شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النموذج الثاني
قصيدة نشرت بالعدد 956 من البلاد الصادر في 27 ذي الحجة 1369هـ عنوانها: وشوشة.
همساتُ ًصوتِكِ عذبةٌ
في مسمعي لما تَزَلْ
خفقاتُها خَفْقُ النسيمِ
وجرسُها جرسُ القُبَلْ
ولهـا لبهجتِهـا صَـدَى الـ
ـحُلْـوِ البهيـجِ من الأَمَـلْ
وبها حنانكَ آه لــو
ظلَّ الحَنَانُ وما رَحَلْ
تنسابُ في سمعي بها
عطرٌ يضوع وريح فُل
وبها من الفجرِ الأنيـ
ــقِ طراوةٌ وسَنـاً وطَـلْ
وتراقصت نشوى وفي
وجناتِها وَرْدُ الخَجَلْ
بـل كان مسراهـا الفـؤادُ
بها تغنَّى واحتفــل
وجَنَى لذاذاتِ الهـوى
عَنَّا كما يجنِي العَسَل
وروى إلى سمع الزَّمانِ
روائعَ اللَّحْنِ الغَزِلْ
ورغم ما في هذه القصيدة من جاذبية بديعة، وكلمات رقيقة ذات شفافية، ومن ذلك قوله: خفق النسيم، جرسها جرس القبل، الفجر الأنيق، صدى الأمل الحلو البهيج وكان مسرى الهمسات هو الفؤاد الذي احتفل بها ورغم كل ذلك فإن أبيات هذه القصيدة لا تحس عند قراءتك لها أية حرارة عاطفية تنبىء عن تفاعل داخليٍّ مصدره الحب الذي يشتعل بين الضلوع شوقاً، وفي القلب لهفة ويشدك إليه شدّاً رهيباً، وإنما نراه يقرع باب الحب في خجل شديد، يخاف أن يسمع قرعه عابر السبيل فيلومه على فعله.
إن عبد العزيز الرفاعي في هذه القصيدة قال شعراً وهو تحت تأثير كوابح قوية من القيم والمثل العليا والأخلاق الفاضلة، ونظرات الناس إلى الذين تسيل أشعارهم حباً يذيب القلوب بأنهم دعاة إلى فتح أبواب الفساد على مصارعها أمام الناشئة، هي في نظري نظرات فيها شيء من الغلو، فهناك كثير من كبار فقهاء المسلمين عبر العصور الإسلامية كانوا شعراء غزلين من الطراز الأول، فمنهم عروة بن أذينة واسمه يحيى بن مالك بن الحارث وهو معدود من الفقهاء والمحدثين، روى عنه مالك بن أنس، ورغم فقهه، وحفظه لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال قصيدة عاطفية، تهز الوجدان حرارة وتلهفاً، رددتها الأجيال، لما بين ثناياها من جمال وروعة، يقول ابن أذينة:
إنَّ التي زعمـت فـؤادَك ملَّهـا
جُعلتْ هواك كما جُعِلتَ هوىً لها
فَبِكَ الذي زعمت بها وكلاكمـا
يُبدي لصاحِبِـهِ الصبابـةَ كلَّهـا
ويبيت بـين جوانحـي حبٌ لهـا
لو كان تحـت فراشهـا لأقلَّهـا
ولعمرها لو كان حبُّـك فوقهـا
يوماً وقـد ضَحِيَتْ إذاً لأظلَّهـا
وإذا وجدت لها وساوس سلـوةٍ
شفع الفؤاد إلى الضمير فسلَّهـا
بيضاء باكرها النعيـم فصاغهـا
بلباقة فأدقَّها وأجلَّها
لما عرضتُ مسلمـاً لي حاجـةٌ
أرجو معونتهـا وأخشـى ذلَّهـا
منعت تحيتهـا فقلت لصاحـبي
ما كـان أكثرهـا لنـا وأقلَّهـا
فدنا فقال لعلَّها معذورة
من أجل رقبتهـا فقلـت لعلَّهَـا
ومثل هذا الشعر كثير لو أردنا الإحصاء والاستقصاء، ولكن الذي نهدف إليه هو أن الشعر الغزل ليس كله فاسداً أو يخرج صاحبه عن دائرة الإسلام. غير أن صرامة الطبع عند الرفاعي – رحمه الله – هذه الصرامة التي ورثها عن حزم أمه في تربيته، بحيث كانت تتابع ما يكتبه وتراقب تصرفاته، ولا تسمح للكلمة النابية أو البذيئة أن تخرج من بين شفتيه، بل كان يحس بها تموت في حنجرته قبل أن تصل إلى باب خروجها، على أن لي رأياً آخر في حجب عبد العزيز الرفاعي لقصائده التي قالها في مطلع شبابه، وقد ذكرت ذلك عند الحديث عن الأسباب التي دعته إلى عدم نشر الكثير من مقالاته وأحاديثه التي ضمتها الصحف اليومية المحلية والمجلات العربية، فلقد أجاب عندما سئل: عن رأيه فيمن يقوم بنشر مقالات الأدباء التي نشروها في بادئ أمرهم، فأجاب بأنه لا يحبذ هذه الفكرة لأن تلك المقالات لم تكن في مستوى من الجودة التي بلغتها مقالاتهم وأحاديثهم في حاضرهم، والقصيدة التالية تؤكد ذلك، وهي تمثل النموذج الثالث:
 
طباعة

تعليق

 القراءات :555  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 62 من 94
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج