شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أكثر من فكرة (1) - 2 -
... وتوزيع العمل عنصر هام من عناصر حسن الإنتاج، وأحياناً قد تكون "المحسوبية" أو الغرض سبباً في إرباك أي قسم أو تعطيل أي عمل منتج، بحيث يوضع الموظف الذي لديه خبرة عالية ليعمل في غير حقل اختصاصه.
ويتطرق بنا الحديث عن الأقلية التي وعدت بشرحها فيما سبق. لنعود ثانية إلى رؤساء الأقسام في الدوائر الحكومية، الذين هم المحور المحرك للعمل، وهم وحدهم باستطاعتهم السيطرة بالحزم والإنصاف، لضمان عملية الضبط والربط والإشراف وتركيز المسؤولية لا يكفيان وحدهما إذا لم يعمد كل رئيس قسم إلى وضع "لائحة داخلية" تنظِّم العمل، وتحدد صلاحية كل موظف تحت أمرته. وهذه اللائحة إذا أقرت من قبل الجهة المختصة أمكن تنفيذها بكل دقة لتسيير دفة العمل بتوزيع الاختصاص وتركيز المسؤولية. وعندها يبرز الموظف العامل المنتج ويكون موضع التشجيع. أما الخامل فيوجه إلى الطريق الصحيح حتى يستطيع تحمُّل الأعباء فإن استقام وإلا عومل بما يقضي به النظام من إجراءات.
وعلى الرئيس أن لا يتساهل مع الموظفين الذين يكدسون الأوراق في أدراج مكاتبهم دون إجراء، حتى يصعب اتخاذ اللازم بشأنها، إلا بعد وقت ومجهود، فلا بد من محاسبة كل موظف (دون مجاملة) على إنتاجه ومباغتته على حين غرة منه لمعرفة مجهوده وإنتاجه، ثم لا بد كذلك من وضع تقارير، يسجل فيها نتائج عمل كل موظف، وسلوكه ومدى استعداده لتحمُّل أعباء الوظيفة، وطريقة معاملته للمراجعين.
وكثير من الموظفين يضيقون من المراجعين وأصحاب المصالح فيقابلونهم بالغلظة، ويعاملونهم بأساليب منع النظام اتباعها. والمراجع مضطر لتحمُّل هذه "العنجهية" فهو يتحمل ويتحمل حتى تقضى حاجته، ولو درى هؤلاء الموظفون أنه لولا هؤلاء المراجعون لما وضعت لهم مكاتب، وحددت لهم رواتب، ولو أحس كل موظف من هذا الصنف أنه ليس إلا خادماً لصاحب كل مصلحة رضي أم كره، لعرف كيف يعامل المراجعين يلاطفهم، ويوجههم إلى الجهة التي انتهت إليها معاملاتهم، ويرشدهم بالحسنى إلى ما هو مطلوب منهم اتباعه حتى يصلوا إلى مطلبهم وأمثال هؤلاء الموظفين يجب ردعهم ومراقبتهم مراقبة شديدة. وتوزيع العمل عنصر هام من عناصر حسن الإنتاج، وأحياناً قد تكون "المحسوبية" أو الغرض سبباً في إرباك أي قسم أو تعطيل أي عمل منتج، بحيث يوضع الموظف النابغة في التحرير في عمل مالي لا يستطيع الإنتاج فيه، وفيه يجهد هذا وذاك فيوضعان "على الرف" إما لعدم الرغبة فيهما، وإما لعدم التجانس، وإما اتقاءً للنشاط غير الموافق لرئيس القسم.
وإذا كان النظام قد أعطى الصلاحية لكل رئيس في توجيه موظفيه إلى العمل بحسبما يراه. فإن ذلك يحتم عليه أيضاً أن يتجرد من كل غرض وأن يقرن تصرفه بهذه الصلاحية، وضمان سير الأعمال.
معهد الإدارة وما نتوخاه منه:
قلت فيما سبق إن هذا المرفق الموجه قد أثبت وجوده بلا شك بعيداً عن الدعاية، وبعيداً عن الطنطنة، على الرغم من أننا في حاجة إلى معرفة الكثير من النشاطات القائمة منه فعلاً والهادفة إلى تثقيف وتوعية وتوجيه الموظف من الناحية الإدارية.
والذي نتوخاه أن يتسع نشر رسالة هذا المعهد لتساير ركب التطور والتوسع الإداري الذي يزداد مع الوثبة الجبارة التي تخطوها هذه المملكة. وسوف لا يقنعنا أن يقتصر التدريب على فئات بسيطة من الموظفين لا تزيد نسبتها على 2٪ لكل مصلحة أو وزارة في العام.
وفي الوقت الذي أصبحنا بحاجة فيه إلى التوعية والتوجيه والإرشاد لصقل الكفاءة المغمورة وبعث روح العمل بالاستفادة من كل موظف. لئلا يكون حملاً على جهاز الدولة الذي هو في حاجة إلى كل منتج مقدر، عارف لواجبه، مؤد ما عليه لوطنه وحكومته، في هذا الوقت، يجدر بنا أن نتجه إلى "معهد الإدارة" ليوسع نشاطه نقول هذا مع علمنا بأن له صلاحيات محدودة، وميزانية خصصت لما هو قائم به فعلاً، لا يستطيع أن يتعدى حدودها، ولا يتمكن من التوسع إن أراد ذلك إلا تدريجاً وعلى قدر ما تدعو إليه الحاجة سنوياً.
هذا بلا شك أمر مسلَّم به، ولكن باستطاعة المسؤولين فيه توسيع نشاطهم على الرغم مما أشرت إليه، وذلك بالتضافر مع ديوان الموظفين العام، ومع المصالح الحكومية، وعلى سبيل المثال "الوظائف المستجدة الشاغرة" يعلن عنها بالصحف ويتقدم إليها طالب العمل، وتتوافر الشروط فيه وينجح.
والمصالح التي أعلنت لإشغال الوظائف الشاغرة، غرضها بلا شك الحصول على يد نافعة عاملة وتأتي هذه اليد بعد النجاح في المسابقة وفي غالب الأحيان يكون هذا الناجح بعيداً عن جو العمل الحكومي، فإما أن يبقى فترة "تحت التمرين" يشغل فيها زملاءه من الموظفين والمسؤولين، المكلفين بالعمل والإنتاج اليومي، بكثرة السؤال والاستفسارات، وإلا بقي حيث هو حتى يجد الفرصة أمامه للعمل.
وعن هؤلاء الناجحين، لو فكر "معهد الإدارة" هو وديوان الموظفين العام في احتضانهم لأخذ دورة تدريبية تنكشف فيها مواهب هذا الموظف وميوله وقدرته، والحقل الذي يستطيع أن يعمل فيه. وفي الوقت نفسه تزود فيها هذا الموظف بما هو في حاجة إليه "بصرف النظر عن مؤهله" لمعرفة أهم النظم والتعليمات المالية والإدارية. وبعد قضاء هذه الدورة التدريبية يحصل الموظف على شهادة من المعهد يحدد فيها بأمانة الدرجات التي حصل عليها الموظف أثناء التدريب والملاحظات التي يمكن أن تعتمد عليها المصلحة التي سيعمل فيها للاستفادة منه.
وليست هناك ضرورة لجمع الموظفين المستجدين المشار إليهم فيما سبق لأخذ الدورات التدريبية في مقر "معهد الإدارة بالرياض" لأن إمكانيات المبنى والخبراء تحول دون ذلك. بل يكفي أن تحدد فترة لحضور المحاضرات المفيدة في المعهد، أما فترة التدريب العملي فإن (للمعهد وديوان الموظفين العام) أن يطلبا الحصول على صلاحيات باعتبار الموظفين المستجدين تحت تصرفهما مهما كانت المصلحة التي يعملون بها أو الناجحين لأشغال الوظائف فيها - لقضاء فترة التمرين والتدريب بتوجيهات المعهد في الحقل العملي في المصالح الحكومية والإدارات المختلفة، ليلم الموظف بوضعية العمل ومسؤوليته وليستطيع بعد مروره على أعمال الأقسام المالية والإدارية، والتحريرية والسكرتارية والنسخ أن يحصل على تقرير من كل مصلحة قضى فيها فترة يوضح فيه نتائج ما ظهر لهذه المصلحة من صلاحية هذا الموظف في الحقل الذي يمكن توجيهه إليه ليعمل.
وبينما تحين الفرصة "لمعهد الإدارة" ليفتح فروعاً له في أهم المدن والمناطق وذلك أمر ضروري لأداء رسالته، فإنه يتعين أن يبعث المعهد بمن يقوم بإلقاء محاضرات للتثقيف والتوعية لموظفي المصالح المختلفة. وذلك بتحديد أوقات لهذه المحاضرات. وما دام هذا المعهد قد اضطلع بهذه المهام وفي مقدمتها التوعية. فإننا نأمل أن لا تقتصر التوعية على المحاضرات والتدريب العملي بل لا بد للنشرات والكتب من أن تطبع، وتوزع، وتعمم على المصالح، فيها توضيح، وفيها توجيه، وفيها تقريب، وفيها كل ما يحتاج إليه الموظف من معرفة، أو زيادة في المعرفة، يعرف منها كيف يجب أن يعمل، وما هي أساليب العمل المنتج، وما هو واجبه، وما مكانته في هذا المجتمع وأهميتها، وما هي النظم والتعليمات لمراحل العمل المختلفة ثم النصح والإرشاد والتوجيه إلى حسن المعاملة، مع زملائه، ومع رؤسائه، ومع مراجعيه، مع التحذير إلى ما يقضي به النظام من جزاء عند المخالفات، ثم لا بد أن يقوم المعهد مع مفتشين من ديوان الموظفين العام بجولات على كل دائرة وكل قسم لملاحظة سير العمل ووضع تقارير يمكن في ضوئها توجيه رئيس المصلحة لتلافي الأخطاء إن وجدت، على أن تكون هذه التقارير موضع بحث ودراسة من المعهد بصفة عامة، للعمل في حقل التوجيه والتدريب للتخلص من الأخطاء التي قد تظهر في الجهاز الإداري.
والتفتيش أمر هام للغاية، فقد افتقدناه إلا في بعض المهمات الحكومية كالمراقبة العامة، والشرطة، ووزارة المعارف، كل مصلحة لا بد لها من مفتشين داخليين أمناء، يراقبون ويحققون ويدققون ويرفعون التقارير إلى مراجعهم. وفي هذا بعض العلاج لكثير من أدواء الكسل والإهمال وعدم الشعور بالمسؤولية التي أصابت بعض الموظفين.
ومعذرة إن كان بعض ما شرحته قد أغضب قوماً، وسر آخرين، وما دام الهدف هو المصلحة العامة. ومعالجة الأدواء التي نعانيها بصفة عامة. فإن الحق أحق أن يتبع ليعرف الجميع أن الوظيفة تكليف وتشريف.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :667  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 287 من 414
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.