعض المخطوطات؛ والواقع هذه الحصيلة هي التي تحدث عنها أخي الدكتور محمد عيد خطراوي، إذ جمعت بعض المخطوطات الأصلية من رحلتي هذه، وحينما توسعت بالطبع مدارك الإنسان - بعد أن تَدرَّج في مدارج العلم، وبعـد أن تخرجت من الكلية - رأيت أن أيمم شطر سورية، لأنني أعرف - أيضاً - أنها تعجُّ بالمخطوطات؛ وفعلاً حينما ذهبت ذهبت إلى مكتبةٍ واحدة.. وهي مكتبة عبيد، هذه المكتبة يمكن يعرفها الكثيرون، وأحمد عبيد هذا كان من المهتمين بالكتب القديمة - وأيضاً - من المهتمين بالمخطوطات، وعن طريقه - وعن طريق من قابلت أيضاً عنده من أهل الاهتمام والعناية، ممن يعملون في المكتبة الظاهرية، أو في مجمع اللغة العربية بدمشق - تعرَّفت على أناس لديهم مخطوطات؛ والواقع أن هذه الرحلة أفادتني فيما بعد حينما تهيأ لي أن أشرف على مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود، إذ بفضل الله استطعت عن طريق معرفتي بأهل المخطوطات، أن أجمع للجامعة قدراً لابأس به من هذه المخطوطات؛ والواقع يعود الفضل لله أولاً، ثم لتعاون معالي مدير الجامعة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، الَّذي كان حريصاً كل الحرص على اقتناء المخطوطات، ودعم هذا التوجه في المكتبة.
- ومن الأمور الهامة التي لا بد من الإشارة إليها - أيضاً - أن مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت أيضاً تحتوي على قدرٍ كبير من المخطوطات، ولكن مرّت - وللأسف - فترة من الفترات في تاريخ هذه المدينة النبوية، هي فترةٌ قريبة أصاب مخطوطات المدينة النبوية شيء من الإهمال، مما أدى إلى ضياع عدد منها وأدى - أيضاً - إلى تسرب بعض المخطوطات، وعرض بعضها في سوق الحراج؛ وقد وقعت يدي على عدد من المخطوطات في سوق الحراج في المدينة النبوية، واشتريت قدراً منها؛ والواقع أن هذه المخطوطات كان من بينها مخطوطات قيّمة ونفيسة، إذ فوجئت وأنا أُقلب واحداً من الكتب المخطوطة، وإذ بي أعثر على مجموعة في اللغة قَيّمة.. لابن السيد البطليوسي، وابن السيد البطليوسي من كبار أئمة اللغة، له كتاب عن الأحرف الخمسة، وله كتاب - أيضاً - في المثلثات، اسمه: "المثلث" يعتبر من أهم المصادر في المثلثات اللغوية؛ وجدت بين هذه المخطوطات عدداً من المخطوطات، التي لا تكاد تُعرف من ضمنها رسالة له عن الاسم والمسمى؛ وأيضاً وجدت مخطوطات في الحديث، ومخطوطات في الفقه؛ فكنت في الواقع أنتقي منها ما يهمني، ولا سيما ما يتعلق بعلوم اللغة وبعض العلوم الشرعية.
- وهذا الأمر يَجُرُّني إلى الحديث عن وجوب العناية بمخطوطاتنا وبتراثنا المخطوط، وهو عبء ينبغي أن يقع على كاهل المسؤولين في البلاد العربية والإسلامية، ذلك لأنهم إذا لم ينهضوا بهذا الواجب، ربما أدى ذلك إلى شيء كبير من الإهمال، وبفضل الله وجد وعيٌ يُشكر ويُحمد في بلادنا للعناية والاهتمام بهذا التراث؛ أما في فترات سابقة - في بعض البلاد العربية والإسلامية، فقد أهُمل تراثنا المخطوط، وتسرب الشيء الكثير منه، وضاع الشيء الكثير منه بسبب الإهمال، وكثير منه انتقل من بلد إلى بلاد أخرى؛ ولعلكم تعرفون جميعاً رحلة المخطوطات التي ندركها جميعاً، حينما نقرأ في تاريخنا: كيف أن المخطوطات كانت تنتقل من بلاد الحرمين، ومن غيرها من بلاد العالم الإسلامي.. إلى بلادٍ غريبة لا تمت إلى تراثنا بصلة.
- والواقع أمر هام - أيضاً - لا بد من الإشارة إليه، وهو أن هناك مكتبات قد لا يُلقي لها الإنسان بالاً، ولكن تجد فيها كنوزاً، ومع ذلك.. لأنه لا يُلقى لها بال تُهمل، وربما أدى ذلك إلى تلف مخطوطاتها، وضياع هذه المخطوطات؛ وقبل قليل ذكر لي أستاذنا المحقق الكبير وعاشق التراث الدكتور صلاح الدين المنجد عن عثوره على مخطوطةٍ نادرة لكتاب: (العميان والعرجان والبرصان والحولان) للجاحظ في زاوية من زوايا المغرب، مهملة، ما كان يخطر على بال أحد أن يكون فيها مخطوطات؛ والواقع هذا الأمر موجود. وينسحب على كثير من الأماكن؛ فإذا كـان هناك وعي لرصد هذه الأماكن - وتتبع هذه الأماكن للعناية بهذه المخطوطات وجمعها، وصيانتها من قِبل الهيئات العلمية في البلاد العربية والإسلامية - لا شك أننا سندرك خيراً كثيرا.
- وأذكر من هذا القبيل أن مكتبات المدينة - أيضاً - ولا سيما بعض الأربطة - كانت تعج بالمخطوطات، وقد هيأ الله من تيقظ لهذه الأربطة، وللمكتبات الخاصة المبثوثة في بعض البيوتات في المدينة المنورة. فجمعت في المكتبة العامة؛ وكثير من هذه المكتبات كانت تحتوي على مخطوطاتٍ نادرة، فمثلاً: النسخة الوحيدة من تاريخ ابن شبَّه للمدينة النبوية، وجدت في مكتبة رباط مظهر، وهي تعتبر الآن النسخة الوحيدة والفريدة لتاريخ المدينة النبوية؛ فينبغي إذاً العناية والاهتمام بجمع هذه المخطوطات، وإيداعها في المكتبات التي تشرف عليها الهيئات العلمية في البلاد العربية والإسلامية، حتى لا ينالها ما ينالُها من الإهمال.
- والواقع من خلال تجوالي في بعض البلاد العربية والإسلامية والأوروبية، للبحث عن المخطوطات، خرجت ببعض التصورات، من هذه التصورات: أنني - للأسف - وجدت عدداً كبيراً من المكتبات التي تحوي عيون ونفائس التراث الإسلامي.. في بعض البلاد الإسلامية والعربية، وجدتها تعاني من الإهمال الشديد، إذ ربما وضع بعضها في مكان غير مناسب، أو لا نجد قيّماً يرعاها، يكون على درايةٍ وبصرٍ بقيمة هذه المخطوطات التي يرعاها، أو ربما كان ضعف الإمكانات - في كثير من هذه المكتبات - حائلاً دون رعايتها والعناية بها؛ فمن بين هذه المكتبات مكتبة إسلامية.. ويشرف عليها مسلمون في الهند، وهي المكتبة السعيدية؛ وهذه المكتبة - أيضاً - فيها نفائس الكتب في الحديث على وجه الخصوص، ولكن - للأسف - وجدت أن هذه المكتبة في سوق للحدادين، وفي بناء متهدم متداع، ويُخشى على المخطوطات من الحريق؛ ووجدت - للأسف - عدم الوعي عند من يديرون هذه المكتبات، فقد تحدثت إليهم كثيراً في التعاون معهم لصيانة هذه المخطوطات ورعايتها، ولكن لم أجد قبولاً يمكن أن يساعدني على تقديم شيء لهذه المكتبات، بل بعض المكتبات - للأسف - حاولنا مع المسؤولين تصوير بعض المخطوطات، فوقفوا في وجهنا؛ على أن البعض أغريناهم بالمال. فسمحوا لنا بتصوير بعض المخطوطات؛ ولقد علمت فيما بعد أن هذه المكتبة التي كانت في سوق الحدادين، قد أصابها شيءٌ من الحريق، والتهم هذا الحريق قدراً يؤسف له من تراثنا في هذه المكتبة.
- وأيضاً وجدت مكتبةً أخرى مهملة في مِدْراس، اسمها: المكتبةُ المحمدية، وهي إرثٌ لعائلةٍ حاكمة من الحكام المسلمين لبلاد الهند؛ وهذه المكتبة تشتمل على ما يربو على ألفي مخطوط، ووجدت فيها نفائس، ولكن لا يُنتفع بها - للأسف - ليس لها فهرست، وأيضاً وضعت في مكان غير مناسب؛ والَّذين يقومون عليها متقوقعون، ويرون أن التصوير منها - أو الإفادة منها - ربما يُخل بما يشعرون به من زهو لامتلاكها؛ والواقع من حيث لا يشعرون يقتلون هذه المخطوطات، ويئدون هذه المخطوطات.
- وقد تركنا بعد جهد جهيد، وبعد أن اجتمع مجلس العائلة، وكان أحد أفرادها شاب صيدلي - يبدو أنه متفهم - ففاتحته في أمر تصوير بعض المخطوطات، فأقنع مجلس العائلة، وتم - بفضل الله - تصوير عدد من مخطوطاتها؛ ومن بين مخطوطاتها نسخةٌ قيّمة ونسخة هامة كتبت سنة 600هـ، والكتاب نشر محققاً، والَّذي حقق هذا الكتاب لم يطلع على هذه النسخة مع نفاستها وأهميتها، وهذا الكتاب هو: جمهرة الأمثال للعسكري؛ الكتاب مطبوع الآن، ولكن من الَّذي يُدرينا عن كنوز هذه المكتبة المخبوءة.
- والواقع هذه نقطة ينبغي أن نثير تساؤلاً حولها، كيف نتمكن من الوصول إلى تراثنا المخبوء والمكتنز في هذه المكتبات؛ والواقع لو كان لهذه المكتبات فهرسة، ولو كانت هناك جهود متضافرة من الهيئات العلمية ومن الجامعات في بلادنا العربية والإسلامية، لمتابعة هذه المكتبات، والقيام بفهرسةِ محتوياتها، ونشر هذه الفهرسة، لأفدنا خيراً كثيراً من كنوزها.
- وكذلك - أيضاً - وجدت في هذه المكتبة روايةً قيّمة لم تنشر ولا يُعرف عنها شيء، من الموطأ للإمام مالك؛ فإذاً مكتباتنا فيها كنوز مخبوءة، وتحتاج إلى تضافر الجهود من الهيئات العلمية، للقيام بواجبها تجاه هذه المكتبات؛ ومما خرجت به من تصورات - ولا سيما في جولتي في بعض المكتبات الأوروبية - وجدت عكس ما رأيته - للأسف - في البلاد الإسلامية، وجدت أن المخطوطات وضعت في أماكن مناسبة، ورُوعيتْ واعتني بها عناية خاصة؛ فأذكر - على سبيل المثال - أنني زرت مكتبة: (شيستربيتي) في إيرلندا، فوجدتها - أولاً -: في مكان جميل جذابٍ أخّاذ، في وسط حديقة غنّاء، وفي بناء قديم أثري؛ - أيضاً - وجدت هذه المكتبة قد وفرت فيها سبل الرعاية والعناية بهذه المخطوطات، من ترميم وصيانة وجو مناسب؛ ورأيت أنهم قد وضعوها في غرفةٍ جُهِّزت وخصصت، وعليها باب كأنه باب أحد الخزائن في البنوك؛ وهذه المخطوطات التي تربو على ألفين وأربعمئة مخطوطة في مكتبة: (شيستربيتي) من أين أتت؟ لو تساءلنا.. لوجدنا أن شيستربتي هذا إنما جمعها من البلاد العربية والإسلامية، وقد حدثني المشرف على هذه المكتبة عن كيفية جمع هذه المكتبة، ولا داعي أن نطيل الحديث في ذكر كيف جُمعت هذه المكتبة، ولكن كل ما في الأمر أن هذه الكتب إنما جمعت من تفريطنا؛ وقد يقول قائل لنحمد الله على أنها وجدت من يرعاها ويعتني بها؛ لكن أقول لو أن هذه الرعاية والعناية وجدت في أرضها لكان أولى وأفضل بكثير.
- وأيضاً من رحلتي مع المخطوطات، أنني تطلعت في فترة من فترات رغبتي في تحصيل العلم؛ وأنا طبعاً مُقِلٌّ في ذلك؛ الواقع لست إلا نبتة لم يطل غراسها في هذا المجال، إذ هناك أساتذة يعدون قمماً شامخة في هذا المجال، لهم الفضل بعد الله (سبحانه وتعالى) في إضاءة الطريق أمامي، وأمام غيري من أبناء جيلي، للتعرف على تراثنا وعلى عشقه وحبه؛ والاتصال به هو بيننا في محفلنا هذا رائدٌ من أولئك الروّاد، وهو أستاذنا الدكتور صلاح الدين المنجد؛ فقد كان له جهود مشكورة وجهود واضحة وملموسة.. تدركونها جميعاً.
- وممن تهيأ لي اللقاء به في بداية دراستي للماجستير عام 91 هجري، أستاذنا العلامة المحقق أستاذ الجيل، الأستاذ محمود محمد شاكر، التقيت به في بيته، ذهب بي إليه أحد الأصدقاء، عرّفني به، وهو الدكتور محمود الطناحي؛ وأعتقد أنكم تعرفون الدكتور محمود الطناحي، لأنه - أيضاً - من الَّذين تَعَشَّقوا التراث وتحقيقه؛ ذهب بي إلى بيت الأستاذ، وحينما التقيت بأستاذي هالني أول ما هالني مرأى البيت، فأينما اتجهت ببصرك في بيت أستاذنا لا يقع إلاَّ على كتاب، البيت كله كتب، الصالون كتب، غرفة الطعام كتب، الممرات كتب، غرفة النوم كتب، فبيته كله كتب..، وبالطبع حينما ذهبت إليه كنت أتطلع إلى لقائه، وأتشوق إلى لقائه، لما عرفت من جهوده في تحقيق بعض الكتب؛ فهو من الروّاد في هذا المجال، بل هو أستاذ من أساتذِة الجيل.
- وأول جلسة لي معه، كنت قد اطلعت على كتب بعض المستشرقين، ومنها كتاب التطور النحوي؛ وأعتقد أنه لبرجس رسم؛ كتاب التطور النحوي هذا كنت قرأته؛ وحينما دار حديث عن اللغة العربية، لا أدري ما الَّذي جعلني أندّ بكلمة عن هذا الكتاب، فما شعرت إلاَّ وأستاذنا قد امتعض غيظاً، ونظر لي شزراً، ونهرني بكلمة قاسية، قال لي: لا تعرف من العربية إلا أن تذكر مثل هذا الكتاب لهذا المستشرق؛ فكان لقائي به في أول الأمر.. لقاءاً تعلمت منه الشيء الكثير، تعلمت منه أن نعتزّ بتراث آبائنا، وأن نعتزّ بتراث أجدادنا، فهذا التراث الَّذي بين أيدينا، والَّذي سهر عليه علماؤنا.. هذا التراث فيه كنوز مخبوءة، من تعمق في بحوره لا شك أنه سيستخرج منه الدُّرر، وهذا التراث له فضل كبير على الحضارة الإنسانية بصورة عامة؛ ثم - أيضاً - تعلمت من أستاذي الكبير - الأستاذ محمود شاكر - التركيز، وهذه صفة يتميز بها أستاذنا؛ الأستاذ محمود شاكر ليس مُكثراً في التأليف، ولكنه يُرَكز إذا ألف، وإذا حقق يركزّ ويتعمق؛ ولذلك كانت كتبه مدرسة استفاد منها الكثيرون في مجال التحقيق.
- ثم توثقت صلتي به حينما سجلت موضوعاً للدكتوراة، فكنت أرتاد بيته، فأفدت الشيء الكثير منه، إذ وجدته يُعنى عنايةً هامة بتحرير النص وإخراجه، على الصورة التي وضعها عليها مؤلفه، وإخراجه مُبَرَّءاً من التحريف والتصحيف؛ وهذه هي النقطة الهامة في مجال التحقيق؛ التحقيق ليس عملاً هيناً وليس عملاً سهلاً كما يتصوره البعض، إذ ربما تصور البعض أن التحقيق عبارة عن عمل عضلي آلي، التحقيق علمٌ، والتحقيق فنٌّ، والتحقيق درايةٌ.
- إذاً ينبغي أن نُعنى بهذا الجانب.. وهو جانب تحرير النص؛ وقد أفدت ذلك من أستاذي، لأن من يقرأ - حتى من يقرأ كتبه - لا يحس فيها شيئاً كثيراً من التعليقات، كما يصنع البعض الَّذين يُدَبِّجُون سطوراً طويلة، وسطوراً كثيرة في التعليق على المخطوطات، ويظنون أن عملية التحقيق إنما تتمثل في هذه التعليقات، إلى درجةٍ أنك تجد في بعض الكتب سطراً واحداً من المتن، بينما تجد الصفحة جميعها للتعليقات؛ والواقع أن كثيراً من هذه التعليقات قد لا يكون في مكانه المناسب، أو قد لا يكون مفيداً فائدة كبيرة.
- وهناك بقية في هذه الرحلة.. رحلتي مع المخطوطات، وكان بودي أن أواصل الحديث عنها، لكن أعتقد - أو ربما تكونون - قد مللتم الحديث، فلا أدري لعلي أكتفي بهذا القدر، لأنه يدور في ذهني وفي خاطري الشيء الكثير، الَّذي أفدته من أستاذي - أيضاً - الأستاذ المحقق الكبير شيخ المحققين وعاشق التراث، الأستاذ عبد السلام محمد هارون؛ وكان بودي - أيضاً - أن أتحدث بشيء مما أفدته من أستاذي هذا، لكن أرى أن بعض الأوراق بدأت تصل إليَّ، وتشير أن الليل قد ذهب جُلُّه؛ فلعلي أكتفي بهذا القدر.
- وفي ختام حديثي هذا، أكرر شكري لأخي الفاضل سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه، الَّذي أتاح لي هذا اللقاء، والَّذي أفدت منه؛ والواقع أن ما قلته - لا شك - أنه من البديهيات لديكم، ولكن هذه حصيلتي وهذا مبلغ علمي؛ وكما قلت: كان بودي أن أواصل الحديث، ولكن أكتفي بهذا القدر؛ والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :634  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 151 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.