شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة لسماحة الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة
رئيس مجمع الفقه الإسلامي ))
- بسم الله الرحمن الرحيم، صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، سيدي معالي الشيخ عبد المقصود خوجة، سيدي معالي الدكتور حسان شمسي باشا، أيها الأخوة الكرام، قبل كل شيء أريد أن أحمد لكم الله على ما هيأ ويهيئ لنا في كل مناسبة من لقاء كريم يحقق لنا التوصل إلى لبنة وقضية تتمثل أساساً في التعارف الكريم الذي يحصل بين الناس، وأحمد الله أن كان هذا التعارف والتقارب فيما يرضي الله سبحانه وتعالى وفيما يحقق لكل واحد منا الاعتزاز بإخوته الذي يجتمعون إليه وإني وأنا أشهد هذا الجمع الكريم لأتصور مجتمعاً من الفسيفساء فيه من كل اختصاص، ومن كل اتجاه فيه الخطيب وفيه الداعية وكذلك العالم والكاتب وكذلك الشاعر والصحافي، وكذلك الفقيه والطبيب، وقديماً قيل: الفقه للأديان والطب للأبدان والهندسة للبنيان، والمراد من هذا كله أن هذه الطاقات المتنوعة المختلفة المبدعة إذا اجتمعت والتقت في حظيرة من الحظائر ومكان من الأماكن فإنها ترفع من قدر ذلك المجلس ومن تلك الجماعة وتهيؤها للعطاء الكبير الذي نطمع في تحقيقه والزيادة عليه.
لا أراني في حاجة إلى الحديث عن شيء من ترجمة معالي الدكتور حسان لأن هذا قد وأفانا به سعاة الأخ الكريم الذي قدم لهذا الحديث ثم هذه الرسالة إن شئتم التي بين أيدينا وفيها قائمة طويلة لما كتبه ولما يعده في الأيام القادمة بإذن الله، ولكني أريد فقط أن أشير إلى أن علاقتي بهذا الأستاذ هي علاقة متينة جداً لأنه ليس في حاجة إلي بقدر ما أنا في حاجة إليه فأنا أتطلع وأحرص وأحب أن أكون دائماً قريباً منه ولو كان هو في غنى عني، وهذا المعنى هو الذي دفعتني إليه حالتي الصحية فأنا أتردد عليه وهو يبالغ في التحفي والبر بي، ولم أر من هذا إلا خيراً فوجدت طبيباً وعالماً وأديباً وذا خلق كريم، هذه المعاني المجتمعة في معالي الدكتور حسان باشا هي التي فرضت عليَّ أن أنظر إلى جوانب مختلفة منها أن حاجتي إليه لم تقف عند العلاج، بل أنا مهتم بالبحث والمشاركة في الدراسات المختلفة فأطمع دائماً أن أجد عند الأساتذة وعند الشيوخ المصادر التي أحتاج إليها فيما أريد بحثه وقد تمكنت مرات كثيرة من استعارة بعض المراجع من الدكتور، ثم إني اختلطت به في ساحتين أو ثلاث من ساحات البحث العلمي، أولى هذه الساحات مجمع الفقه الإسلامي فكان جزاه الله خيراً يقوم بدراسات جيدة يقدمها في المواضيع المطروحة على دورة المجمع في كل مرة، شأنه في هذا شأن أخي الكريم الأستاذ الكبير معالي الدكتور محمد علي البار، ثم أضيف إلى هذا لقاءاتي معه في منظمة الصحة الإسلامية العالمية الموجودة بالكويت وذلك في الندوات التي يعقدها المجمع معها لتحقيق هذه الأهداف وهي دراسة المشاكل الصحية التي يعنى المسلمون بها ويريدون إيجاد الحلول لها والنظر في النواحي الشرعية المتعلقة بها إن كانت حلالاً أو حراماً.. الأمر الثالث هو هذا الإنتاج الذي لا أريد أن أتحدث عنه بالتفصيل فقد أغنتنا الورقة عن ذلك ولكني أريد أن أشير إلى جانبين، الجانب الأول الأكاديمي العلمي الذي لا يستطيع كثير منا أن يتبينه على حقيقته أو يتصور أبعاده لأنه مكتوب إما باللغة الإنجليزية أو ما فيه من اختصاص جزئي دقيق لا نقدر على مسايرته فيه أو الاطلاع عليه ويكفينا من ذلك الاستفادة من فضله.
أما الموضوع الثاني فهو الذي جعل الدكتور حسان شمسي باشا يربط بين المجتمع الذي يعيش فيه وبين العمل الذي يقوم به، فهو طبيب في القلب لا شك، ولكنه بجانب ذلك طبيب متطوع في الطب عموماً لأنه يتناول كل القضايا التي يعنى بها المجتمع الإسلامي الذي يعيش فيه ومن ثمَّ كثرت رسائله التي تسمى رسائل توعية للصحة العمومية ومن جهة أخرى لأنه يربط هذه الرسائل مرة بالقرآن الكريم ويأتي بالأدلة الكثيرة في تأكيد هذه المعاني ومرة بالسنة النبوية في كتاب "قبسات من الطب النبوي" ومرة أخرى بمحاولة التقريب بين الآراء الطبية الإسلامية وإيجاد الأدلة العلمية الحديثة عليها، وهل أنا بعد هذا أقدر أن أتحدث عن هذا الطبيب أو عن مهنة الطب؟ ما هو الطب؟ إذا رجعنا إلى الشيخ الرئيس علي بن سينا وجدناه يقول: الطب علم تعرف منه أحوال البدن من جهة ما يصح ويزول عنه لتحتفظ الصحة حاصلة وتسترد زائلة.
فهذا المعنى الذي يكشف عن جانبين الحفظ على الصحة والعلاج في حالات ذهاب ظواهرها هو الوظيفة الأساسية للطبيب، لكن الناس عندما أرّخوا للأطباء كانوا مرة يقولون هذا طبيب لكن الجانب الذي يبحثه نظري بحت، والآخر يقول هو جانب عملي فقط، الأستاذ الدكتور حسان باشا تناول الجانبين العملي التطبيقي والنظري العلمي، وأؤكد على المعنى الذي استمعنا إليه من صاحب هذا البيت العامر حين ربط هذا العلم الحكمي، مع أنه كنا في الماضي لا نسمي الطب طباً، نسميه حكمة، هذه الحكمة التي أنالها الله عبده وصفيّه حسان باشا، هي متمثلة في جملة من العقائد، لأن الطب هو الوحيد من بين كثير من العلوم الذي يستطيع أن يؤكد على معاني التوحيد عند المؤمن ومجال إقامة البرهان والأدلة على العقيدة الصحيحة من خلال علم الطب متيسّر أكثر من تيسّره بالنسبة لفنون أخرى، ولذلك نجد الأطباء قديماً من الرعيل الأول من المسلمين يوصون الباحثين في الطب والدارسين له والمباشرين لمهنته بوجوب التزام الأمانة، وهذه الأمانة هي التي تتمثل أولاً في اعتقاد الطبيب أن لكل مكون مخلوق خالقاً مكوناً، وبهذا الاعتبار فهو لا يستطيع أن يتصرف تصرفاً طائشاً مع المريض ولكنه يحافظ على هذه الأمانة التي أودعها الله بين يديه ليرعاها حق رعايتها، ثانياً نرى أن الانطلاق من هذه العقيدة السمحة يدفع الطبيب إلى أن تكون علاقته بالله علاقة غير عادية، علاقة الحب للإله الكريم الوهاب الرزاق الذي تفضل عليه بهذا التميز على كثير من الناس وهو بحبه لله حباً صادقاً تكون استجابته للحب بين المرضى والمتداوين على يديه حباً اختيارياً لا اضطرارياً، وشتان ما بين الحب الاختياري والحب الاضطراري، أما المنطلقات التي نجدها للأطباء في ممارسة الطب والتي أوصى بها علماء الطب الإسلاميون فهي أولاً دفع الضرر عن المجتمع الإسلامي يعني أن يسخر الطبيب نفسه لخدمة مجتمعة تسخيراً يحقق به هذه الفائدة المطلوبة المرجوة، ثانياً أداء واجب الأخوة في الله لأولئك المرضى وعلى هذا الأساس يكون تخفيف الآلام بالنسبة للمرضى والبسمة التي أشار إليها معالي الشيخ، ثالثاً الرحمة الإنسانية لأنه جاء رحمة لأولئك المرضى ولكن ينبغي أن ننظر هنا إلى المرضى بصورة عامة لا فرق بين مسلم وغير مسلم إنما هو رحمة للناس جميعاً، لأن الله بعثه ليكون منجداً لهؤلاء الناس الذين لا يجدون طريقاً للخلوص مما هم فيه، وهكذا فإني أعتقد وأعتقد تشاركونني أن المعاني التي ذكرناها منغرسة تماماً عند أخينا وصديقنا معالي الدكتور حسان باشا، منغرسة في أصول ثلاثة لا بد من مراعاتها هي: الجانب العقدي والجانب العلمي الطبي، والجانب الخلقي الإسلامي، فهو في علاجه للمرضى لا يعالج الأبدان فقط كما قال ابن سينا، وهو الجانب الأول وإنما يعالج الأبدان والأرواح بما يقدمه من خير وما يصدر عنه من عطاء ولذلك فإني أتوجه إليه بالتقدير والشكر وأقول:
ومـا بلغت كف امرئ متناولاً
من المجد إلا حيث ما نلتَ أطول
ولا يبلغ المهدون نحوك مدحـة
ولا أطنبوا إلا الذي فيك أفضل
وشكراً لكم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :675  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 100 من 139
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.