شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ أمين العبد الله ))
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ أمين العبد الله - مدير عام مؤسسة البلاد للصحافة والنشر - فقال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- بسم الله الرحمن الرحيم.
- اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك؛ اللهم صلِّ وسلم وبارك على أشرف خلقك سيدنا محمد.. سيد خلقك، وعلى آله وصحابته، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين.
- أما قبل:
- وأما قبل هذه.. فمن أوليات كاتب العربية البليغ مصطفى صادق الرافعي، وقد قلت أما قبل، لأني سأتحدث في حديث يتصل اتصالاً وثيقاً بضيف هذه الأمسية.. قبل أن أتحدث عنه؛ والحديث بطبيعة الحال سيكون عن الإعلام.. وقد أصبح الإعلام آية من آيات هذا العصر، يؤثر في الناس، ويشكل شخصياتهم، ويحدد أهدافهم؛ ولعل هناك من يتساءل.. هل عرفت أمتنا الإسلامية الإعلام؟ أم إنها تأخذ طريق الإعلام خلف الحضارة الغربية.. مقلدة لها كشأن المغلوب في تقليد الغالب؟ قد يتصور البعض هذا ولكن الحقيقة غير ذلك.
- لقد عرفت أمتنا الإعلام قبل أن تعرفه أية أمة في الأرض، ذلك لأن أمتنا هي أمة الإعلام الأدبي، لأنها أمة الدعوة.. والدعوة في الإسلام من فروض الكفاية، والمسلم في هذا العصر - وفي كل عصر - مطالب في حدود إمكاناته وقدراته العلمية.. أن يدعو للإسلام، وأن يدافع عن الإسلام، وأن يقدم تعليم الإسلام، وأن يقدم إنجازات حضارة أمتنا.. لتكون شاهدة على أن الإسلام العظيم قد حول القبائل إلى أمة من أرقى وأعظم الأمم في التاريخ الإنساني.
- أمتنا أمة الدعوة، وهو أمر واضح بالنسبة لنا جميعاً كمسلمين؛ فنحن نقرأ قول الله تبارك وتعالى: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني إذن فإنَّ أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم يدعون بدعوته، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لصحابته: "بلغوا عني ولو آية فرب مبلغ أوعى من سامع" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- لقد نقل صحابته الكرام العظام كل كلمة وكل حرف نطق به.. ومما سجله، حتى أعداء الإسلام الَّذين لديهم جزء من الإنصاف؛ أن أية أمة لم تحفظ كل كلمة قالها رسولها، كما حفظت الأمة الإسلامية أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بلغوا عني ولو آية".
- لقد قام صحابته صلى الله عليه وسلم ونقلوا عنه أحاديثه، وقام من بعدهم سلفنا العظيم بتأمل آيات القرآن العظيم.. وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأعملوا فيها الفكر والاجتهاد والاستنباط، فكان أن تحقق لبعض أئمتنا نظريات في أصول الفقه.. كنظرية المصالح المرسلة وسد الذرائع للإمام مالك؛ ثم جاء الشافعي (رحمه الله) فقدم للإنسانية عمله الإبداعي العظيم.. قدم علم أصول الفقه؛ وجاء الفقهاء من بعد.. فساروا على هذا النهج، وكان لإخلاصهم ولإيمانهم - بضرورة التبليغ وضرورة فهم العقيدة الفهم الصحيح - أن قدموا لأمتهم وللإنسانية روائع لا تعد ولا تُحصى؛ لعل من هذه الروائع: أن فقهاءنا استنبطوا من قول الله (تبارك وتعالى): هل جزاء الإحسان إلاَّ الإحسان الحق والالتزام الَّذي لم تعرفه القوانين الغربية إلاَّ عبر الفقه المالكي، وهي نظرية الحق الفضولي.. أو حق الفضالة.. كما يسميه بعض الفقهاء.
- هذا لأننا أمة أمرت بأن تبلغ رسالة ربها، وأن تتأمل قرآنها، وأن تعمل على نشر ما تصل إليه.
- وبهذه الدعوة.. وبالعلم، دخلت أمتنا الإسلامية العظيمة تاريخ العالم من أوسع أبوابه، ليس لأنها قهرت الجيوش وحكمت كثيراً من الدول، فقد عرفت التاريخ أمماً قبل أمتنا الإسلامية.. اجتاحت الحدود وحطمتها، وحكمت شعوباً مختلفة.. ومن أشهرها - فيما أعتقد - قبائل الوندال الأوروبية، فقد سيطروا فترة طويلة على كثير من الدول الأوروبية.. ولكن أين هي الآن؟ أين هو تاريخها؟ أين هي آثارها في الحضارة الإنسانية؟ إننا لا نجد شيئاً؛ وكذلك المغول. ونحن جميعاً نعرفهم ونعرف وحشيتهم، وإن كان بعضهم قد تحول إلى الإسلام.. فإن تاريخهم الدموي قد مضى كالدخان، لم يترك بصماته على تاريخ الإنسانية.. ولا على مساراتها المتنوعة.
- أما أمتنا، فقد تركت كثيراً من الآثار في تاريخ الإنسانية، وبالحقيقة وحدها - ودون أية عاطفة - نستطيع أن نقول إنها غيرت مسار تاريخ العالم؛ بماذا فعلت هذا؟.. فعلته بالعلم.. وبالدعوة.. وبالمنطق.. ولقد انتشر الإسلام في كثير من أصقاع العالم بالدعوة وحدها.. وليس بالقوة، ذلك لأن الإعلام منذ عرفته الإنسانية يؤثر.. وتبقى آثارها، ولأن أمتنا أمة الدعوة تكونت لديها ثقافة عامة، أستطيع أن أقول في ثقة: إنها لم تتكون في أية أمة أخرى.
- وجدت في بداية قراءاتي ما يؤكد هذه الحقيقة، وهو: الأستاذ محمد أسد المفكر الإسلامي المعروف.. حيث قال في كتابه "الطريق إلى الإسلام".. أو الطريق إلى مكة - في طبعته الأولى - إنه فوجئ في رحلاته المتعددة.. في العالم الإسلامي، بأنه يجد عامة الناس يتحدثون.. فتجد على ألسنتهم الآية والحديث وبيت الشعر؛ وقد فوجئ ذات ليلة - وهو في خان صغير في إحدى القرى في أفغانستان - بأن بعض الرعاة يتحدثون ويذكرون أبياتاً من الشعر الفارسي، وقال: إنك لا تجد عالماً في أوروبا يروي بيتاً من الشعر لشاعر كبير.. إلاَّ إذا كان متخصصاً في الأدب؛ أما المسلمون.. فإن الكثيرين منهم يحفظون الكثير من الشعر، هذا كله لأننا أمة إعلام عريق.. له قواعده وله أصوله.
- وأود في هذه المناسبة أن أذكر.. بأن في تراثنا ما يمكن أن يكون جانباً كبيراً لعلم إعلام إسلامي حديث، والَّذي أعرفه أن أكثر الكتب الإعلامية تنهل من الغرب، وتعتمد عليه، وتأخذ بالكثير من آرائه فعسى أن نجد في مستقبل قريب مجموعة من الكتب تشكل علماً إعلامياً إسلامياً، لأننا في الحقيقة نختلف اختلافاً كبيراً عن الغرب وعن تفكير الغرب - وبطبيعة الحال - عن أهداف الغرب وأساليبه.
- إن ديننا لا يجيز لنا الكذب إلاَّ في حدود ضيقة جداً، ولعلنا جميعاً نذكر مثالاً رائعاً ودقيقاً على احتقار الكذب في الإسلام.. والنهي عنه، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رأى رجلاً يقبض يده ويطلب من أحد الأطفال أن يقترب منه.. موهماً إياه بأن في يده شيئاً، حين اقترب الطفل لم يجد شيئاً.. فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا العمل الَّذي نراه بسيطاً.
- إذن فإعلامنا يجب أن يكون صادقاً كل الصدق، ويجب أن يكون بعيداً كل البعد عن ترديد شعارات وأهداف الإعلام الغربي؛ وما أجمل أن نذكر هنا - ونحن نجتمع لتكريم صحفي جدير بالتكـريم - قول أمير الشعراء شوقي:
لكل زمان مضى آية
وآية هذا الزمان الصحف
 
- وقد تتابعت الآيات العلمية في هذا العصر تتابعاً لم تعرف البشرية له مثيلاً، ومع ذلك فإن آية الصحافة لا تزال تؤثر.. ولا تزال بارزة بين الآيات العلمية الأخرى.
- تلك كلمة لا بد منها قبل أن أتحدث عن ضيف هذه الأمسية، وذلك ما أردت أن أقوله حين قلت أما قبل، وأما بعد الآن.. فإننا سعداء بأن نلتقي الليلة - كعادتنا - في هذا المكان الرحب، في هذا المكان.. الَّذي يحتضن الكلمة ويشرف بها، هذا المكان.. الَّذي يقوم صاحبه الكريم بتكريم الأدباء.. والشعراء.. والعلماء.. والمفكرين، فذلك واجب يحمد عليه. واجب كبير وكريم؛ والصحافة في هذا الوقت - وكل وقت - هي كما قيل: مهنة المتاعب، وهي مهنة المتاعب بالنسبة للرجل.. الَّذي يؤمن بأن عليه في مجال الصحافة واجبات كثيرة متعددة.. بخدمة عقيدته وأمته، وللوقوف في وجه التغريب.. وتيار الغزو الفكري.. وتيار المغالطات الغربية المتعددة؛ هذا الصحفي الَّذي يؤمن بهذه المبادئ.. ويقف بعناد وإصرار أمام المغريات ليقول كلمة الحق؛ هذا الصحفي - في هذا الوقت - جدير بالتقدير.. قمينٌ بالإكبار.
- وأشهد أنني تابعت الكثير من إنجازات ضيفناً هذا، فوجدته في كثير من المواقف يمثل الصحفي الناجح، يمثل الصحفي العصري.. الَّذي يعرف مهنته.. والَّذي يستطيع أن يرضي جانباً من قرائه، لا أقول يرضي كل القراء - فذلك أمر عسير وشاق - ولكنه يرضي جانباً من القراء، ويقدم مقالة جيدة، ويقدم خبراً في صياغة جيدة؛ ولا أزعم أنني قرأت له رواية، وأحسب أنه يكتب الرواية على المستوى الجيد.. الَّذي يكتب به مقالاته الأخرى؛ وقد عجبت عجباً انتهى بعد فترة.. حين تولى رئاسة تحرير مجلة: "سيدتي" ولا أدري أهي المرة الأولى التي يرأس فيها رجل مجلة خاصة بالسيدات؛ وكنت أعجب لهذا الأمر، وكنت أظن أنه سيتعثر، وأن طريقه سيكون شائكاً وطويلاً وصعباً.. ولكني تابعت المجلة - ومعذرة، فقد تكون هذه دعاية - وجدته قد حقق نجاحاً جيداً. ونجحت المجلة؛ ثم نجح مرة أخرى في مجلة: "كل الناس" وهو الآن في مجال جديد، أسأل اللهُ له التوفيق وأتمنى له النجاح.
- وبعد.. للمرة الثانية، فقد أطلت عليكم.. أعتذر إليكم، وأتمنى أن نلتقي مراراً في طريق الخير والجمال والمعرفة، لنحقق لأنفسنا المزيد من العمق في الفهم.. فهم العلم، وفهم أنفسنا، وفهم الحياة.. وفقنا الله جميعاً.
- والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :554  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 79 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.