شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النموذج الثالث
كتبت هذه القصيدة بتاريخ 27/11/1367هـ أي وهو في الخامسة والعشرين من عمره وعنوانها تحية، وقد نظمها وأهداها إلى أستاذه عبد الله عبد الجبار الذي أهداه ديوان شعر عنوانه "طفولة نهر".
تحيـة
أهديتني كتاباً
رأيتُهُ عجابـا
رأيتُهُ جمـالا
مسلسلاً مذابا
شممت فيه قلبي
مرقرقا مذابـا
رأيت فيه روضا
رمَّانُه قد طابا
عقودُهُ تدلَّـتْ
تطاول الأعنابا
وورده نضيـر
يضاحك السحابا
والسحر فيه شعر
ينسكب انسكابـا
كتابك الثميـن
يستنزف الإعجابا
يسود فيه فـنٌّ
والفنُّ لا يُحابَـى
فكان لي نديمـاً
وكان لي شرابـا
لأنت جد ساعٍ
تقدر الآدابــا
فَلِمَ حُجِبَتْ هذه القصيدة؟ ولم تكُ في عِير الحُبِّ ولا نفيره، وليس لها علاقة بالغزل والنسيب، وليس هناك ما يبرز حرمانها من النشر إلا نظرة الرفاعي التي يتوكأ عليها في عدم السماح لبداياته الأدبية أن ترى النور، وفي طليعتها الشعر، وحجته في ذلك أن البدايات فيها من الهشاشة والضعف الشيء الكثير، وهو يتمسك بالمقولة التي تقول: "من ألَّفَ فقد استهدف" لذلك حرص ألا يقدم للناس من كتاباته وشعره إلا ما يثق أنه قادر على أن ينسكب إلى أعماق القراء، ويعانق أحاسيسهم ويمتلك إعجابهم أو على الأقل أن يتقبلوه، ويستقبلوه بالرضا.
والقصيدة في مجملها شكر على هدية، وجد الرفاعي فيها فرصة لكي يعبر عن بعض محاسن وفوائد الكتاب بأسلوب شعريِّ فكتب القصيدة، ووشاها بالكلمات السلسة السهلة المناسبة البعيدة عن الحوشي من القول، خالية من التعقيد اللفظي أو المعنوي، تبدو عليها سمة الشعر المدرسي، وليس في ذلك تقليل من منزلة الرفاعي فإن فحول الشعراء قد نظموا أرجازاً وكان العرب قديماً لا يصفون الشاعر بالفحولة إلا إذا كان مجيداً في الشعر والرجز، ولقد قال كثير من الشعراء مثل هذا الشعر وزناً وأقل منه جودة ولكنه لم يؤثر على مكانتهم الشعرية، فهذا بشار بن برد الذي أعطاه النقاد القدامى راية الرئاسة في استخدام المحسنات البديعية في الشعر العربي في العصر العباسي يقول على لسان حماره الذي رآه في منامه (1) .
سيَّدي خذ بـي أتانـا
عند بـاب الأصبهانـي
تيمتني ببنـانٍ
وبدلٍّ قد شجاني
تيمتني يوم رحنا
بثناياها الحسـان
وبغنج ودلالٍ
سلَّ جسمـي وبرانـي
وهذا أبو العتاهية يقول (2) :
يا أمين الله مالي
لستُ أدري اليـوم مالي
لم أنل منك الذي
قد نال غيري من نـوال
تبذل الحق وتُعطي
عن يمـين وشمال
وأنا البائــس لا
تنظر في رقَّةِ حالي
وهذا أمير الشعراء يقول:
مال واحتجـب
وادعى الغضــب
ليت هاجــري
يشـرح السبـب
عتبُـهُ رضًــى
ليتــه عتــب
عـلَّ بيننـــا
واشيــاً كـذب
مـن لمـدنـف
دمعُـه سحُــب
بـات مُتْعَبــاً
همُّـهُ اللعــب
وهؤلاء جميعاً من فحول الشعراء لم تسقطهم هذه الأشعار التي لا تتناسب مع روائع أشعارهم التي يرددها الصغار والكبار، والتي تحتل مكانة لائقة بها في قلوب عشاق شعرهم.
وقصيدة عبد العزيز الرفاعي التي أثبتها كنموذج ثالث من بدايات شعر الرفاعي هي أرقى في نظري من قصائد هؤلاء الشعراء الكبار الذين لهم في دولة الشعر أسهم كثيرة وضعتهم في الصفوف الأولى في ساحة الشعراء في العالم العربي عبر عصوره المختلفة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :517  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 63 من 94
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.