شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أبعاد فتنة التكفير؟!
ـ قتل (( أسامة بن زيد )) رجلاً شهد أن لا إِله إِلا الله.
فقال له النبي عليه الصلاة والسلام:
ـ يا أسامة.. أقتَلْته بعد أن قال: لا إِله إِلا الله؟!
فما زال يكررها على أسامة، حتى تمنى أسامة أنه لم يكن أسلم قبل ذلك اليوم!!
ـ يخلط بعض الذين يكتبون - وقد كثروا - بين الغلوِّ في الدين إِلى درجة (تكفير) كل مَنْ لا يوافقهم على غلوِّهم ودمويتهم، وبين (الفكر) في أبعاد معانيه.. فيُطلقون على ((التكفير)): فكراً، ولن يكون: الإِرهاب، والغلو، وإِباحة دماء الناس: ((فكراً)) أبداً.. فالفكر: تفكير، وهؤلاء لا يفكِّرون وإِنما: ينساقون خلف فتاوى ظالمة، و ((يتهيَّجون)) بسفك دماء الأبرياء!!
فإذا كان للإِرهاب، والتكفير، وقتل الأبرياء: (تفكير).. فما هي الأسس التي يقوم عليها هذا ((الفكر))؟!!
* * *
ـ لا حلول أخرى، ولا وسائل يتَّبعها هؤلاء الذي جاؤوا إِمتداداً للقتلة في مصر، ثم في الجزائر الذين يذبحون الأطفال والنساء كالنعاج.. فالحلول والوسائل: لمن يحمل هدفاً وفكراً نيِّراً، أو رأياً آخر على الأقل.. لكن هؤلاء يفتقرون إِلى (الفكر)، ولا يعترفون بالحوار وإِنما بالرصاصة والقنبلة، وآراؤهم تسقط دائماً في المنطقة الرمادية، أما هدفهم فهو منحصر في القتل، ثم القتل.. حتى لو أفنوا الأطفال، وبقروا بطون الأمهات، وهدموا البيوت الآمنة على أناس مسالمين جاؤوا من أوطانهم للمشاركة معنا في بناء التنمية، ولتوفير رزق كريم وافر لهم!!
ـ وإِذا أردنا تقديم مبادرة سريعة للبدء في معالجة فتنة (التكفير) التي أراد مروِّجوها أن تحلَّ بدلاً من (التفكير).. فنحسب أن أمامنا خطوتين نتَّجه بهما إِلى هذا البدء للتصحيح الذي نريده للعودة إِلى ((الإِسلام)) الأصيل البعيد عن التطرف والغُلوِّ.. وهما:
ـ الخطوة الأولى: الإِلتفات إِلى (المساجد)، والذين يعتلون منابرها ويخطبون للجمعة، والذين يهرعون إِلى المايكروفون ويُحدِّثون المصلين في بدء اِستغفارهم بعد الصلاة فلا يمكِّنونهم من الدعاء، بل يشغلونهم بما يسمّونها: الدعوة والإِرشاد!!
ونعرف أن هناك وزارة مسؤولة عن ترشيح (وانتقاء) هؤلاء الأئمة، لكنها لا تراقب كل ما يقولونه للناس، وأكثره مرتجلاً، وفي الحي الواحد نجد عدة مساجد بحمد الله، لكن توفير الإِمام المتمكِّن: باتت مهمة صعبة.. خاصة أمام ظاهرة عجيبة نلاحظها في بعض مساجدنا بالأحياء لا تحدث في المساجد، وتتمثل في مفاجأة المصلِّين بعد اِنتهاء فريضتهم بقيام شخص - على مرأى ومسمع من الإِمام، وربما استأذنه قبل الصلاة كما يقال! - فيمسك ذلك الشخص بالميكرفون، وكأنه ينطلق في صفوف الجهاد، أو كأن الجالسين في المسجد من المصغين إِليه لا يفقهون في أمور دينهم.. وكثير من الجالسين هم من ((العمالة)) التي لا تعرف العربية!!
وعن هذه ((النقطة)) بالذات كتب الكثير في الصحف منذ فترة بعيدة، عن إِصرار أئمة المساجد في الأحياء على فتح مايكرفون المسجد مع الأذان - وهذا مطلوب لدعوة الناس إِلى الصلاة، ونحسب أن هذا هو دور المايكرفون الأساسي - ثم الصلاة واستمرار إِبقاء المايكروفون مفتوحاً لنَقْل أصوات مَنْ يتحدثون بعد الصلاة مما يُسمُّونها أحاديث توعية!!
وقد رأيت وسمعت ذات مرة في مسجد الحي الذي يجاوره بيتي: قيام شخص بعد صلاة العشاء، وكان من المصلِّين، فأمسك بالمايكرفون، وأخذ يقصُّ رحلته (الإِيمانية) - كما وصفها - إِلى الشيشان، وإِلى بعض هذه الدول التي يذهب إِليها: (دعاة) ثم - بكل أسف - يطلب أهل ذلك البلد منهم الخروج لمغالاتهم وتشددهم.. وهناك حكايات تروى عن تلك الرحلات!!
فنحن لا نطالب (بمنع رفع صوت الله) كما اهتاج البعض في ردودهم.. بل وُضِعت المايكرفونات لتوصيل الأذان وإِعلام المسلمين بموعد الصلاة والحضور إِلى المسجد!!
* * *
أما الخطوة الأخرى الهامة.. فهي: ضرورة الإِلتفات إِلى مدارس البنين والبنات، وحتى الجامعات والكليات.. وما يجري هناك مما تقوم به ((شريحة)) من المغالين والمتطرفين - معلمين ومعلمات - من إِصدار فتاوى وتفسير لتشريع الإِسلام العظيم، وأيضاً: غسل أدمغة الأولاد والبنات بمزيد من الغُلوّ فوق سماحة ورحابة الإِسلام الذي درَّسه لنا معلمونا الذين التزموا!
والإِلتفاتة المطلوبة: هامة وذات بُعْد في اختيار (المعلم والمعلمة) ممن نثق في وسطية فكرهم الديني، وممن نأمنهم على أولادنا وبناتنا بين أيديهم بما يُغذُّون به عقولهم من معتقدات وأفكار تدفع بهؤلاء الغرسات في الوطن إِلى: التَّزمت وحتى الانفصال عن أُسَرهم وعزلهم داخل بيوتهم، ومجابهة الأب والأم بخطأ ممارستهما للحياة العادية إِلا إِذا انصاعا لما قاله المعلم والمعلمة!!
وإِذن.. علينا أن نتذكر أن الصحابة رضوان الله عليهم - وهم خير البشر بعد الأنبياء - (كانوا يتدافعون عن الفتيا.. كان يتدافعها العشرة والعشرون، كل رجل يريد أن يتحمَّل أخوه عنه مسؤولية هذه الفتيا.. فالإِقدام عليها من نصيب العلماء الكبار)!!
فعلينا أن نعيد النظر في اختيار المعلم والمعلمة، وخاصة في المرحلة الإِبتدائية التي تختار لها الدول الحضارية: معلمين يحملون الشهادات العليا!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1177  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 544 من 545
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.