شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ الأديب الشاعر فاروق شوشة ))
ثم أعطيت الكلمة للإذاعي الأديب الأستاذ فاروق شوشة - رئيس إذاعة البرنامج العام بجمهورية مصر العربية - فقال:
- أيها الإخوة الأعزاء..
- اسمحوا لي أن أعلن عن سعادتي الغامرة.. بأن أكون بينكم الليلة، أنهل معكم من بعض قطاف هذا اللقاء.. الَّذي اعتدنا عليه في جلسات الاثنينية؛ والليلة أشهد لأول مرة جلستها المفتوحة.. المفتوحة انفتاح صدر صاحبها وقلبه وعقله، بحيث أصبحت هذه اللقاءات منابر ومناطق إشعاع هنا في قلب مجتمع هذه المدينة، التي تمتلئ دوماً بكل ما هو جديد وحيٌّ ومزدهر؛ ونحن لا نريد أن نتكلم كثيراً.. لأني مثل كل الحاضرين مشوق إلى الاستماع إلى التجربة المليئة والمكثفة، التي سنصغي إليها من خلال حديث ضيفنا الليلة؛ لكني سعيد بأن أتاحت لي زيارتي إلى جدة فرصة أن أستمع إليه بعد أن عشت سنوات أقرؤه.. وأتأمل كلماته مسكوبة بعصارة روحة على الورق.
- ها هو ذا بيننا الليلة.. شاب في منتصف الثلاثينيات، يقتعد صهوة الصحافة في أعلى السلم؛ هو رئيس تحرير.. ورئيس مجلس إدارة، وقبل المنصبين هناك سلم من خطوات أسلم بعضها إلى بعض صهرته وخبرها وخبرته وأصبحت كل خطوة على الطريق تمهد لأخرى أبعد في المكان والزمان، وأحفل بالمسؤوليات الكبار؛ وأشهد أنه قد أعد نفسه لمثل هذا الدور.. لم يضع وقتاً كما يضيع معظم شباب اليوم أوقاتهم.
- لقد دخل التجربة في سنٍّ مبكرة، واستوعب ما ينبغي لكاتب وصحفيٍّ ومسؤول أن يعد نفسه به، ارتبط بلغته وثقافته وتراثه القومي، ثم انفتح على ثقافات الآخرين.. وأدرك أنه مهيأ لعمل يتطلب علماً ليس فيه مجال لهاوٍ يعتمد على مجرد الهواية، وإنما الصحافة علم وفن وحساسية؛ وإذا كانت قدراته زودته بالحساسية التي ينبغي أن يتزود بها إعلامي اليوم.. وصحفي اليوم، فإن عقله الرشيد وجهه إلى علوم ينبغي أن يلم بها ويتقنها، ودراسات ينبغي أن تكون طيعة له، حتى إذا باشر المسؤولية حقق النجاح المنشود.
- أقرأ له منذ سنوات، وأكتشف - كمن يؤمنون بالاستشعار عن بعد - ثمة عناصر لهذا النجاح؛ أستطيع أن أرى أنه يحسن اختيار معاونيه، هذه فضيلة ينبغي أن يتحلى بها من يتصدون لمسؤولية خاصة.. إذا كانت المسؤولية في عمل إعلامي أو صحفي؛ ثم هو يترك لهؤلاء المعاونين حريتهم الكاملة في أن يبدعوا وأن يحققوا ذواتهم، وهنا يكتمل إبداعهم مع توجيهه الَّذي يطل من بعد.. دون أن يكون كاتماً لانطلاقاتهم.. أو قيداً على حريتهم في الحركة؛ ثم هو يستكتب خبرة من يعرفهم من أهل القلم.. الَّذين ارتبط بهم القراء طويلاً في مجالات متعددة، ويعهد إلى كل منهم بما يحسنه وبما يتقنه.. دون فرض ودون إجبار، وبالتالي تنعكس على صفحات المجلة - إن كانت مجلة - وعلى صفحات الجريدة - إن كانت جريدة - ثمرات هي حصائد هذه الخبرة.. التي حصلها في سن مبكرة، بالوعي.. وبالتأمل.. وبالتجربة.
- إذا استخدمت لغة الصحافة أستطيع أن أقول إن عماد الدين أديب طبعة جديدة من مصطفى أمين وعلي أمين؛ هذا الجالس بيننا يرأس التحرير في منتصف الثلاثينات، يعيد قصة صحفيين مصريين عربيين كبيرين، كانا رئيسي تحرير بدورهما، وهما في مستهل العشرينيات.. أو دون العشرينيات؛ ثم هو مجدد كما هما مجددان، يبتكر ويؤسس.. ولا يقنع بأن يكون مجرد مقلد أو صورة.. مما هو قائم؛ إنه يدخل الآن تحدياً غير مسبوق في كل الصحافة العربية؛ أن تكون هناك صحيفة يومية همها الأساسي عالم المال والاقتصاد، ليس هذا بالأمر اليسير.. خاصةً إذا أدركنا أن قراء مثل هذه الصحيفة بالحساب، لا بد أن يكونوا قلة، لكنهم بالتجربة وبالواقع أصبحوا كثرة.. لأنه برهن لقارئه أن عالم المال والاقتصاد هو نخاع الحياة، وهو عصب السياسة، وهو مادة الفكر، وهو محرك الإبداع الأدبي، وهو ما يختفي وراء ستار المسرح، ووراء شاشة السينما، ووراء الشاشة الصغيرة في التلفزيون؛ وعندما نبدع بلغة المال والاقتصاد.. وعن عالم المال والاقتصاد، فنحن نبدع في السياسة.. وفي الفكر.. وفي الأدب.. والاجتماع.. والفن، وهذا هو ما صنعه عماد الدين أديب، من خلال صحيفة يومية.. كان يظن أنه سيقرؤها الخاصة، ولن يعكف عليها إلاَّ المئات.. فإذا بها جريدة يومية، كنت أشكو له منذ لحظات قليلة شكوى بعض قرائها.. لأن مادتها تضطرهم لمواصلة قراءتها في اليوم التالي.. مع صدور عدد جديد.
- إذن هي صحيفة لتراكم القراءات، ما ينشر فيها من خبرات أصحابها، ومن عصارة عقولهم وفكرهم.. شيء جديد على الصحافة العربية.. جديد في كل أبوابه؛ قد اختار النخبة واختار المعاونين، وقبل هذا كله اختار أن يكون الصحفي العصري الناجح.
- ليس عماد الدين أديب قادماً من فراغ، إنه غصن في شجرة صنعها أبوه العظيم.. وأبوه واحد من صناع السينما العربية بفكر واع وثقافة؛ كاتب السيناريو الكبير عبد الحي أديب.. الَّذي تدين له أجيال من الَّذين يعملون في صناعة السينما، بأنهم تتلمذوا على يديه، وعرفوا كيف يكون القلم الَّذي يعبر عن مجتمعنا، والَّذي يحقق قيماً وقيمة، والَّذي يبقى في وجدان مشاهده.. بعد أن يشاهده؛ ومن هنا كان ارتباط عماد الدين بالسينما، عندما كتب.. وعندما سيكتب؛ وكان ارتباطه بالقصة.. وبالرواية.. وبالأدب.
- أحسب أن صحافياً في هذا الزمان - لا تواكبه خبرة أدبية - وإبداع أدبي.. ومعاناة أدبية في أحد جوانب هذا الإبداع الأدبي - سيحرم الكثير؛ ومن يلجون الصحافة من باب الأدب، ومن باب الإبداع، ومن باب المعاناة.، هم دائماً يدخلون إلينا من الباب الضيق.. فتصهرهم تجربة كبيرة، ونجدهم في النهاية في الصورة المأمولة المرجوة؛ أشارككم الترحيب بضيفناً الليلة، ولست أريد أن أطيل.. لأني كما قلت مشوق إلى أن أكون مستمعاً لا متكلماً؛ وشكراً.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :658  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 80 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.