شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحقد رذيلة أم فضيلة
هل الحقد رذيلة أم فضيلة؟ هذا سؤال يظهر غريبا. وقد يظن كثير من الناس أن الاجابة عليه ليست محل روية ولا تفكير، وقد يقرر هذا الكثير في عقيدة واطمئنان إلى ما يقرر أن الحقد رذيلة مستنكرة مهما كانت أسبابه قوية معقولة ومهما كان الطبع البشرى ملحا عنيفا في الالحاح على انمائه وعلى الحرص عليه وعلى التنفيس عنه بالانتقام والتشفى.
أما أنا فأقول ان هذا رأى فائل وخطأ فاحش، وان البشر من طبعه أن يعلن غير ما يسر، وأن يتفوه بمالا يعتقد، وان كثيراً من المسائل يكاد الناس يجمعون عليها برأى في قرارة نفوسهم، ولكنهم يخادعون نفوسهم عن هذا الرأى ولا يجسرون أن يجابهوا بعضهم بعضا به وان كان حقا لا شائبة فيه، أو أنهم لا يودون الاقدام على المكاشفة به خوفا من أن يستغله الأرعن النزق استغلالا ممقوتا ويتصرف فيه تصرفا سيئا قد يفضى إلى انعكاس الغرض والى تفاقم الشر والى انحلال الروابط التى تربط منافع هؤلاء الناس بعضها ببعض وتبعثهم قسراً على التعاون والسلام.
وأما أنا فأقرر أن الحقد كثيراً ما دل على صدق الاحساس ورهافته وعلى عزة النفس وحميتها، وعلى متانة العقل ونضجه. فالحقد على الخليع المتحكم، وعلى الظالم الغشوم، وعلى المتلون الخطر، وعلى الواتر الباغى، وعلى الفاجر الوقح، وعلى الخائن المتصدر، الحقد على أولاء وأمثالهم هو نزوة حميدة وعاطفة فاضلة علينا أن نباركها وأن نقدسها في النفوس الموتورة الهائجة وأن نعرف أن هاته النفوس التى تحمل أمثال هذا الحقد هي أوعية طيبة خصبة يترعرع فيها الشر الزاجر المفيد إلى جانب الخير الحنون الآسر، وان تلك النفوس الضاوية العليلة التى لا يقبضها شر ولا يبعثها خير هي نفوس لا ترجو الانسانية منها نفعاً، وهي نفوس أشبه بنفوس الحيوانات الجامدة الوضيعة منها بنفوس البشر العزيزة الشاعرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :493  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 172 من 181
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الخامس - حياتي مع الجوع والحب والحرب: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج